الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

تعرف على الحركات الغنوصية.. نشأتها وتأثيرها على المسيحية

القس الإنجيلى رامى
القس الإنجيلى رامى ناير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شرح القس الإنجيلى رامى ناير، أحد الباحثين في الغنوصية وعلاقتها بالمسيحية وتطورها، مفهوم الغنوصية وأتباعها وأفكارهم قائلاً: إنه لا بد أن نفهم أنه لا توجد مجموعة واحدة تسمى الغنوصية، بل هم عبارة عن عديد من الحركات الدينية المسيحية وغير المسيحية، والتى ظهرت بوضوح فى القرنين الثانى والثالث الميلادي. وهذه الحركات تبنت فى الأساس الفلسفة الأفلاطونية الوسطى كجزء من فهمهم الديني. 
ولو ركزنا على الحركات المسيحية الغنوصية، فسنجد أشهرها «الفلانتينية، والسرنتية، والتوماوية، والشيثية، والسيمونية، والباسيليدية، والهرماسية». وهذه الجماعات تتنوع كثيرًا فى تفكيرها ولكنها تشترك فى بعض المفاهيم الأساسية.
وأشهر هذه المفاهيم؛ خلق العالم والخلاص، فمن خلال مفهوم خلق العالم، يرى هؤلاء أن الله الحقيقى قد أَوكل عملية خلق العالم لأحد رؤساء الملائكة، والمعروف أيضًا بالإله المادى لخلقه العالم المادي. ولكن هذا الملاك قد خدع البشر بأن أعلن لهم أنه هو الإله الحقيقي، وطالبهم بعبادته، ويدعو هذا الإله المادى الناس للحرب والصراع والماديات وإلخ. فى حين نجد أن الله الحقيقى من وجهة نظر الغنوصيون هو إله المحبة والسلام والنور والتضحية. 
أما مفهوم الخلاص، فهو التحرر من جهل عدم معرفة الله الحقيقي. وتتم عملية التحرر من الجهل من خلال إعلان يسوع «اللوجوس» عن الله الحقيقي، والإيمان بهذا الإعلان. 
وأنتجت الحركات الغنوصية العديد من الكتابات، ومنها إنجيل الحق، وإنجيل توما، وإنجيل مريم، وإنجيل فيلبس، وأبوكريفا يوحنا. 
وعن مدى تأثير الأفكار الغنوصية على المسيحية، يقول القس رامي ناير إن الحركات الغنوصية المسيحية نشأت فى قلب التجمعات المسيحية؛ ولكن بمرور الوقت تبنى بعضها تفسيرات غير مقبولة من غالبية المسيحيين، وقد ساهم تغيير المناخ الفلسفى والدينى والسياسى فى القرن الرابع على تصنيف هذه الحركات على أنها مختلفة عن التيار المسيحى السائد، مما ساهم فى رفضها العام تدريجيًا.
وبعد اندثار الحركات الغنوصية بشكل رسمى واختفاء كتاباتهم، تم تشويه الحركات الغنوصية عن حق وبدون حق، فبات للجميع الحرية فى نسب أى معلومة شاذة وغريبة للغنوصيين الذين اختفوا من الوجود، ولكن مع إعادة اكتشاف العديد من الكتابات الغنوصية فى القرن العشرين، أصبح لدينا القدرة على إعادة النظر فى الافتراضات والاتهامات للغنوصيين، والتى ثبت مع البحث الأكاديمى صحة بعضها ونفى غالبيتها.
فمثلا، اعتقد الكثير من الباحثين قبل القرن العشرين أن الغنوصيين لا يؤمنون بتألم يسوع المسيح وصلبه، ولكن الثابت الآن، أن بعض الجماعات الغنوصية أشارت لحقيقة موت المسيح بالصليب بصورة مباشرة وغير مباشرة كما هو على سبيل المثال فى إنجيل الحق وإنجيل مريم. 
أما بالنسبة للأفكار الغنوصية الباقية فى المسيحية، فمن الصعب جدا تحديدها، لأن هناك مئات السنين من التفاعل المتراكم بين الآداب المسيحية والمسيحيين والسياقات التاريخية، هذه التفاعلات أنتجت لنا المسيحية الحالية بكل ما فيها من مفاهيم روحية عميقة ومتراكمة. فمثلا، لو ركزنا على مفهوم معرفة الله فى المسيحية المعاصرة ومفهوم معرفة الله الحقيقي عند الغنوصيين، سنجد هناك تداخلا بين المفهومين. لكننا بالطبع لا نستطيع أن نقول إننا ورثنا المفهوم العنصري، لأن مفهوم معرفة الله الحالى ليس مبنيا فقط على التعاليم الغنوصية، إذ أنه أيضًا مفهوم كتابى «بالكتاب المقدس»، وثقافى «موجود فى الكثير من الأديان والثقافات عبر التاريخ».