الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الإمبريالية المتغطرسة".. كتاب أمريكي يبرر إرهاب "بن لادن".. والكاتب يكشف أسرار فشل واشنطن بحربها على الإرهاب.. ويتهم مخابرات بلاده بالتسبب في دمار العالم

كتاب أمريكى يبرر
كتاب أمريكى يبرر إرهاب «بن لادن»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«أسامة بن لادن» أحد أبرز قادة الإرهاب فى التاريخ، بعد أن برز اسمه مع نهاية ثمانينيات القرن الماضى وحتى مقتله فى 2011، فهو زعيم تنظيم القاعدة السابق لسنوات، واستطاع أن يشغل اهتمامات الرأى العام العالمى لسنوات طويلة حتى بعد مقتله، حيث تلاحقه أسراره وأهواله التى تتكشف بين الحين والآخر.

كانت الأسرار فى حياة «بن لادن» ظلت غامضة ومجهولة لأجهزة الاستخبارات العالمية وتحديدا الأمريكية إلى أن قتل فى إحدى المداهمات على منزله مع نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة، هذه الأسرار بدأت تظهر ملامحها بعد أن عثرت المخابرات الأمريكية على مفاتيحها فى منزله الأخير بباكستان؛ حيث احتوت مكتبته الشخصية على مجموعة كتب مختلفة، كان أبرزها مطبوعةً للضابط المسئول عن وحدة البحث عنه بالمخابرات الأمريكية وهو «مايكل شوير».
كتاب «شوير»، الذى حمل عنوان «الإمبريالية المتغطرسة.. لماذا يخسر الغرب حربه على الإرهاب؟»، كان ضمن المقتنيات التى عُثر عليها فى منزل الزعيم الإرهابي، وهو الأمر الذى برره الضابط السابق بالمخابرات، قائلًا: إن «بن لادن كان يعى من يفهمه عن كثب، وهذا أنا الذى استوعبه».
فالكتاب الذى يحمل عنوان «IMPERIAL HUBRIS Why the West Is Losing the War on Terror»، يقدم رؤيةً نقديةً للسياسات الأمريكية تجاه ملفات الإرهاب والتطرف الراديكالي، متطرقًا إلى المفاهيم الإسلاموية التى جعلت من شخصية «بن لادن» ملهمًا للتطرف.
وتحدث الكتاب عن الاستراتيجية الأمنية والسياسية لإمبراطورية الولايات المتحدة، متهمًا إياها بالغطرسة والميول الاستعمارية التى ستقودها حتمًا نحو الهزيمة، فبينما يتجه الغرب لاستكمال الإدارة الدولية بعد حرب أفغانستان والعراق، تمنح الجماعات الراديكالية لعناصرها شرعيةً أكبر؛ لمحاربة أولئك الذين يعتبرونهم أعداء.

معاداة المسلمين
واتهم «شوير» قادة الولايات المتحدة بالغفلة عن هذه الحقيقة، وعن التهديد الشديد الذى تواجهه البلاد؛ جراء تلك السياسات التى تزيد العداء والراديكالية؛ لذا عليهم تجنب الفخر الزائف والإفراط فى الجهل والجبن.
كما نصح الضابط السابق مسئولى الغرب جميعًا بالكف عن نشر الكراهية والعداء للمسلمين، وعدم التباهى بقدرتهم الخارقة على خلق الديمقراطية فى أى مكان يختارونه، متجاهلين التاريخ الحقيقى للإنسانية.
وأكد «شوير» على أن الحرب فى أفغانستان كانت ضروريةً، لكنها ضاعت بسبب الغطرسة الأمريكية المعهودة، معترفًا بالفشل فى إحلال السلام فى أفغانستان بعد عام ١٩٩٢، إضافة إلى تكرار الحكومة نفس الإخفاقات.
أما بالنسبة للغزو الأمريكى للعراق، فيرى الكاتب أن هذه الحرب كانت اقتصاديةً بامتياز، معترفًا بأنها معركة عدوانية، وليس لها مبرر، بل على العكس كانت موجهةً ضدّ عدوٍّ لم يشكلْ تهديدًا فوريًّا للدولة.
فيما أشار المؤلف -فى كتابه المعارض سياسات الدولة التى كان مسئولًا عن تأمينها- إلى خطورة الاستخفاف بقوة الكراهية الجماعية، وهى تلك الكراهية التى ينشرها الغرب، ولا يأبه بسطوتها.
وهى أيضًا تلك الكراهية والمشاعر البغيضة التى يستغلها القادة الأصوليون؛ لشحذ همم العناصر صاحبة الأيديولوجيات المتعثرة والمتراخية، فسواء نظرنا إلى «بن لادن» على أنه متطرف مختل، أو صاحب قضية كما يزعم البعض، فإن نشر الكراهية يساعد هؤلاء الإرهابيين على تقوية شوكتهم.

اليمين المتطرف
وبرر شوير تلك المنهجية التى يتبناها على أساس قناعاته، بأن المسلمين أو كثيرًا منهم لديهم علاقة حماسية وجليلة مع الله والرسول محمد- صلى الله عليه وسلم-، ورغم أنه لم ينكر وجود العلاقة نفسها لدى الأديان الأخرى، إلا أنه أشار إلى أن الإيمان المفرط لدى المسلمين واعتقادهم الراسخ بمبدأ «إنِ الحكم إلا لله» يختلف كليًّا عن عقائد الآخرين، فعندما تُهين دينهم وروافدهم الفكرية بدعوى الحرية أو الرجعية فهم يتأثرون كثيرًا.
وأوضح أن بعض عناصر اليمين المتطرف، أو متطرفى الديانات الأخرى، يتعمدون السخرية والتهكم على النبى محمد، قائلًا: «هؤلاء أيضًا يلعبون دورًا جليًّا فى منح الشرعية للإرهاب، وإزكاء روح الكراهية مع شعوب لا تهدد الوجود الأمريكي».
كما شرح الكتاب وجهة نظر مخابراتية أسباب خسارة الحرب الغربية على الإرهاب، ويشير الكاتب إلى دور المصرى «سيف العدل» فى قيادة الوحدة العسكرية والتكتيكية للتنظيم؛ حيث إن «سيف» كانت مهمته الأولى هى تأمين البقاء على قيد الحياة لعناصر التنظيم.
وكانت عقيدته العسكرية ترتكز على ٣ بنود رئيسية، وهى تجنب تركيز القوات فى منطقة واحدة، ومن ثم منع هزيمة كارثية، إضافة إلى حماية كبار القادة إلى أقصى حد، وتدمير الخصم على كل المستويات المختلفة عسكريًّا، واقتصاديًّا، وسياسيًّا، ومعنويًّا، فالتنظيم كان يعى جيدًا قوة وسطوة القوات الأمريكية، فى حين أن الأمريكان استهانوا بالعدو.
هذه الاستهانة تسببت فى أحداث الـ١١ من سبتمبر، وغيرها من الأحداث الدامية التى كبدت دول الغرب خسائر فادحة على مستوى الأرواح والممتلكات، بحسب الكاتب.
فيما يشير «شوير»، فى أحد فصول كتابه إلى مصطلح «الديمقراطية الافتراضية»، وهى التى روجها صناع القرار السياسى بالغرب، بمساعدة الآليات الإعلامية والصحفية التى دعمت الأطروحة، والتى تفيد بأن الرئيس الأمريكى الأسبق «جورج بوش» ليس حاكمًا للولايات المتحدة فقط، بل حاكم العالم الحر، وهو الدور الذى جعله يتسبب فى منح العالم مزيدًا من الفوضى.
فالغرب يغرق العالم يوميًّا بأخبار ومتابعات تروج النصر فى أفغانستان، وتدمير طالبان، والقضاء على قادة القاعدة فى الكهوف الأفغانية، وإن الأنظمة الموالية للغرب والديمقراطية هى التى ستحكم العالم، وفقًا للكتاب. بينما يحمل أحد فصول الكتاب عنوان «بن لادن.. العدو الذى نريده وليس الشخص الذى نواجهه»، فى اتهام واضح وصريح للإدارة الأمريكية بأنها تدير حربًا مع الإرهاب وفق شروطها الخاصة، ولما تريد الحصول عليه، وليس لما تقدمه المعلومات.