الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"البوابة" تقدم روشتة عاجلة لإصلاح شركات القطاع العام.. "ملف"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكومة بوضع تصور كامل لتطوير قطاع الأعمال العام خلال 3 أو 4 أشهر، مشددا على الحفاظ على العمالة فى الشركات الخاسرة، وأشار الرئيس خلال افتتاحه مجمع مصانع الأسمنت والرخام والجرانيت فى بنى سويف: «فيه 121 أو 122 مصنعًا، لو نجحنا فى 80% وفشلنا فى 20% ميجراش حاجة، هنعيد الموضوع تانى ونصلح الـ20% التى فشلت». مشيرًا إلى أن الحكومة لا يجب أن تسير فى الاتجاه التقليدى لحل مشكلات شركات قطاع الأعمال، وأضاف لدينا 121 شركة قطاع أعمال لا بد من تطويرها بشكل غير تقليدي، قائلًا: «ده مش إساءة لحد.. بس إحنا حاولنا نغير مرة واتنين وتلاتة، ولم يتقدم هذا القطاع». وتابع الرئيس، أن شركات قطاع الأعمال تستطيع أن تحل الكثير من المشكلات التى تعانى منها مصر إذا عملت بشكل سليم، لافتًا إلى أن حل مشكلات شركات قطاع الأعمال قد يحتاج 150 مليار جنيه.


وتابع الرئيس هذا الملف الحيوى فى اجتماعه مع وزير قطاع الأعمال، وعرض الوزير محاور خطة عمل الوزارة، والرؤية والأهداف التى تسعى لتحقيقها لتطوير شركات قطاع الأعمال العام خلال المرحلة المقبلة، من خلال محورين رئيسيين لخطة العمل يتناولان الملفات الملحة الآنية والأخرى على المدى المتوسط، مشيرًا إلى أنه جار إعداد دراسة شاملة للقطاعات المختلفة وتحديد نقاط القوة والضعف والفرص والشركات المتعثرة وتلك الناجحة، بهدف وضع استراتيجيات مناسبة للتعامل مع تلك الشركات وفقًا لمقتضيات كل قطاع. «البوابة» تفتح ملف شركات قطاع الأعمال وتقدم روشتة لإصلاح القطاع العام.

نزيف المال العام: 7 مليارات جنيه خسائر
منى عدد من الشركات بخسائر ضخمة، بحسب الإحصائيات الرسمية التى توفرها الحكومة عبر موقع شركات قطاع الأعمال العام، ويأتى على رأسها شركات غزل المحلة والمصرية لتجارة الأدوية والنقل والهندسة وكفر الدوار للغزل والحديد والصلب والقومية للأسمنت، إضافة لأكثر من ٣٠ شركة أخرى. ووصلت خسائر ٤٤ شركة من إجمالى شركات قطاع الأعمال إلى ما نحو ٧ مليارات جنيه خلال العام المالى ٢٠١٦/٢٠١٧، من ضمن الشركات الخاسرة، هناك ٢٤ شركة تابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، فى حين وصل عدد الشركات الخاسرة بالقابضة للكيماويات إلى ١٠ شركات، و٩ شركات أخرى تابعة للقابضة للثروات المعدنية. ويُوضح التقرير السنوى الصادر عن شركات قطاع الأعمال، أن الشركات الخاسرة ضمن الشركة القابضة للقطن والغزل بلغ ٢٤ شركة بقيمة ٢،٥ مليار جنيه، هم: مصر حلوان للغزل والنسيج، مصر للحرير الصناعى، الدقهلية للغزل والنسيج، دمياط للغزل والنسيج، الشرقية للغزل والنسيج، الدلتا للغزل والنسيج، الدلتا لحليج الأقطان، مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، ميت غمر للغزل، مصر للغزل والنسيج الرفيع/ كفر الدوار، الأهلية للغزل والنسيج، السيوف للغزل والنسيج، النصر للغزل والنسيج والصباغة بالمحلة، بورسعيد للغزل والنسيج، النصر للأصواف والمنسوجات (ستيا)، المصرية لغزل ونسج الصوف (وولتكس)، المحمودية للغزل، كوم حمادة للغزل، مصر الوسطى للغزل والنسيج، الوجه القبلى للغزل والنسيج، العامة لمنتجات الجوت، النصر للغزل والنسيج شوربجى، مصر شبين الكوم للغزل والنسيج». 
ويُتابع التقرير، أن الشركات الخاسرة فى القابضة للصناعات الكيماوية، وهم ١٠ شركات بخسائر تجاوزت ٢ مليار جنيه، وهى شركات «المصرية للمواسير سيجوارت، القومية للأسمنت، راكتا، مطابع محرم، النقل والهندسة، نيازا، النصر للأسمدة، الدلتا للأسمدة، باتا، ناروبين». 
أعلنت الحكومة درجة الطوارئ القصوى استعدادًا لإعادة هيكلة وإصلاح شركات القطاع العام، وشددت على ضرورة البدء فى أقرب وقت للإصلاح تنفيذًا لتوصيات الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأعلن هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، عن انتهاء الوزارة من إعداد خطة الإصلاح الشامل، دراسة أسباب والقابلة للتطوير والتحديث، وعلى رأسها «الحديد والصلب»، موضحًا أن الوزارة تقوم حاليًا بالتنسيق على مستوى الشركات القابضة لتحديد أولويات الخطة، يعقبها اجتماعات مع كل شركة تابعة لمعرفة طرق تنفيذ التكليفات والموافقة عليها. 
وكشف وزير قطاع الأعمال العام، عن شمول الخطة تكليفات تنفيذية ستقوم بها الشركات التى تم اختيارها بناءً على دراسات، والتى تُعد صاحبة ٩٨٪ من إجمالى خسائر قطاع الأعمال العام، وستتم إعادة تأهيل البعض فى مدة زمنية تستغرق ١٣ شهرًا، وستتم مناقشة القرارات وآليات التنفيذ مع كل رئيس شركة تابعة على حدة، لافتًا إلى أن عدد هذه الشركات تصل لـ ٢٠ شركة، تتضمن شركات «الحديد والصلب، الدلتا للأسمدة، النصر للأسمدة»، بالإضافة إلى ١٨ شركة فى الغزل والنسيج، لكنها خارج خطة الـ٢٠ شركة.

221 ألف عامل فى 124 شركة
يعمل بشركات القطاع العام نحو ٢٢١ ألف عامل، من بينهم قرابة الـ١٤٠ ألف عامل لم تتجاوز أعمارهم الـ٤٥ عامًا، وتندرج شركات القطاع العام البالغ عددها ١٢٤ شركة تحت لواء ٨ شركات قابضة، هى «القابضة للقطن والغزل، القابضة للصناعات المعدنية، القابضة للصناعات الكيماوية، القابضة للأدوية، القابضة للتشييد والتعمير، القابضة للسياحة والفنادق، القابضة للنقل البحرى والبري، القابضة للتأمين» إضافة للشركة القابضة للمواد الغذائية والتى تتبع وزارة التموين، وبعض الشركات التابعة لوزارة الرى والموارد المائية. 

خبراء: تدريب العاملين واستثمار الإمكانيات المتاحة والأصول غير المُستغلة 
يرى الدكتور رشاد عبده، خبير الاقتصاد الدولى خسائر قطاع الأعمال العام، أن فلسفة قطاع الأعمال العام يجب أن تعتمد على منافسة القطاع الخاص فى توفير سلع رخيصة، فضلًا عن تصدير جزء من هذه السلع لتوفير عملة أجنبية للدولة. 
ويوضح: «شركة المحلة الكبرى إبان حرب مصر والعدو الإسرائيلى استطاعت توفير احتياجات الشعب المصرى كُله من الملابس بأنواعها المختلفة، لكن للأسف تلك الشركات انهارت، وأصبحت مدينة بمرور السنين، حتى جاءت ثورة ٢٥ يناير لتقضى على ما تبقى من تلك الشركات».
ويُتابع، أن شركات القطاع الخاص تكسب من إنتاجها لسلع بالمليارات فى حين أن شركات القطاع العام تخسر من إنتاجها لنفس السلعة. 
ويُضيف: «نجد مثلًا جميع شركات الأسمدة فى مصر حققت مكاسب هذا العام عدا شركة قطاع الأعمال العام؛ القومية للأسمنت التى وصلت خسائرها لـ٩٧١،٥ مليون جنيه، وهو نفس الأمر لشركتى الدلتا وناصر للأسمدة التى بلغت خسائرهما ٥٢١ و٣٥١ مليون جنيه، إذن لماذا شركات قطاع الأعمال العام الخاسر الوحيد من بيع منتجاتها فى حين أن القطاع الخاص يُحقق مكاسب طائلة من نفس المُنتج؟».
ويُؤكد عبده، أن أسباب خسائر شركات قطاع الأعمال العام يعود من الأساس إلى؛ عدم حسن اختيار القيادات، لدرجة أنه يتم اختيار وزير للقطاع على غير دراية بأزمات الشركات الأزلية، مما يؤدى إلى عدم وجود نتائج حقيقية ملموسة على أرض الواقع. ويواصل: «أيضًا يتم تشكيل مجالس إدارات لتلك الشركات بالمجاملة، فكل وزير يأتى بأعضاء فى مجالس الشركات العامة لا يشترط فيهم الكفاءة بقدر اشتراط الولاء للوزير، وينوّه عبده، إلى أن شركات قطاع الأعمال العام تُعانى من وجود عمالة زائدة، فبينما يكون عدد العمال فى مصنع قطاع خاص ١٠٠ عامل ويكون عدد العمال فى شركة قطاع عام تُنتج نفس السلعة ٣ آلاف عامل، وهذا الفرق الكبير فى المرتبات كفيل أن يحول أى شركة إلى خاسرة رغم تحقيق أرباح.
ويُضيف: «التكاليف فى شركات القطاع العام مُرتفعة، وأيضًا هناك عدم استغلال للموارد المُتاحة فى تلك الشركات والمصانع».
ويؤكد، أن إصلاح قطاع الأعمال العام المصرى يبدأ من حُسن اختيار القيادات، دون مجاملة، وتدريب العاملين، واستثمار الإمكانيات المتاحة للشركات، واستغلال كل الأصول غير المستغلة بشكل إيجابي. ويقول الدكتور إيهاب الدسوقي، الخبير الاقتصادى ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن أسباب فشل أغلب شركات قطاع الأعمال العام فى تحقيق أرباح يعود إلى فشل الإدارة وعدم تطوير وتغيير مجالس الإدارات.
ويُتابع: «السبب الثانى هو عدم ضخ استثمارات جديدة فى تلك الشركات، وبالتالى عدم تطورها وعدم قدرتها على المنافسة فى السوق.
«الإدارة، الإدارة، الإدارة».. بدأ بها الدكتور عبدالرحمن عليان، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس، حديثه عن أسباب فشل شركات قطاع الأعمال العام. موضحًا: «الإدارة هى المشكلة الأساسية فى شركات القطاع العام، الفساد يتخلل تلك الإدارات. ويُضيف، أن الإصلاح يبدأ من إدارات مُختلفة وضخ أموال وموارد لتعويض الخسائر الموجودة. موضحًا: «إصلاح قطاع الأعمال العام يُدرس مُنذ ثمانينيات القرن الماضي، بدءًا من رئاسة على لطفى لمجلس الوزراء، مرورًا بعاطف صدقى وكمال الجنزورى وصولًا بعاطف عبيد، منهم من ارتضى ببيع الشركات أو خصخصتها أو حتى شرائها، لكن الأزمة مازالت مُستمرة».
وينوّه عليان، بأن بعض خسائر شركات قطاع الأعمال تكون فى قليل من الأحيان خارج أيادى الإدارات. ويوضح: «شركات القطاع العام مولت خزينة الدولة إبان حرب ٧٣ ومن المفترض أن نسبة كبيرة من تلك الأموال كانت لابد أن تُضخ مرة أخرى فى تلك الشركات لتجديد وتحديث قطاع الأعمال العام لكن ذلك لم يحدث. وبشكل عام الفشل هُنا له أبعاد كثيرة جدًا لابد من دراسة الأسباب على حدة ووضح محاور وخطط لتخطيها».
ويؤكد عليان، أن الحل الأمثل لشركات القطاع العام الخاسرة هو؛ خصخصة إدارتها، كما يحدث فى فنادق الملكية العامة التى تتولى إدارتها شركات الفنادق العالمية. ويواصل: «طرح تلك الشركات فى البورصة للمستثمرين فى القطاع الخاص، بنسبة لا تتجاوز ٤٩٪، يجعلنا نتساءل من سُيديرها؟ فإذا كانت الإدارات القديمة هى من ستدير فمن الأولى؛ خصخصة إدارتها للقضاء على أزمات تلك الشركات الأزلية، حيث إن الجزء الأكبر من فشلها تتحمله الإدارات.

أسباب الانهيار.. توقف الاستثمارات وتراكم الديون
أرجع الدكتور مدحت نافع، رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، أسباب خسارة شركة الحديد والصلب إلى تقادم المعدات التى يتم من خلالها صناعة الحديد والصلب، وعدم تطويرها بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية، وهو الأمر الذى أثر على الإنتاجية داخل السوق. 
وأضاف، أن سوء ظروف العمل يعد السبب الثانى فى ضعف الإنتاج والخسائر، فيوجد حوالى ٨٧٠٠ عامل فى قطاع الحديد والصلب لا يتم الاستفادة من طاقتهم البشرية، وظروف العمل التى يعملون فيها، وأرجع عدم الاستفادة المناسبة لضعف وتدنى مستوى التدريب.
ولفت إلى أن شقًا كبيرًا من الخسائر يتعلق بالديون المتراكمة على قطاع الحديد والصلب، والتى لم يتم تسديدها حتى الوقت الحالي، مشيرًا إلى أنه يوجد الكثير من المديونيات للحكومة، متمثلة فى الغاز والكهرباء الذى يتم تقديمه للشركات ولا تدفع مقابل الخدمة، لافتا إلى وصول مستحقات للدولة من قبل مصانع الحديد والصلب إلى ٤ مليارات جنيه.
وأوضح، أن الحديد والصلب تخسر منذ العديد من السنوات ولأسباب متراكمة تتعلق بالتوقفات الكثيرة خلال الفترات الماضية، كان لها سبب فى تضرر القطاع بسبب تضرر الأفران التى تعمل على إنتاج خام الحديد لافتا إلى وجود تكنولوجيا جيدة ولكن يجب أن يكون هناك تأهيل الأصول البشرية والعمل على خروج الحديد بلا شوائب وهو الاتجاه الذى يتم الاتجاه له خلال الفترة المقبلة.
وفى السياق ذاته، يقول عبدالفتاح إبراهيم، رئيس نقابة الغزل والنسيج، إن مصر كانت تنتج ١٢ مليون قنطار من القطن خلال العصر الذهبى لصناعة الغزل والنسيج، وهو الأمر الذى أصبح مغايرًا للواقع بعدما وصل إلى ١٣٠ ألف قنطار فقط، لافتا إلى أن قانون تحرير تجارة القطن المصرى وراء فقد قيمته، وهو القانون الذى صدر فترة التسعينيات وتحديدا عام ١٩٩٤، مؤكدا أنه إذا أردنا إعادة الريادة للقطن المصرى فلابد من إعادة النظر فى اللوائح المنظمة لإصدار القانون، لافتًا إلى أن شق آخر يتصل بمشاكل الغزل والنسيج ويتعلق بالتوقف عن ضخ الاستثمارات فى الشركات، كما أن هناك مشكلة أخرى تتصل بإجمالى العمالة التى تدنى عددها خلال الفترة الماضية بصورة كبيرة، فمن يعمل لا يتعدى ٢٠٠ ألف عامل من إجمالى مليون و٢٠٠ ألف عامل كانوا فى صناعة الملابس، قائلا إن الصناعة تعرضت لهزة كبيرة ونأمل إعادتها للصدارة مجددًا. وأشار إلى أن هناك بارقة أمل خلال الفترة المقبلة، وهذا بعد أن اهتمت الدولة مؤخرا بتطوير الشركات الوطنية من خلال أحد المكاتب الاستشارية التى تتولى تطوير الشركات الوطنية، وأولى ثمار الدراسة أنه تم التسوية مع بنك الاستثمار القومى، حيث إن الشركة القابضة التى تمتلك ٣٠ شركة فى القطاع كان عليها مديونيات ١٠ مليارات جنيه، مع وجود فوائد تضاف على الديون التى يتم دفعها لبنك الاستثمار، وتم التسوية بين وزير قطاع الأعمال ووزيرة الاستثمار، وتم الاتفاق على إسقاط جزء يقدر بمليار ونصف المليار جنيه مع تسديد الشركة القابضة للباقي، وهو ما ساهم فى تخفيف أعباء على الشركة القابضة بمعدل وصل إلى ٧٠٠ مليون جنيه خلال العام الحالي، وهو ما يؤدى لعمل انتعاشه كبيرة للشركات. ولفت إلى أن هناك خطة لعودة صناعة الغزل والنسيج مجددًا، وهى خطة من المقرر تنفيذها على مدار الأربعة أعوام المقبلة لعودة القطاع الوطنى لما كان عليه.

خبراء يطالبون البنوك بتمويل هيكلة الشركات
أثارت فكرة دخول البنوك كشريك فى شركات القطاع العام ردود فعل متباينة، ما بين مؤيد ومعارض. ورفض الدكتور فخرى الفقي، أستاذ الاقتصاد الدولي، مستشار صندوق النقد الدولى سابقًا، فكرة دخول البنوك كشريك رسمى لشركات القطاع العام، موضحًا أن وظيفة البنوك هى قبول الودائع والإقراض للقطاع الخاص للتنمية الاقتصادية أو الدولة فى عملية البنية الأساسية، ولكن الشراكة أمر غير مقبول، حيث إنه كان موجودًا من قبل ولكن البنوك قامت ببيع الحصص الخاصة بها فى الشركات التى اشتركت بها، واضطرت لهذا الأمر نظرًا لسماح القانون للبنوك العامة بالمشاركة فى إنشاء شركات للربح، وهذه الفلسفة انتهت منذ التسعينيات.
وتابع الفقي، أن دخول البنوك فى شركات القطاع العام سيسبب لها الخسائر، حيث إن البنوك وظيفتها إدارة الأموال وليس الشركات، لافتًا إلى أن هناك ١٢٤ شركة قطاع أعمال تحت مظلة ٨ شركات قابضة، كل شركة قابضة لديها مجموعة من الشركات من الـ ١٢٤ شركة قطاع عام، فهناك من يحقق الربح وأخرى تحقق الخسارة، ففى العام الماضى حققت مكاسب تصل لـ ٧.٥ مليار جنيه، وبالتالى فإذا تم تقسيم العائد أو المكسب على أصول هذه الشركات سينتج العائد على أصول هذه الشركات حوالى ٢٪، ولكن هذا العائد لا يمثل أى شيء.
وقال، إن هناك أصولاً وأملاكًا للدولة بحوالى ٢ مليار جنيه كقيمة تسويقية، فإن تحقيق العائد ٢٪ يرجع إلى سوء الإدارة، ويعد إهدارًا للمال العام، مشيرًا إلى أن وزراء قطاع الأعمال العام السابقين فشلوا فى إدارة الأزمة، كما أنه هناك برنامج للخصخصة، فهناك ٢٣ شركة سيتم خصخصتها خلال العام الجارى والمقبل أيضًا، وسيتم تقييم كل شركة إما من خلال بيع أسهمها أو خصخصتها، موضحًا أنه من خلال خصخصة هذه الشركات ستجمع الحكومة ٤٠ مليار جنيه، فهذه شركات رابحة، لأنه عندما يتم طرحها فى البورصة لتحقيق الزيادة، فإن هذه الزيادة سيتم استغلالها فى شراء خطوط إنتاج جديدة وإعادة تأهيل الشركات الخاسرة، من خلال ميزانية الخصخصة وميزانية الدولة المخصصة ١٥٠ مليار جنيه لإصلاح الهياكل المالية للشركات الخاسرة.
وأوضح، أنه تم إنشاء صندوق سيادى برأس مال ٢٠٠ مليار جنيه كحد أقصى، ولكن سيتم البدء بمبلغ ٥ مليارات جنيه من الخزانة العامة لشراء جزء من الشركات «حصة الدولة منه فيه»، وسيكون المالك هى الدولة، أما إدارتها من خلال المدير التنفيذي، لضمان خلق عائد مادى لا يقل عن ١٠٪. 


فيما قالت الدكتورة علياء المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، إنه تم تنفيذ جزء من فكرة إعادة تأهيل شركات القطاع العام على فترات متعاقبة للحكومات المختلفة، وجزء فى الألفية منذ وجود الدكتور محمود محيى الدين، موضحة أن الجهات المسئولة تحاول فى الفترة الراهنة استكمال مسيرة إصلاح هذه الشركات، مشددة على ضرورة تقديم وزير قطاع الأعمال العام بيانًا يتضمن احتياجات كل شركة من شركات القطاع العام والمبلغ اللازم لإصلاحها.
وتابعت المهدي، أن عملية إعادة التأهيل لشركات القطاع العام مطلوبة بشكل كبير، لأنها رؤوس أموال موجودة فى البلاد، فلابد من حسن استغلالها، خاصةً بعد فترة طويلة وتحديدًا بعد عام ٢٠١١، لم يتم ضخ أى استثمارات لهذه الشركات، لافتة إلى أنه قبل عام ٢٠١١ كانت مديونيات هذه الشركات قليلة جدًا، ولم يتبق منها سوى القليل من الديون ما بين ٦ إلى ٩ مليارات جنيه، حيث إنه قبل ثورة يناير تم حل الجزء الأكبر من المشاكل المالية لهذه الشركات، الأمر الذى أعلنه أكثر من مرة الدكتور محمود محيى الدين، وأنه لم يتبق سوى عدد محدود من الشركات صاحبة الديون آنذاك.
وأوضحت، أن دخول البنوك فى عملية إعادة هيكلة شركات القطاع العام يمكن أن تتم من خلال شراكة بين البنك والشركة المعنية، من خلال شراء جزء من رأس مالها بالشركات ومن خلال هذا الشراء يتم تمويل القطاع، مشيرة إلى أن العائد الربحى سيعود على كل الشركاء، بما فى ذلك البنوك، وبالتالى فإنه يمكن تحقيق مبدأ الشراكة مع البنوك، لأنه فى حالة طرح الشركات فى البورصة يتواجد لهم شركاء بالفعل، والذى يمكن أن يكونوا أفرادًا أو البنوك، ولا يشترط أن تكون الشراكة مع البنوك فقط، مضيفة أن وزير قطاع الأعمال العام يعتمد على خطة مدروسة تجاه تأهيل شركات القطاع العام بالاستعانة بخبراء متخصصين فى المجال، فضلًا عن كونه خبيرًا فى تقييم الشركات وإعادة تأهيلها.
وشددت على ضرورة وجود خطة لكل شركة من شركات القطاع العام، والموارد اللازمة لإعادة تأهيلها، فضلًا عن تحديد عدد هذه الشركات من قبل وزارة قطاع الأعمال العام، ووجود الدراسة الخاصة بكل شركة، حيث إن ظروف وحالة كل شركة تختلف عن الأخرى، مؤكدة أنه هناك بعض الشركات تحتاج إلى إعادة تطوير خطوط الإنتاج، وأخرى تحتاج إلى رفع المهارات الإنتاجية اللازمة، أو مواد خام ووسيطة لا يتم توفيرها فى بعض الشركات، لافتة إلى أن قرار خصخصة الشركات ليس قرار وزير قطاع الأعمال العام ولكن قرار الحكومة بأكلمها والدولة أيضًا، والذى يجب أن تفكر فيه الدولة ليس فى منطلق واحد فقط، وهو بيع الشركات، ولكن الخصخصة من الممكن أن تأخذ أشكالاً مختلفة، منها بيع رأس مالها أو إيجار هذه الشركات لبعض شركات القطاع الخاص، أو منح حق إدارة شركات قطاع الأعمال لشركات كبيرة من القطاع الخاص، وبالتالى هناك أشكال كثيرة للخصخصة.
وأشارت إلى أن فكرة الخصخصة منذ التسعينيات يتم النظر إليها من جانب واحد فقط، وهو البيع، وهذا أمر غير صحيح، ففى أيام الرئيس جمال عبدالناصر والسادات كانت هناك خصخصة بشكل مختلف، مثل فنادق «النيل هيلتون ومينا هاوس» وغيرها كانت مملوكة للدولة ولكن مُنح حق إدارتها لشركات أجنبية، وبالتالى يمكن تطبيق هذه الفكرة بالاستعانة بالشركات الخاصة أو إيجار شركات القطاع العام لشركات أخرى، موضحة أن إعادة تأهيل شركات القطاع العام لا تتطلب تعديل القوانين، بل تتطلب خطة مدروسة وواضحة، وهذا الأمر حدث فى السابق دون تعديل القانون بل بالالتزام بالقواعد، ويجب الاستفادة منها.

«اقتصادية النواب »: التطوير يرتبط بـ «نسف » الاستراتيجية القديمة
قال النائب عمرو الجوهري، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن تطوير شركات قطاع الأعمال خلال الفترة المقبلة أصبح ضرورة ملحة، لافتًا إلى أن التطوير يرتبط بوجود استراتيجية مغايرة للاستراتيجية الخاصة بالتعامل مع تلك الشركات خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى ضرورة تغيير آليات العمل بالشركات لضمان استمرار نجاحها.
وأضاف، أن تطوير الهيكل الإدارى وتطوير المنظومة أصبح فرضًا على صناع القرار، إذا ما أرادوا أن تقوم لشركات قطاع الأعمال قائمة، مشيرًا إلى أن هناك العديد من الشركات التى تحتاج إلى إدارة أجنبية لعدم وجود الخبرة الكافية التى تستطيع تشغيلها، وحذر من أن تطوير الشركات بذات المنظومة وبذات العقلية سيؤثر سلبيًا على الشركات وسيكبد الدولة أموالاً طائلة بلا جدوى.
وأشار إلى أن تطوير شركات قطاع الأعمال قد يحتاج إلى أن يتم على مراحل، وهو ما يمكن تنفيذه من خلال الاعتماد على الاستفادة من أصول تلك الشركات ومن الأموال التى تم رصدها للتطوير، والتى تقدر بـ ١٥٠ مليار جنيه.
ويواصل «الجوهري»: إنه تقدم فى المجلس العام الماضى بمشروع قانون لتصنيف شركات قطاع الأعمال، ولكن تم رفض مشروع القانون دون أسباب، موضحًا أن هذا المشروع كان يتحدث عن أهمية استثمار العقارات والأراضى وشركات قطاع الأعمال، والإدارة الأجنبية لبعض الشركات، وكذلك شركات القطاع الخاص، والاستثمار أيضًا داخل شركات القطاع العام.
وأضاف الجوهري، أن حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن إعادة تأهيل شركات القطاع العام سيفتح المجال لإعادة طرح الموضوع مرة أخرى سواء داخل البرلمان أو بدء وضع خطة ودراسات بحثية عن هذه الشركات واحتياجاتها اللازمة لإعادة فتحها مرة أخرى، مشيرًا إلى أن وزارة قطاع الأعمال العام كانت تستهدف خلال الفترة الماضية خصخصة هذه الشركات، ولكن بعد حديث الرئيس السيسى ستتغير سياسة الحكومة فى هذا الإطار.
ولفت إلى ضرورة إعادة فتح هذه الشركات وطرحها فى البورصة واستثمارها بشكل جيد لما تفيد الصناعة المصرية والمواطنين، لافتا إلى أن أغلب شركات القطاع العام مديونة للبنوك، متسائلًا: «هل البنوك ستستطيع المخاطرة والدخول كشريك لشركات القطاع العام؟»، وهذا أمر مستبعد، معتقدًا أن الاستثمار الأجنبى إذا دخل فى هذا الأمر بجزء بسيط وإذا استثمرت الحكومة فى هذا الصدد سيساعد فى التغلب على الأزمة، وسيتم إصلاح الكثير من شركات قطاع الأعمال مثل «الحديد والصلب والأسمدة والأسمنت والشرقية للدخان والنقل لصناعة السيارات» وغيرها من الشركات التى لها أصول كثيرة ولها القدرة على المنافسة العالمية أيضًا، وبالتالى إذا تم تطويرها والاستثمار بها ستعمل بشكل كبير فى جميع القطاعات مثل النقل والكهرباء والأدوية وغيرهم.
وأوضح، أن هناك حلولًا كثيرة لأزمة شركات القطاع العام، ولكن تحتاج الحكومة إلى رؤية سليمة وواضحة للخروج من الأزمة، قائلًا: «الحكومات السابقة وحتى الحكومة الحالية لم تبد خطوات حقيقية وإيجابية نحو التطوير، لافتًا إلى أن مواد القوانين التى تخص القطاع العام سيتم إعادة دراستها وفحصها، ولكن حسب نقاط التأهيل سواء بالاستثمار الأجنبى أو خصخصة هذه الشركات، وإذا تواجد الجانب القانونى من الممكن فى هذه الحالة تقدم الحكومة بشكل رسمى للبرلمان لتعديل مواد القانون، مشيرًا إلى أن المواد القانونية ليس العائق، ولكن العائق الحقيقى هو الرؤية الجيدة لتطوير الشركات وتأهيلها.
ولفت إلى ضرورة إعادة دراسة خطة التطوير بشكل جيد، خاصةً أنها تتضمن حوالى ٢٢٠ ألف عامل وموظف، ولكن ما ينقصها المعدات والتكنولوجيا والتطوير، مضيفًا أن مبلغ ١٥٠ مليار جنيه الذى تحدث عنه رئيس الجمهورية لا يشترط أن يغطى احتياجات التطوير، لأن هذا التأهيل سيتم على مراحل مختلفة، حيث من الممكن البدء ببعض الشركات البالغ عددهم حوالى ١٢٤ شركة، لتطويرهم وتحديث إنتاجهم، ثم العمل على تطوير شركات أخرى وهكذا، خاصةً أنه هناك شركات تحتاج إلى إعادة هيكلة، والتى تحتاج إلى موارد مالية ضخمة. وأضاف اللواء حسن السيد، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن ما أضعف شركات قطاع الأعمال بالفترة الماضية هو ضعف الإدارة وغياب سياسة العمل الصحيحة، الأمر الذى أوصل شركات قطاع الأعمال إلى الإغلاق واتجاه البعض منها إلى طرح أراضيها للبيع، وهو الأمر السلبى الذى يشير إلى غياب الإدارة.
ولفت إلى أن شركات قطاع الأعمال تمتلك ما يصل إلى ٣٠٠ مليار جنيه من الأصول الثابتة غير المستغلة حتى الوقت الحالي.

9 مليارات جنيه أرباح 72 شركة قطاع عام
حققت شركات القطاع العام أرباحا بلغت نحو ٩ مليارات جنيه خلال العام المالى المنقضي، بحسب التقرير السنوي، الصادر عن شركات قطاع الأعمال، وأشار التقرير إلى ارتفاع عدد الشركات الرابحة من ٥٩ إلى ٧٢ شركة، كما زادت الإيرادات من ٦١ مليارًا إلى ١٠٠ مليار جنيه. 
وتعد شركات أموك للبترول وإنبى وبتروجت، وشركة مصر للألومنيوم، إضافة لـ١٠ شركات أخرى مُدرجة من الأصل فى البورصة المصرية، من أبرز الشركات التى حققت أرباحا العام الماضى، بالإضافة إلى «مصر الجديدة للإسكان والتعمير» وحققت أرباحا ٤٠٠ مليون جنيه، والإسكندرية لتداول الحاويات ١،٣ مليار جنيه، والقناة للتوكيلات الملاحية ٥،٥ مليون جنيه، والشرقية للدخان ١،٤ مليار جنيه، ومصر للكيماويات ٣٦ مليون جنيه، والصناعات الكيماوية المصرية ١١١ مليون جنيه، والعربية للأدوية والصناعات الكيماوية ٤ ملايين جنيه، والنيل للأدوية والصناعات الكمياوية ٧،٥ مليون جنيه، والعامة لمنتجات الخزف الصينى ٢٠ مليون جنيه، ومصر للفنادق ٥٠ مليون جنيه.