السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

قراءة في الصحف

لوموند: الجزيرة تمنع عرض فيلم يكشف الجماعات الموالية لإسرائيل في الكونجرس الأمريكي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أكد الكاتب الصحفي بينجامين بارت، في تقرير نشرته جريدة "لوموند" الفرنسية، أن قناة الجزيرة القطرية اضطرت تحت ضغط السلطة التي لا ترغب في إثارة غضب الأمريكيين، التخلي عن قرار بث  " The lobby-USA"، وهو فيلم تسجيلي حول جماعات الضغط السياسي التي تدافع من ما وراء البحار عن مصالح حكومة بنيامين نتنياهو.


وتابع: "هي قصة فيلم تسجيلي محظور، أثار حوله البلبلة، على خلفية الوضع المعقد والجيوستراتيجي في الشرق الأوسط. ويتضمن الفيلم أربعة أجزاء، ومدة كل واحد منها 50 دقيقة، منعتها الرقابة في الجهة المنتجة: قناة الجزيرة، الذراع الإعلامي لدولة قطر، وكان مصير هذا الفيلم الذي يكشف أسراراً دفينة، مع نهاية 2017 وبداية 2018، مصدر هوس بالنسبة للأوساط الموالية لإسرائيل وتلك الموالية للفلسطينيين كذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حذرت المجموعة الأولى بشدة من بث هذا الفيلم فيما تحمست المجموعة الثانية لخروجه إلى النور كمن ينتظر رسولاً، والسبب أن فيلم " The Lobby-USA" ، كما يدل عليه العنوان، يسلط الضوء على عدد لا يحصى من جماعات الضغط التي تدافع من ما وراء البحار عن مصالح حكومة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الرافض لإنشاء دولة فلسطين.

واستطرد: "الفيلم يسرد مشاهدات مراسل صحفي تسلل داخل صفوف هذه الجماعات وصور بـ"كاميرا خفية"، الأساليب السرية التي تعتمدها هذه المنظمات، الغنية بالهبات، في بناء دعم سياسي شبه إجماعي داخل الكونجرس، بهدف التصدي لخصومهم في معركة كسب دعم الرأي العام، وكان متوقعا ظهور حقائق مثيرة. حيث تعرض فيلم تسجيلي سابق من نفس النوع، لمسار اللوبي الموالي لإسرائيل في المملكة المتحدة، وتم بثه في بداية 2017، ويظهر فيه دبلوماسي إسرائيلي يتآمر مع مسؤول رفيع المستوى، لـ"الإطاحة" بوزير معروف بمواقفه المساندة للفلسطينيين، ووجد نفسه متلبسا في قضية تدخل في الحياة السياسية البريطانية، حيث اضطرت السفارة الإسرائيلية إلى نشر بيان اعتذار رسمي وطرد موظفها المغمور من البلاد، وقامت آنداك سلطة ضبط المجال السمعي البصري البريطانية Ofcom، بنسف اتهامات "المعاداة للسامية" الموجهة للقناة.


تسريب بعض مشاهد الفيلم:

وتابع: "وبعد مرور مدة طويلة على تعليق بث الفيلم، وتكرار تأجيل بثه، قرر صاحب التحقيق بدوره، الصحفي الأمريكي كلايتون سويشر، وهو مسئول خلية التحريات في قناة الجزيرة، إلى تأكيد ما تداولته الصحافة الإسرائيلية، منذ أيام حول قرار التضحية بالفيلم باسم المصلحة العليا لدولة قطر، وأشادت كبرى المنظمات اليهودية الأمريكية وإدارة ترامب بقرار السلطات في الدوحة بتجميد بث الجزء الأول للفيلم، ويأتي هذا القرار في سياق تشهد فيه منطقة الخليج حربا باردة بين المعسكر الموالي للسعودية  والمعسكر القطري، الذي يفرض عليه جيرانه حصارا بتهمة مغازلته لإيران والإسلاميين في الشرق الأوسط، ولأن الإمارة الصغيرة تدرك جيدا انها لا تمثل ثقلا كبيرا في مواجهة الرياض، في حال ما تخلت عنها واشنطن، فقد كان من الأفضل لها أن تتكتم على هذا الموضوع الحساس جدا وتحكم "القفل" على بوقها الإعلامي، ولا يهم إن كان هذا الإجراء التعسفي  يرمي بادعاءاتها بـ"الاستقلالية" عرض الحائط، ما دامت القناة ممولة 100 بالمئة من السلطات القطرية، لكن يبدو أن القرار  لم يجد صدى داخل القناة، حيث أقدم "كلايتون سويشر"، في مبادرة يتحدى فيها المسئولين عنه، على الذهاب في إجازة تفرغ، ومنذ بضعة أسابيع، وكما كان متوقعا، بدأت بعض مشاهد هذا الفيلم الغامض تتسرب عبر الإنترنت وفي الإعلام. حيث قام موقعين أمريكيين يدعمان القضية الفلسطينية "The Electronic Intifada و Grazy Zone"، بنشر بعض المشاهد، كما تمكنت صحيفة "Le Monde Diplomatique" بعدها من الحصول على نسخة للفيلم- تقريبا نهائية- للأجزاء الأربعة، و نشرت معرضا مطولا حول محتوى الفيلم، نقلته  بدورها المجلة الطلائعية الأمريكية The Nation.

وما يمكن التطرق إليه حيال القراءة الأولى للعناصر الواردة، تكشف الشهادات التي جمعها صحفي الجزيرة، والمدعو "طوني"، والعملية الاستقصائية التي أجراها زملاؤه في الفريق، أمرا أساسيا وهو عملية المضايقة الإلكترونية المنهجية، التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية، ضد أنصار حملة BDS (Boycott-Désinvestissement-Sanction)، وهي الحركة التي تنادي بمعاقبة الدولة العبرية ما دامت تواصل احتلالها للأراضي الفلسطينية، وهو ما يعتبر تكتيك سلمي، مستلهم من حركة النضال ضد نظام التمييز العنصري "الأبرتهايد" في جنوب إفريقيا، والذي يسجل نجاحا  مستمرا، حيث قامت  مطربة البوب الأمريكية "لانا دال راي"، مؤخرا بالانسحاب من مهرجان  منظم في شمال إسرائيل.


شكل من أشكال "الجاسوسية":

ويظهر الفيلم التسجيلي كيف تلجأ شركات مريبة ومتطورة جدا من رصد أنصار "بي دي إس" على شبكة الإنترنت، والذي أصبح شعارهم رائجا بقوة  داخل الحرم الجامعي الأمريكي، وجمع معلومات  حول حياتهم الخاصة أو المهنية بغرض تشويه سمعتهم، ليدرج بعدها اسم  كل طالب أو أستاذ جامعي يعبر عن تعاطفه مع  هذه الحركة، ضمن قائمة سوداء تحمل اسم " إذا كنت عنصريا، على العالم أن يعرف ذلك".

ويؤكد مدير اللجنة الطارئة من أجل إسرائيل نوا بولاك، والذي يظهر في إحدى مشاهد الفيلم يقود مظاهرة مفتعلة ومزيفة ضد جماعة مساندة للفلسطينيين، أنه من أجل إثارة الشبهات حول أية رسالة، يجب تشويه سمعة صاحب الرسالة، حين يتحدث الجميع عن "بي دي أس"، يجب أن يعتقد الكل أنها جماعة تدعو للكراهية، والعنف ضد المدنيين، وبالتالي فهم يدعمون الإرهاب، وحسب مجلة The Nation، فإن هذا الهجوم الإلكتروني الذي تدعمه وزارة الشؤون الخارجية الإسرائيلية، هو شكل من أشكال التجسس على المواطنين الأمريكيين، أي أنها أعمال غير شرعية، وهي مجازفة لم تغفل عنها سيما "فاكنين جيل"، المديرة العامة في الوزارة  التي حذرت في ندوة مغلقة في واشنطن بقولها :" نحن حكومة تعمل داخل أراضي أجنبية، علينا توخي المزيد من الحذر".

هل ستقنع هذه المشاهد المسربة والتي تهدد صورة الجزيرة، السلطات القطرية بالعدول عن قرارها؟ يبدو أنه الهدف المنشود، حيث قال صحفي القناة في الدوحة، في اتصال معه، أن الفيلم التسجيلي لم يوضع تمامًا في طي النسيان، وزعم أنه من المحتمل أن يبث التحقيق في الوقت المناسب.

واتصلت "لوموند" بإدارة القناة التي لم ترغب من جهتها في الإدلاء بأي تصريح.