الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

في مثل هذا اليوم.. 1882 الخديو توفيق يُسرح جيش "عرابي"

الخديوي توفيق
الخديوي توفيق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقول عبدالرحمن الرافعي، «إن الخديو توفيق قرر القضاء على الروح القومية فى نفوس العسكرية المصرية ضباطا وجنودا، لكى يكون الجيش المصرى أداة مسخرة فى أيدى رؤسائه وضباطه الإنجليز».
وكان الخديو توفيق أصدر فى التاسع عشر من سبتمبر عام ١٨٨٢ مرسومًا خديويا بإلغاء الجيش المصري، عقب فشل الثورة العرابية عام ١٨٨٢، والتى تبعها دخول قوات الاحتلال البريطانى إلى مصر، دام سبعين عامًا حتى عام ١٩٥٦.
ولد محمد توفيق بن إسماعيل بن إبراهيم باشا بن محمد على باشا فى ١٥ نوفمبر ١٨٥٢، وهو الابن الأكبر للخديو إسماعيل، وهو سادس حكام مصر من الأسرة العلوية، وتوفى فى قصر حلوان بالقاهرة فى ٧ يناير ١٨٩٢. 
وشهد عهد الخديو توفيق الثورة العرابية، ثم الاحتلال البريطانى الذى حظى بتأييده، وفى عام ١٨٨٤ سقطت الخرطوم فى يد الثورة المهدية وقتل الحاكم المصرى للسودان تشارلز جورج غوردون، وفقدت مصر حكم السودان، وأصدر فى ١ مايو ١٨٨٣ القانون النظامي، الذى بمقتضاه شكل مجلس شورى القوانين.
يذكر أن الجيش المصرى هو أول وأقدم جيش نظامى فى العالم تأسس قبل ٧٠٠٠ سنة، والذى أنشأ كـ«جيش نظامي» بعد توحيد الملك نارمر لمصر حوالى عام ٣٢٠٠ ق. م، حيث إنه كان قبل ذلك لكل إقليم من الأقاليم المصرية جيش خاص به يحميه، ولكن بعد حرب التوحيد المصرية أصبح لمصر جيش موحد تحت إمرة ملك مصر.
وكان الجيش المصرى أقوى جيش فى العالم وبفضله أنشأ المصريون أول إمبراطورية فى العالم وهى الإمبراطورية المصرية الممتدة من تركيا شمالًا إلى الصومال جنوبًا، ومن العراق شرقًا إلى ليبيا غربًا، وقد كان ذلك هو العصر الذهبى للجيش المصري، كان المصريون هم دائمًا العنصر الأساسى فى الجيش المصري.
نستطيع أن نقول إن عرابى كان «درويشًا»، خاصة أنه لم يكن متعلما فهو التحق بالجيش المصرى فى عهد سعيد باشا بن محمد على ولم يكن حصل على أى شهادة، فهو حفظ القرآن فى كتاب القرية وتعلم القراءة والكتابة، ورقى إلى رتب الضباط رغم أنه متطوعا. وفى الثورة العرابية حصل توفيق على مرسوم من الأستانة ومن السلطان العثمانى بعصيان عرابى.. وخروجه من الملة ولعل هذا المنشور الذى جعله يقيم حفلات الذكر والتكبير لدفع تهمة التكفير عنه.. ولكن لم يثبت أنه عنصريا.
ويحكى الرافعى عن المذبحة التى شهدتها الإسكندرية قبل الاحتلال الإنجليزى بثلاثة أشهر وبالتحديد يوم الأحد ١١ يونيو ١٨٨٢، وكان سببها أن أحد المالطيين ركب عربة وأخذ يدور بها على حانات الخمر فى الحى الأوروبى إلى أن وصل إلى قهوة كانت تُسمى «قهوة القزاز». 
وكان هذا المالطى سكرانًا فأعطى سائق العربة قرشًا واحدًا فاستاء السائق وطلب منه الأجرة التى يستحقها فغضب المالطى وأخذ سكينًا من سكاكين القهوة التى تستعمل لقطع الجبن كانت مربوطة فى خيط كبير متصل بخوان القهوة ثم طعن بها السائق، فكانت الطعنة قاتلة لأنها أصابت أحشاءه، ثم جاء رجل لمساعدة الجريح فقتله يوناني، وحينئذ ثارت مشاجرة قتل فيها خباز يونانى كان يعيش فى البناء الملاصق للقهوة. 
وكان معاون قسم اللبان — وهو القسم الذى حدثت فيه هذه المشاجرة — إيطاليًا، فلم يفعل شيئًا جديًا لإيقاف المشاجرة، فانتشرت حتى صارت مشاجرات فى كل مكان، وهذه المشاجرات هى التى سميت مذبحة الإسكندرية.
ولقد أحدث وصول الأسطول الإنجليزى إلى مياه الإسكندرية شعورًا عدائيًا شديدًا بين المصريين والجالية الأوروبية، فالأوروبيون رأوا فى حضوره مقدمات أولى للحرب فأصبحت معاملاتهم للأهالى على شيء كبير من العنف، وكانوا يقولون: «الآن سترون ماذا نفعل»، وبالنسبة للمصريين أصبح الحادث موضع حديثهم اليومى وأثيرت بينهم احتمالات كثيرة، وانتشرت فكرة جديدة، هى أن الجنود ستنزل من الأسطول إلى البر، وأن البلاد ستحتل بالإنجليز، وكثيرًا ما سئلت فى هذه الأثناء عما إذا لم تكن هذه نية الأسطول الحقيقية.
وازداد هذا الظن رسوخًا عندما عرف أنه كتب عقد بين الأميرال سيمور والمسيو كنراد، لتموين الأسطول لمدة ثلاثة أشهر، وأصبح الناس ولا حديث لهم إلا ذلك الهياج، وقد سبب هياج الأفكار هذا فزع الأوروبيين، خاصة الإنجليز والمالطيين منهم الذين كانوا دائمى الاستشارة لقناصلهم فى الطريقة التى يتبعونها لحماية أنفسهم فى حالة حدوث اضطراب. 
وقد أخبرهم مستر كوكسون بأن يستعدوا لحماية أنفسهم فى أواخر مايو أو أوائل يونيو، وعرف فى الوقت نفسه أنه أرسلت آلات نارية من بلاد اليونان لتسليح الأروام بالإسكندرية، واشترى الإنجليز كل ما عثروا عليه منها فى المدينة، وعلمت من موظفى مصلحة الجمارك أن بنادق ومسدسات من ماركة «شليدر» أرسلت إليهم من الأسطول، وبناءً على ذلك أصبح حدوث معركة من المسائل المؤكدة تقريبًا.
هذه هى الحادثة التى سميت «مذبحة الإسكندرية» وقد حدثت فى ١١ يونيو، وفى مثله من شهر يوليو ضرب الأسطول الإنجليزى مدينة الإسكندرية، فكأنما كان مقدرًا على هذه المدينة أن يكون يوم ١١، يومَ شؤم عليها وعلى مصر فى الشهرين.