الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

11 سبتمبر.. أمريكا بعد تفجير البرجين.. «إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا»

هجمات الحادى عشر
هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شكلت هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001، على مبنى التجارة العالمى فى نيويورك فى الولايات المتحدة أحد أهم المتغيرات الدولية ونقطة تحول جوهرية فى السياسة الأمريكية تجاه العالم؛ حيث شكلت تداعيات ذلك الهجوم على الملامح العامة للسياسة الأمريكية سواء فى الداخل أو الخارج، بل عملت الإدارة الأمريكية حينذاك بقيادة «جورج بوش الابن»، على استغلال هذه الأحداث وتوظيفها لتعزيز الهيمنة الأمريكية على العالم، وإعادة صياغة النظام الدولى وفق أسس ومبادئ بما يتناسب مع المصالح الأمريكية بالدرجة الأولى.
إلا أنه وبعد مرور ١٧ عامًا على تلك الأحداث وبعد تقسيم العالم إلى محورين؛ محور الخير والشر؛ الذى أعلن عنه «بوش الابن»، بقوله «إما أن تكونوا معنا ومع الخير أو تكونوا ضدنا ومع البربرية والشر». وعليه برزت أهم ملامح تلك السياسة والمتمثلة فى إعلان حرب وقائية تشنها الولايات المتحدة فى أى مكان فى العالم ترى فيه تهديدًا لأمنها، حسب زعمها، واستخدام كل الوسائل بما فيها التدخل العسكرى وتغيير الأنظمة السياسية القائمة واستحداث قيم أخلاقية تصنف الدول على أساس الخير والشر. وفيما يلى استعراض لأهم ملامح تلك السياسة ومساحة التغير والثبات.
مكافحة الإرهاب
شكلت تلك الهجمات الأكثر دموية فى تاريخ الإرهاب وأكبر خسارة فى الأرواح على الأراضى الأمريكية منذ الحرب الأهلية. وأدى فشل الأجهزة الاستخباراتية فى التنبؤ بتلك الهجمات إلى تغيير جذرى فى التعاطى مع الأجهزة الأمنية وطبيعة دورها، وحدود التدخل الأمريكى فى الخارج.
ووفق ذلك عملت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على وضع مواجهة الإرهاب على رأس أولوياتها، فقامت بتعبئة الجهود الداخلية والخارجية، مع توفير الغطاء التشريعى لاستخدام التدخلات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية فى العالم بأكمله، والمتمثل فى إعلان الحرب وتغيير الهدف من مجرد معاقبة الإرهابيين، إلى العمل على التدخل لتدمير التنظيمات تلك فى العديد من منابع نشأتها، ومهاجمة الدول التى توفر لها الملاذات الآمنة؛ وعليه صنفت العديد من الدول وفق تلك المحاور مثل العراق وإيران وأفغانستان وكوريا الشمالية، وهو الأمر الذى مهد إلى غزو العراق خارج نطاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية.
وبالتالى أصبح الجيش الأمريكى يتواجد فى أكثر منطقتين غنيتين بالنفط، وباتت لديها قواعد عسكرية فى دول الخليج والدول الأخرى، وبدأت تتحدث عن سياسة (من ليس معنا.. ضدنا)، وتعمل باستراتيجية الحرب الاستباقية، وأصبح شعار السياسة الخارجية الأمريكية (الحرب على الإرهاب)، ولم تعد لحرب الشيوعية أولوية لديها.
سياسة التحالفات
سعت الولايات المتحدة فى سياساتها الجديدة إلى تكوين شبكة من التحالفات وفق المبدأ المتعلق بتقسيم المعسكرات إلى دول تقف بجانبها أو دول تقف أمام سياساتها الجديدة.
فى هذا السياق، شكلت أحداث الحادى عشر من سبتمبر ٢٠١١، نموذجًا فريدًا من التقارب بين الجانبين بعد أن كان لكليهما سياسته المستقلة تجاه العديد من القضايا؛ حيث شارك العديد من الدول الأوروبية بالدعم اللوجستى والسياسى للتدخلات الأمريكية فى العديد من دول العالم، تحت مسمى «التحالف الدولى لمكافحة الإرهاب»، وهذا ما فسرته الإدارة الأمريكية بفكرة الانتقال بنمط العمليات العسكرية بضرورة القيام بعمليات احترازية فى إطار الحرب الشاملة ضد الإرهاب؛ حيث الانتقال من استراتيجية الردع والاحتواء، إلى استراتيجية الهجوم الاستباقى مع الحلفاء.
التدخلات الدولية
تمثل التدخلات الدولية أحد أهم السياسات المتبعة من جانب الولايات المتحدة لتحقيق استراتيجيتها الخارجية، سواء كانت بصورة منفردة أو بصورة تحالف مع مجموعة من الدول، إلا أن هذه السياسات لم تعد متبعة بصورة مكثفة فى هذه الفترة فى إدارة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب»، خاصة وأن تلك السياسات ورثها الرئيس ترامب عن سابقيه جورج بوش الابن وباراك أوباما؛ حيث ورث ترامب حربًا فى أفغانستان، وحملة عسكرية مستمرة ضد داعش، والتورط فى الحرب الأهلية فى اليمن، إلى جانب الالتزامات العسكرية فى أماكن أخرى من العالم. وهو ما اعتبره ترامب تكلفة باهظة بلا مقابل. وقاد ترامب جهود محاربة داعش فى إطار التحالف الدولي، وأنهى الدعم للمعارضة السورية، وخفض التركيز على القوة الناعمة وحقوق الإنسان، وتبنى تعريفًا أوسع للعدو ليشمل الإرهاب الإسلامى الراديكالى فقط، وفرض حظرًا مؤقتًا على السفر من ٩ دول إسلامية إلى الولايات المتحدة.
فى مقابل ذلك يرى ترامب سياسة العقوبات السياسية والاقتصادية والعسكرية كبديل عن سياسة التدخلات المباشرة، وفى هذا الشأن تتبنى الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب العقوبات كإحدى أدوات سياساتها الاقتصادية الناجزة والرادعة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية محددة، من خلال ممارسة الضغط على الدول المستهدفة بالعقوبات بهدف تغيير مواقفها فى الاتجاه الذى تريده واشنطن؛ حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على العديد من الدول مثل روسيا، الصين، كوريا الشمالية، إيران وتركيا وقديمًا ليبيا وكوبا والعراق.
بجانب ذلك رأى ترامب أن الإرهاب الإسلامى تهديد أجنبى يجب على أمريكا أن تحمى نفسها من خلال حدود أقوى، وتعزيز القيود المفروضة على السفر، وتخفيض تدفقات اللاجئين والهجرة، والفحص الشديد لأولئك الذين يريدون أن يأتوا إلى الولايات المتحدة، وهو يرى أيضا أن تصاعد الإرهاب فى أوروبا ارتكز على وجود مستوى عالٍ من الوجود الإسلامى بها وفقدان السيطرة على الهجرة والمهاجرين، لمنع اختراق المجتمع الأمريكي.
الثبات والتغير
على الرغم من محورية أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١، وتداعياتها على الاستراتيجية الأمريكية فى توجهاتها على المستويين الداخلى والخارجي، إلا أنها شهدت مراحل تفاوت فى حدود التأثير لتلك السياسات أو ملامح الاستراتيجية الجديدة الوليدة لتلك الأحداث، وعلى ذلك عملت الولايات المتحدة إلى تطوير سياساتها بما يتماشى مع الظروف الدولية الجديدة وإن كانت السمات العليا لتلك الأسس والمبادئ واحدة، إلا أنها اختلفت عن سابقتها فى آليات وحدود تنفيذ تلك السياسات.