الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس سهيل سعود يكتب: إلى متى يا رب هذه الحروب؟

القس سهيل سعود
القس سهيل سعود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتكرر كل يوم، مشاهد الحروب و القذائف والتفجيرات، التى تقتل الأبرياء، وتميت الناس غير مميزة، بين كبار وصغار، بين أطفال تلعب فى الطرقات، وأمهات يركضن وراء أولادهن لحمايتهم. وهكذا تتكرر المآسي كل يوم. ويعلو وعويل الأمهات، صارخات إلى الله، مع النبي حبقوق، الذى توجّه إلى الله بصلاة عتاب، قائلا له: «حتى متى يا رب أدعو، وأنت لا تسمع؟ أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلّص؟... يا رب عيناك أطهر من أن تنظرا الشر. ولا تستطيع النظر إلى الجور. فلم تنظر إلى الناهبين، وتصمت حين يبلع الشرير، من هو أبرّ منه؟» (حبقوق ١: ٢ و١٣). 
يخبرنا الرسول يعقوب، أن دوافع الحروب، تأتي من داخل قلب الإنسان الشرير، الذى يتلذّذ ويتمتع فى صنع الحرب. الحروب تأتى من حسده وغيرته، بأن يسلب من الآخر ما لا يملكه هو. الحروب تأتى لأن مطالبه ونواياه ردية، لا يطمح سوى إعلاء ذاته، على حساب دماء الأطفال والأبرياء. سأل الرسول يعقوب، السؤال الذى نسأله كل يوم: «من أين الحروب والخصومات؟ أليست من هنا من لذاتكم المحاربة فى أعضائكم؟ تشتهون ولستم تمتلكون. تقتلون وتحسدون، ولستم تقدرون أن تنالوا. تخاصمون وتحاربون ولستم تمتلكون، لأنكم لا تطلبون. تطلبون ولستم تأخذون، لأنكم تطلبون رديا، لكى تنفقوا فى لذاتكم» (يعقوب ٤: ١-٣).
إن الضرر الكبير التى تسببه الحروب على البشر، قد أدركته هيئة الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. فرعب معارك الحرب العالمية الثانية، وهول المآسى ومرارة الآلام التى خلفتها، جعلت هيئة الأمم المتحدة تشدد فى برامجها، على نشر تربية جديدة، لا تمجّد الحروب ولا تتغنى بالعنف، بل تربية جديدة، تحترم الحياة وتنظر إلى الإنسان كقيمة روحية، لأنه مخلوق على صورة الله ومثاله. تربية جديدة شافية تسعى لتضميد جروحات المجتمع لا لتعميقها. تربية جديدة جامعة تسعى لجمع الناس لا لتفريقهم. تربية جديدة تصالحية تسعى لإعادة وصل العلاقات بين الناس لا لقطعها. فهذه التربية الجديدة اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة، لتكون هدفها الأول للقرن الحادى والعشرين. لقد رأت هيئة منظمة الأمم المتحدة، أن العنف المنتشر فى أرجاء كثيرة من العالم، هو ثمرة تربية سلبية، أثّرت عبر السنين على طريقة تفكير الفرد والمجتمع وأسلوب معالجته للأمور، بحيث تعاملت مع العنف والحرب، كوسيلة اجتماعية مقبولة لمعالجة النزاعات. لكن اختبارات التاريخ، تبرهن، أن الحرب لا تولّد إلا الحرب، والعنف لا يولد إلا العنف. لكن السلام لا بد أن يولد السلام. 
قال أحد الحكماء، «لا يوجد طريق للسلام، لأن السلام هو الطريق». فالأسلوب الذى نتبع فيه السلام، هو فى الحقيقة السلام نفسه. السلام يتطلب أمرين أساسيين «الشجاعة والتربية». قالت المربية بيتى ريردون: «التربية على السلام، هو منهج الشجعان» وهذا صحيح لأن قرار صنع السلام يتطلب شجاعة، أكبر من قرار صنع الحرب. فى تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة عام ١٩٩٣ حول العنف، ورد ما يلي: «كما تبدأ الحرب فى الذهن، هكذا يبدأ السلام من الذهن». 
لهذا حاجتنا قصوى فى منطقتنا الشرق أوسطية إلى التربية على السلام، كيما تتوقف الحروب وتضمّد الجراحات، ونعيش فى سلام.
يقدم الإنجيل مفهوما رائعا للسلام، أوسع بكثير من مفهوم السلم، ووقف النزاع والحروب. فمفهوم سلام الإنجيل، يعانق الحياة فى كمالها. سلام الإنجيل، يعنى أن يكون الإنسان فى راحة كاملة، ليس فقط بسبب غياب الحرب، بل أن يكون فى راحة كاملة: مع الله ومع نفسه ومع الآخرين ومع البيئة.