الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

"صراع العروش" يفتح مواقع تصويره كمزار سياحي في أيرلندا.. و"المسيح وآخرون" يخرج من مصر.. تصاريح التصوير تدفع شركات الإنتاج للهروب من بلادنا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا خلاف على قوة الفن الناعمة في كل المجتمعات والعصور، منذ أن بزغ نور الفن بشكله العام مع بزوغ فجر التاريخ، وهو ما دفع رؤساء وملوك لرعاية الفن والفنانين واستخدامه كقوة في التأثير على المجتمع وتغيير أفكاره، وعلى سبيل المثال اهتمام الرئيس الراحل جمال عد الناصر بالفن والعملية الإنتاجية للأعمال الفنية ككل، إلى جانب استغلال الفن في التسويق السياحي والثقافي لكل مجتمع.


من هذا المنطلق قامت الشركة المنتجة لمسلسل "صراع العروش" الذي دارت أحداثه في 7 أجزاء، كان آخرها عام 2017، بفتح مواقع التصوير التي دارت خلالها أحداث المسلسل بـ"ايرلندا الشمالية" كمزارات سياحية للسياح، وذلك بعد النجاح الكبير الذي حققه المسلسل منذ تقديم الجزء الأول منه عام 2011،كما تستعد الشركة لإقامة معرض لكل ما يتعلق بالمسلسل من أزياء وأدوات وأسلحة وإكسسوارات، وكل ما تم استخدامه في هذا العمل، وستتاح للجمهور معرفة ما كان يجري وراء كواليس هذا العمل، وهو ما يعتبر سابقة فنية جديدة من نوعها، وفى الوقت ذاته يعتبر استغلال فني وسياحي لنجاح المسلسل الكبير وانتشار قصته حول بلدان العالم، خاصةً بعد تزايد متابعة الأجزاء الأخيرة من المسلسل وتزايد مبيعات الكتب والقصص التي تتناول أحداث العمل.


وفى مقابل ما تقوم به أيرلندا وغيرها من البلدان في استغلال الفن في تطوير وتغيير الثقافة السياحية في بلدانهم، تواجه مصر أزمة تقييد العملية الفنية من حيث تصاريح وتكاليف التصوير، ومن حيث اختيار الموضوعات الفنية التي تقبلها أو ترفضها الرقابة، وكان آخر هذه الأزمات فيلم "المسيح" الذي وضع السيناريو والحوار له السيناريست الراحل فايز غالى، وكان يأمل أن يقوم بإنتاج الفيلم وتقديمه للجمهور قبل رحيله، إلا أن الحصول على الموافقات من الجهات الرقابية والدينية حالت دون تنفيذ هذا العمل حتى رحيله، إلا أنه خلال الأيام القليلة الماضية قام نجله فادي غالى مع المخرج هشام عبد الخالق بفتح هذه القضية مرة أخرى من خلال تغيير اسم الفيلم إلى "المسيح وآخرون"، والحصول على أحكام قضائية بأحقية ورثة فايز غالى باستغلال واستخدام السيناريو الموضوع للعمل، ورغم قدم هذه القضية التي تعود كل فترة لتطرح للمناقشة، وبالأخص مع تجسيد الأنبياء والرسل، ورفض الأزهر الشديد لهذا التجسيد، التي ينقسم فيها علماء الدين بين مؤيد ومعارض، لن يجد صُناع العمل المخرج القانوني والفني لإتمام الفيلم وتقديمه، رغم أن مصر سبق وقدمت عمل سينمائي عن حياة وآلام السيد المسيح من خلال الشركة العربية للسينما مع معامل أستوديو الأهرام التي قامت بطبع وتحميض العمل، وشارك في هذا العمل مجموعة كبيرة من الفنانين المصريين، دون أي غضاضة في المشاركة أو تقديم عمل يجسد حياة المسيح، منهم الفنانة عزيزة حلمي والفنانة سميحة أيوب، إلى جانب مشاركة الفنان توفيق الدقن وفوزية إبراهيم، وهو نفس العمل الذي شارك فيه الفنان أحمد علام، ولم يعترض الأزهر في هذا الوقت الذي سبق قرار الأزهر في عام 1985 بمنع التجسيد للأنبياء بما يقرب من خمسين عامًا، وهو ما دفع الثنائي "غالى، عبد الخالق" للاتجاه لتصوير وتقديم هذا العمل بين دولتي إيطاليا والمغرب، رغم أهمية تقديم عمل بهذا الحجم وبهذا المقدار الذي سيضع مصر على قائمة الدول الفنية ليس في الشرق الأوسط فقط بل والعالم أجمع.


ولم تتوقف الأزمات الفنية عند هذا الحد، فمع الأعمال التي يتم الموافقة عليها يواجه صُناع الأعمال أزمة أخرى مع استخراج تصاريح التصوير، وبالأخص تصاريح التصوير الخارجي التي تتم في الشوارع العامة، حيث يصعب الحصول على هذه التراخيص وعند الحصول عليها يتم دفع مبالغ مالية إلى جانب المعوقات التي تواجه الفنانين في التصوير الخارجي من ظروف الشارع والمجتمع المصري، وهو ما يدفع الكثيرين إلى اللجوء إلى الدول الأخرى لسهولة التصوير بها، وهو ما يذكرنا بالنشاط الفني الذي شهدته بعض الدول العربية مثل سوريا قبل فترة الربيع العربي واتجاه معظم الأعمال الفنية في مصر والعالم إلى التصوير داخل سوريا لسهولة الإجراءات ومجانية التصوير في الأماكن العامة إلى جانب توافر الأماكن والمناظر الخلابة، وهو ما هدد الحركة الفنية في مصر خلال هذه الفترة، خاصةُ بعد أن اتجهت بعض الأعمال المصرية للتصوير بدولة سوريا مثال مسلسل "السائرون نياما"، الذي أخرجه المخرج محمد فاضل وتم تصوير معظم أحداثه بدولة سوريا، كما اتجهت بعض الدول الأوروبية لتصوير بعض الأعمال السينمائية التي تدور أحداثها حول حضارة مصر وتاريخها الفرعوني ببعض الدول العربية غير مصر مثل سوريا وبلدان منطقة المغرب العربي، وذلك لسهولة استخراج تصاريح التصوير والأهم مجانية هذه التصاريح واستغلال هذه الدول لهذه الأعمال للتسويق السياحي لها، وهو عكس ما يحدث في مصر حيال هذه التصاريح وبالتالي يؤدي إلى عزوف شركات الإنتاج العربية والعالمية عن تصوير أعمالها داخل مصر، كما حدث في فيلم "الآلهة والملوك"، الذي دارت أحداثه عن فترة خروج اليهود من أرض مصر وتم تصويره في جزر الكناري، وهو ما تكرر في فيلم "عودة المومياء.. الملك العقرب" الذي دارت أحداثه عن محاولة احتلال الملك العقرب لأرض مصر، وتم تصويره بدولة المغرب بدلا من مصر.

وبالنظر لهذه المعوقات الفنية وبالمقارنة مع ما قامت به دولة أيرلندا الشمالية تهدر مصر الكثير من طاقاتها الفنية وإمكاناتها السياحية البديعة التي تستطيع أن تستغلها أفضل استغلال من خلال تسهيل إجراءات التصوير وتخفيض تكلفتها المادية حتى نستقطب الدول الأخرى للتصوير داخل مصر واستغلال مناظرها السياحية الخلابة وبالتالي استغلال هذه السياحة والتسويق لها.