الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

فضائيات البيزنس الخفي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصبحنا نسمع عن الإعلام لا منه، وصارت صفقاته حديث الصباح والمساء، أما تأثيره فشبه معدوم، وعدم الرضا عنه انتقل من المواطن إلى الرئيس ثم طال الإعلاميين أنفسهم. شكاوى كانت همسًا ثم جهرًا.. من محاولات الدولة السيطرة على القرار فى الإعلام الخاص من خلال حصة تمكنها من ذلك، وشكاوى سبقتها من خسائر فادحة منى بها ملاك القنوات ليس الآن، ولكن منذ سنوات، وربما منذ بدء البث. حتى أن بعضهم صرح بأن استمرار القنوات مع نزيف الخسائر ضريبة مستحقة الدفع من أجل الوطن لإيمانهم بالرسالة الإعلامية والدور الوطنى المنوط بهم، وإذا تعاملنا مع هذه التصريحات على أنها حقيقية، فما المانع من بيع حصة للدولة تمكنها من الإدارة وفقًا لاستراتيجية يرى صاحب القرار أنها الأنسب فى هذه الظروف الاستثنائية.
أصدق ملاك القنوات فى الخسائر التى تكبدوها فى السنوات الماضية، لكن الدور الوطنى الذى يقدموه من خلال قنواتهم لا أستطيع تصديقه لأسباب كثيرة، لعل أبرزها تلك الأجندات الخاصة بهم والتى تطغى على الخريطة البرامجية، كما أن هناك مجموعة من الحقائق لا بد من التوقف أمامها لمعرفة أسباب استمرار هذه القنوات رغم الخسائر التى تتكبدها، وأبرزها نجاة ملاك القنوات من السجن أثناء أحداث يناير ٢٠١١، فقد كانت قنواتهم الساتر الذى اختبأوا خلفه، حتى أن بعضهم فتح ساعات البث لرموز هذه الأحداث، يقدمون برامج ويتقاضون أجورًا مرتفعة، وبذلك يضمنون النجاة من القوائم السوداء التى ملأت جوانب ميدان التحرير، وكان هذا المبدأ (شيلنى وأشيلك) طوق النجاة الذى أنقذ أصحاب القنوات من السجن، فلم نجد رجل أعمال يمتلك قناة قضى فى السجن يومًا واحدًا، وهو ما دفع البعض لتأسيس فضائيات بعد أحداث يناير.
كما أن ثروات طائلة حققها رجال الأعمال من خلال قنواتهم، فرأينا من يضغط على بنوك تطالبه بسداد قروض حصل عليها، أو يضغط على مسئولين للفوز بأراض زراعية، تحولت فيما بعد لمناطق سكنية حققت لهم مليارات الجنيهات.
لقد أنفق الإعلام الخاص العام الماضى ٦ مليارات جنيه، وكان العائد مليارين ونصف تقريبًا، فلماذا يصر أصحاب القنوات على تحمل هذه الخسائر؟! المبرر الوحيد للاستمرار رغم الخسارة هو مكاسب أكبر يحققها لهم الضغط على المسئولين، أو غسيل أموال، أو ممارسة أنشطة ممنوعة وتكون القنوات واجهة يختبئون خلفها.
مالكى القنوات من رجال الأعمال يعتقدون أنهم أصحاب فضل على السيسى لأنهم وقفوا معه ضد جماعة الإخوان، ونسوا أن الوضع معكوسًا، فالسيسى هو من وقف معهم ومع الشعب ضد حكم الجماعة، ولو استمر الإخوان فى الحكم لكان رجال الأعمال أكثر المضارين، وعلينا أن نتذكر محاولة استيلائهم على مصنع فى العين السخنة يمتلكه أحد رجال الأعمال، ولولا إزاحتهم لكان فى حوزتهم، وهو ما دفع هذا الرجل لتأسيس قناة فضائية لحماية ممتلكاته إسوة بزملاء له لم يقضوا فى السجن يومًا واحدًا مثلما قضى.
الإعلام «بيزنس» إلى جانب كونه رسالة، وعرف البيزنس يقول إن خسارة شركة لثلاث سنوات متتالية يستوجب إغلاقها، والقنوات الخاصة وفقًا لتصريحات أصحابها تحقق خسائر منذ سنوات، وبعضهم أكد أنه لم يحقق أية أرباح منذ خمسة عشر عامًا، فلماذا الإصرار على الاستمرار؟ ولماذا الخوف من الشراكة مع الدولة؟ أتمنى ألا تتجه الإجابة إلى حرية الرأى وسمو الرسالة ومثل هذه الشعارات التى تاجر بها بعض أصحاب القنوات طوال الفترة الماضية، هناك بيزنس خفى كان سببًا فى حالة الرعب التى انتابت أصحاب القنوات عندما لوحت الدولة بشراء نسبة من الأسهم.
لست مع سيطرة الدولة على كل وسائل الإعلام، ولا مع إعلام الصوت الواحد، لكن الفترة الحالية تستوجب توحيد الخطاب، مع وجود أصوات عاقلة تعارض لتصحيح المسار. 
لقد ارتمى بعض أصحاب القنوات فى أحضان جماعة الإخوان، وكانوا من قبلها يعارضون وجودها ليس على شاشتهم.. ولكن فى الحياة السياسية، ثم ارتموا بعد ذلك فى أحضان رموز أحداث يناير، وها هم يتظاهرون بتقديم فروض الولاء والطاعة للسيسي، وغدًا يقدمونها لغيره، هذا النفاق لكل الأنظمة، وهذه الخسائر المعرضة للتزايد فى الفترة المقبلة، تضع العديد من علامات الاستفهام حول استمرار بث قنوات رجال الأعمال.