الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

الإرهاب يهدد القارة السمراء

جماعة «بوكو حرام»
جماعة «بوكو حرام»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثار ظهور جماعة «بوكو حرام» النيجيرية فى منطقة غرب أفريقيا، اهتمام المتابعين والمهتمين، نظرًا لتداعيات أنشطة الحركة على الأمن والاستقرار فى المنطقة، وجاء انتماء الحركة لتيار «السلفية الجهادية» ليضفى المزيد من الاهتمام بهذا التيار المتطرف، الذى مثل المعين الرئيسى للحركات كافة التى أثرت فى استقرار السلم والأمن الدوليين.
وفى هذا السياق، يأتى كتاب «السلفية الجهادية فى أفريقيا» للكاتب نبيل شكري، كمحاولة لتتبع المسار الفكرى والحركى لتيارات السلفية الجهادية فى منطقة غرب أفريقيا، مع التركيز على جماعة «بوكو حرام».
وينطلق الكاتب من خلال تأصيل مضمون السلفية الجهادية؛ حيث تعنى جماعات الإسلام السياسى المتبنية للجهاد كمنهج للتغيير، حيث ظهرت هذه الجماعات نتيجة لضعف النظم الحاكمة، ويهدف المؤلف إلى بحث دور جماعة «بوكو حرام» باعتبارها إحدى الجماعات التابعة للسلفية الجهادية، حيث تشكل تهديدا لوجود دولة نيجيريا والدول المجاورة لها، كما يمكن أن تؤدى إلى تغيير الخريطة السياسية لمنطقة غرب أفريقيا.
وشهدت جماعة «بوكو حرام» حالة من الجدل المصاحب لنشأتها واستمرارها، إذ كان هناك اختلاف حول التوقيت الذى تكونت فيه الجماعة، وذلك يرجع إلى ظهورها بأسماء مختلفة فى كل مرحلة من مراحل تطورها بدءًا من «أهل السنة وجماعة الهجرة» عام ١٩٩٥ إلى «بوكو حرام» كما أطلق عليها عام ٢٠٠٥، وقد تطورت الجماعة من خلال ثلاث مراحل، هي: النشأة، ثم الدعوة، ثم الجهاد؛ حيث كان لكل مرحلة سماتها المختلفة، والهيكل التنظمى المتبع فيها للجماعة، وكذلك الاستراتيجيات المختلفة للتعامل مع الدولة.
ويقسم المؤلف أنشطة الجماعة وفقا لمحورين، يتمثل الأول، فى النطاق الذى تمارس فيه أنشطتها، وبالتالى فهناك أنشطة مباشرة فى دول الجوار ومن أهمها: الصومال والكاميرون والنيجر وتشاد وليبيا ومالي، وتمثلت فى التدريب على القيام بالأعمال الإرهابية، وأخرى غير مباشرة فى دول: مثل الجزائر والسنغال والسودان وأفريقيا الوسطى وموريتانيا، إذ هدفت الجماعة إلى الحصول على التمويل، سواء كان من الأموال أو الأسلحة، وكذلك توفير المناخ الملائم لنشر الفكر التكفيرى فى أفريقيا.
أما المحور الثاني، فيركز فى طبيعة الأنشطة التى تمارسها الجماعة، وبالتالى فهناك علاقات تعاونية تظهر فى التعاون ما بين الجماعة والجماعات الأخرى التى تتبنى الإيديولوجية نفسها، ومن أهمها: حركة الشباب الصومالية، وتنظيم القاعدة فى بلاد المغرب العربي، وهناك علاقات أخرى عدائية، وتظهر فى الأنشطة المعادية للجماعة مع حكومات الدول المجاورة ومنها الكاميرون.
واتسم موقف الجماعة فى تفاوضها مع الحكومة النيجيرية بالقوة، وذلك على الرغم من تدخل أطراف خارجية لتسوية الصراع فإنها فشلت فى ذلك، حيث انسحبت «بوكو حرام» عدة مرات من المفاوضات، ما يدل على تفضيل الجماعة استخدام القوة بديلا عن الحوار فى التعامل مع حكومة نيجيريا، إذ اعتمد سلوكها على الاستمرار فى القيام بعمليات إرهابية فى ظل المفاوضات، أما عن استراتيجية الدولة فقد اتسمت بالعشوائية، وبالتالى فهذا يدل على صعوبة وجود تسوية قريبة للصراع ما بين الجماعة والحكومة النيجيرية.
ويمكن القول إن مصر تعد القوة الأفريقية الوحيدة التى يمكن أن تقوم بدور إيجابى فى حل الصراع النيجيري، حيث يرجع ذلك لدور مصر فى توحيد الأراضى النيجيرية أثناء الحرب الأهلية.
ويمثل انتشار الجماعة تهديدًا مباشرًا للدولة المصرية، حيث بدأت تظهر ملامح الخطورة من خلال وجود عناصر من الجماعة فى ليبيا، ما يدل على تطلعها للنشاط فى شمال أفريقيا، وفى سياق آخر، يمكن القول إن عدم استقرار الجزء الغربى من أفريقيا، سيؤدى إلى زيادة تهديد الجماعات المتشددة الأخرى المنتشرة فى القارة الأفريقية ككل، ومنها دول حوض نهر النيل، ما يعد تهديدا مباشرا لمصالح مصر فى أفريقيا.
وبالتالى؛ فإنه لا بد من تواجد الدور المصرى فى نيجيريا لدعم وحدتها، وذلك لأن استقرار غرب أفريقيا سيحافظ بالضرورة على استقرار دول حوض النيل، ومن ثم الحفاظ على المصالح المصرية فى المنطقة.