الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الرئيس والبطريرك.. تاريخ من حب مصر

البابا تواضروس والرئيس
البابا تواضروس والرئيس السيسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الترحيب بالرئيس السيسى والفرح بزيارته هو فرح بمصر وطننا الغالى علينا جميعًا»، بهذه الكلمات تحدث البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عن استقبال المصريين بالخارج للرئيس عبدالفتاح السيسى خلال زيارته الحالية للولايات المتحدة الأمريكية، حيث يلقى كلمة مصر أمام الأمم المتحدة.
"تواضروس والسيسي"
العلاقة القوية بين البابا تواضروس والرئيس السيسى، جعلت البابا يتحدث فى عظاته عن أهمية استقبال الرئيس السيسي، حيث قال فى إحدى عظاته خلال زيارته الحالية لأمريكا: «أحب أن أنتهز فرصة وجودنا معًا لنرحب باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأمريكا بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو يأتى فى زيارته المعتادة إلى الأمم المتحدة لكى يلقى كلمة مصر».
البابا الذى بدأ زيارته لأمريكا فى 13 سبتمبر الجارى أضاف: «باعتباره رئيس مصر فهو يمثل مصر بحالها، وعندما نحتفل ونرحب به ونفرح بزيارته فإننا نرحب بمصر وطننا الغالى علينا جميعًا، ونفرح بمصرنا وبلادنا».
وأشاد البابا بجهود الدولة والرئيس فى النهوض بالدولة، قائلًا: مصر تحاول أن تقوم من كبوات السنوات الماضية، وتحاول أن تنهض فى مجالات كثيرة، ويكفى أن أقول لكم بدءًا من الرئيس والحكومة والوزراء والمسئولين بصفة عامة آخذين على عاتقهم جدية كبيرة فى نهضة مصر، وطبعًا مصر وطن كبير يقترب من مائة مليون شخص، وهذا الوطن إمكانياته واقتصاده محدود، لذلك يعاني.
ومن كنيسة الملاك ميخائيل والشهيد مار مينا بولاية نيويورك، أعلن أحد الخدام بالكنيسة عن ترتيبات الكنائس فى كل الولايات لاستقبال الرئيس قائلًا: البابا شنودة الراحل كان مثال للوطنية، والبابا تواضروس يسير على نفس النهج فى حبه لمصر واهتمامه برحلة الرئيس السيسي. وأضاف: توجد أتوبيسات من كل الكنائس وسوف يتم توفير إقامة وأماكن لـ«البارك» مجانًا، مستطردًا: «وزى ما سيدنا قال إذا كان الوالد يأتى ليزورنا فيجب أن نرحب به، ونظرًا لوجود البابا فى الولايات المتحدة بالتزامن مع زيارة الرئيس السيسى لابد أن يكون الترحيب أقوى من المرات السابقة.
وأضاف: سوف تتحرك الأتوبيسات اليوم، الثلاثاء، خلال إلقاء الرئيس بكلمته أمام الجمعية العامة بالأمم المتحدة وسوف يتم توفير «أعلام وتى شيرت»، مختتمًا: وقد تبرع أحد الأقباط فى المهجر بهذا التجهيزات، وعلينا الخروج لنشرف مصر وسيدنا البابا، على حسب تعبيره.
الأنبا يؤانس أسقف أسيوط، والذى كان فى استقبال الرئيس السيسى بالمطار، قال فى كلمته بكنيسة مارجرجس بنيو جيرسي: «اللى فيكم بيحب أهله فى مصر يتفضل يطلع معانا يستقبل الرئيس وكل شخص له الحرية فى المشاركه من عدمه، مستطردًا: إحنا فى زمن لا نأمر فيه أحدًا فقد أحد انتهى زمن الأوامر، لكن من يحب أهله فى مصر يستجيب للنداء.
وأكمل أسقف أسيوط: بتكلم باسم البابا، فعندما زار البابا أسيوط، قال لى: «هكون هناك والجدول تم ترتيبه من أكثر من عام تعالى انت اشتغل الشغل بتاعك»، كما قام البابا بالتنبيه فى عظاته لاستقبال الرئيس.
ولفت: عشت مع البابا شنودة 20 عامًا، وأستطيع أن أقول: نحن الآن نعيش أزهى عصونا، فمنذ أن توليت خدمتى فى أسيوط كأسقف لها منذ أربع سنوات لم أواجه مشكله طائفية واحدة، وإذا حدث شيء يتم التواصل بسرعة من المحافظ ومدير الأمن.
واستطرد: المنيا بها ست إيبارشيات، وهى المنيا وأبوقرقاص وملوى ودير مواس ومغاغة وبنى مزار وسمالوط يوجد بها 6 آباء أساقفة، إنما إيبارشية المنيا وأبوقرقاص منطقة ملتهبة شوية، مشددًا: البعض يفسر حديثى بأنه هجوم على الأنبا مكاريوس، ولكنى أقول إنه أكثر الناس شهامة ويجرى على حق شعبه رافضًا الجلسات العرفية، لكن طبيعة منطقة المنيا وأبوقرقاص «ملتهبة».
«تواضروس» الذى أجاب عن سؤال أحد الشباب خلال اجتماعه بهم بإحدى كنائس هولديل بنيو جيرسى، عن عدد الرهبان تحدث عن عدد الأقباط فى مصر، موضحًا أن هناك 15 مليون مسيحى قبطى، عدد الرهبان 5 آلاف راهب، أكد أن زيارته إلى أمريكا تم الترتيب لها منذ أكثر من عام، ولا علاقة لها بزيارة الرئيس السيسي.
وشدد بابا الأقباط على أن مصر تتعرض لحملات كثيرة من التشكيك والأخبار الكاذبة، مستطردًا: فكونوا منتبهين وبضمير صالح أمام الله، كما نشكر الله على كل أحوالنا وأمورنا، عالمين أن كنيستنا عمرها ألفا سنة ومرت بالكثير من الأزمات، وهى كنيسة صامدة وقوية وناجحة وممتدة وكل هذا بعمل الله وبصلواتكم.
واعتاد المصريون المغتربون فى أمريكا، خاصة الأقباط، منذ عهد البابا شنودة، وجود لقاءات وتجمعات خلال زيارة الرؤساء المتعاقبين بدءًا من الرئيس الراحل أنور السادات، لكن اختلفت هذه اللقاءات والتجمعات خلال عهد الروساء.
فعندما زار الرئيس السادات أمريكا عام 1975، كانت المظاهرات التى نظمتها الهيئة القبطية الأمريكية والمناهضة للرئيس الراحل «السادات»، عقب توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، نقطة فاصلة فى العلاقة بين الرئيس والبابا شنودة، والتى أعقبها إيقاف البابا عن إلقاء عظته الأسبوعية، الأمر الذى رفضه البابا، ثم قرر البابا تصعيد الأمر، ووصل إلى إصدار قرار بعدم الاحتفال بالعيد فى الكنيسة، وعدم استقبال المسئولين الرسميين.
وخلال مظاهراتهم ضد «السادات» رفع الأقباط لافتات تصف حال الأقباط بالاضطهاد، وطلب السادات من معاونيه أن يتصلوا بالبابا ليوقف هذه المظاهرات، لتصبح القطيعة بين السادات والبابا عنوان المشهد، حيث أعتبر السادات أن المظاهرات بتحريض من البابا. فألغى قرار رئيس الجمهورية بتعيين البابا.
وجاء فى البند الثامن من قرار السادات «إلغاء قرار رئيس الجمهورية 2782 لسنة 81 بتعيين البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وتشكيل لجنة للقيام بالمهام البابوية من خمسة من الأساقفة، هم: الأنبا ماكسيموس، أسقف القليوبية، والأنبا صموئيل، أسقف الخدمات العامة وكنائس المهجر، والأنبا أجريجريوس، أسقف البحث العلمى والدراسات القبطية العليا، مدير المعهد العالى للدراسات القبطية، والأنبا إثناسيوس، أسقف بنى سويف، والأنبا يؤانس، أسقف الغربية»، وتحديد إقامة البابا بدير الأنبا بيشوى العامر بوادى النطرون.
قرار تحديد إقامة البابا شنودة جاء رغم وجود علاقات قديمة جمعت بين البطريرك والرئيس، والتى سجلها الكاتب «محمد حسنين هيكل» فى كتابه «خريف الغضب» مؤكدًا أن علاقتهما ترجع إلى عام 1953، عندما عملا سويا بجريدة الجمهورية، وبعدها كان الرئيس الراحل يتابع عملية اختيار البابا الجديد، ويتابع جميع المرشحين للمنصب البابوى فى منزله بالجيزة، وبحضور ممدوح سالم وزير الداخلية.
كما كانت زيارة البابا شنودة للولايات المتحدة سنة 1977، ولقاؤه الخاص مع الرئيس كارتر، أحد أسباب غضب الرئيس من البابا، ويروى البابا قصة الزيارة فى أحد لقاءاته، موضحًا: سافرت فوجدت استقبالًا عظيمًا من المصريين المسيحيين المقيمين فى أمريكا، كان من المقرر وفق جدول الزيارة أن ألتقى جيمى كارتر، الرئيس الأمريكى الجديد آنذاك.
ويكمل البابا شنودة: إلا أننى كنت غير مرتاح لطلب الإدارة الأمريكية لقاءى الرئيس الأمريكى، خاصة أنها المرة الأولى فى تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية التى يلتقى بطريركها رئيسًا أمريكيًا، فطلبت مرافقة السفير أشرف غربال، سفير مصر فى واشنطن، فى زيارتى للبيت الأبيض ليكون شاهدًا على ما سيدور فى اللقاء.
وأوضح: التقيت الرئيس الأمريكى لمدة نصف ساعة استفسر خلالها عن أوجه نشاط الكنيسة القبطية التى كان مهتمًا بها وتاريخها وآثارها القديمة، كما تحدث عن رحلة العائلة المقدسة إلى مصر. وقدمت له أيقونة ذات ثلاثة جوانب، على أحدها تظهر القديسة مريم، وعلى الجانب الثانى تعميد المسيح، وعلى الثالث تظهر قيامة المسيح.
«ناصح وغويط» هكذا وصف الرئيس السادات البابا شنودة، طبقًا لما جاء فى كتاب خريف الغضب، حيث كان السادات فى زيارة للكنيسة ونظر إلى ساعته خلال اجتماعه مع البابا وأعضاء المجمع المقدس، وقال موجهًا كلامه إلى البابا شنودة: لقد حان موعد صلاة الظهر وأريد سجادة صلاة، وأسرع شنودة بنفسه إلى غرفة مجاورة وجاء بسجادة صغيرة فرشها وسط مكتبه للسادات، وخرج الكل من القاعة، لكن شنودة لم يخرج إنما وقف بعيدًا وقد شبك يديه أمام صدره فى خشوع، وانتظر السادات حتى أتم صلاته، كان السادات ينظر إلى البابا ويحاول تقدير ردة فعله.
وخلال هذه الزيارة، وافق السادات للبابا شنودة على ضعف عدد الكنائس التى اتفق عليها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مع البابا كيرلس السادس الراحل، وعندما لاحظ السادات دهشة المستمعين إليه رد بقوله: «شنودة ظل طول الوقت يقول لى أنت رئيسنا وأنت زعيمنا وأنت رب العائلة».

البابا ومبارك
علاقة البابا شنودة الراحل بالرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، كانت هادئة وجيدة، فقد كان الوسيط فى محاولات الصلح بين الرئيس السادات والبابا شنودة، وقت توليه مهمة نائب رئيس الجمهورية.
والتقى «مبارك» عددًا من أقباط المهجر لمناقشة «القطيعة» بين الرئيس والبطريرك، وهو الموعد الذى لم يتم الترتيب له مسبقًا، بحضور عدلى عبدالشهيد، المحامى وعضو مجلس الشعب، مؤكدين لنائب الرئيس مبارك أن قرار البابا والمجمع المقدس بإلغاء الاحتفال الرسمى بعيد القيامة ليس مقصودًا به إثارة العالم الخارجى ضد الرئيس السادات وضد مصر. وطالب الوفد الذى التقى مبارك بإرسال مندوب رسمى عن الرئيس إلى البابا، وبعدها تحديد موعدًا لمقابلة مباشرة بين الرئيس والبابا للحديث وإزالة أسباب الخلاف.
فما كان من مبارك بالرفض متهمًا البابا بافتعال الأزمات قبيل سفر الرئيس السادات إلى أمريكا لتهييج الأقباط فى أمريكا لإحراج الرئيس والإساءة لسمعة مصر فى الخارج.