الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"كُلى" المصريين تتألم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتعالى صراخ مرضى الكلى أمام وحدات ومراكز الغسيل بعد رفع فواتير العمليات، نحو 460 مركزًا حكوميًا وخاصًا تتولى مهمة علاج الفشل الكلوي، لنحو 60 ألفًا يقومون بعمليات الغسيل، 90% منهم دون الخمسين عامًا.
معاناة يومية للمرضى، و400 جنيه تكاليف الجلسة الواحدة، و3 جلسات أسبوعية بمبلغ إجمالى يتخطى الـ4800 شهريًا.

«الفلاتر» و«الأسيتيت».. ثنائى الموت
إصابة مرضى الفشل الكلوى بفيروس «سى» وأمراض القلب بسبب الإهمال معاملة المراكز الخاصة تختلف عن الحكومية.. و400 جنيه تكلفة الجلسة الواحدة
يتعرض الكثير من مرضى الفشل الكلوى للعديد من المخاطر، بسبب الخدمة فى المراكز الحكومية، وسعرها الباهظ فى المراكز الخاصة، وتقول هويدا راشد، ٥٤ عامًا، وإحدى المصابات بالفشل الكلوي: «بدأت معاناتى مع المرض منذ ٦ سنوات، وأقوم بإجراء الغسيل الكلوى داخل أحد مراكز الجيزة».
وتابعت «هويدا»: «معاملة المراكز الخاصة تختلف تمامًا عن معاملة المستشفيات الحكومية، فقد عانيت فى مراكز الغسيل الحكومي، ولم أجد من يهتم بي، وصدمنى أحد المسئولين عندما قال لي: إما أن تنتظرى دورك أو تموت حالة بالمركز، أو أن تذهبى للعلاج الخاص، فقررت أن أذهب إلى المراكز الخاصة بسبب عدم توافر مكان لى فى المستشفيات الحكومية».
وكشفت عن أن حالتها تسوء، حيث تسبب مرضها بالفشل الكلوى فى أمراض كثيرة مثل القولون، كما تسبب فى ضعف عضلة القلب، كما أصيبت بفيروس «سى» نتيجة ضعف المناعة، كما أجرت عملية استئصال للثدى بعد ظهور ورم سرطاني.
وأضافت: «أحتاج إلى نقل دم أسبوعيا بمعدل ٤ أكياس، كما أحتاج إلى تحاليل شهرية على نفقتى الخاصة بتكلفة أكثر من ٩٠٠ جنيه».

المكان ممتلئ.. انتظر دورك
يقول محمد أحمد، ٦٠ عاما، إنه يعانى الفشل الكلوى منذ أكثر من ١٠ سنوات، ولجأ إلى المراكز الخاصة بعدما فقد الأمل فى العلاج بالمستشفيات الحكومية أو على نفقة الدولة.
ويضيف: «كلما ذهبت للمستشفى أجد المسئولين عن المستشفى يقولون جملة واحدة: «المكان ممتلئ خد دورك وانتظر»، لذلك اضطررت إلى بيع ما أملك، حتى المنزل الذى أسكن به بعته لاستكمال علاجي، وأعيش حاليا فى غرفة واحدة».
ويتابع «محمد»: «الفشل الكلوى تسبب فى إصابتى بأمراض كثيرة، فأنا لا أتعالج منه فقط، إنما من الضغط والسكر أيضا، علاوة على ذلك، ففى إحدى جلسات الغسيل قامت ممرضة بإعطائى حقنة خاطئة، تسببت فى ورم بذراعى الأيسر، ليصبح من الصعب تحريكه حتى الآن، كما تسبب الغسيل أيضا فى إصابتى بفيروس «سي»، ولاحقا أصبت بمرض القلب.
وأكمل: مش معايا فلوس أكمل علاجي، وحالتى تسوء يوما بعد يوم، ومش لاقى مكان فى مستشفى حكومى أتعالج فيه، وترددت على أكثر من جمعية خيرية، وساعدونى مرة واتنين، ولكن فى الثالثة رفضوا دعمى.
ويصل عدد مراكز الغسيل إلى نحو أكثر من ٤٦٠ مركزًا بين خاص وحكومي، ودخلت فئات عدة إلى مجال مراكز الغسيل الكلوي، لتستغل وضع هؤلاء المرضى طمعًا فى الأرباح.

مخاطر الغسيل فى مصر
تتمثل مخاطر الغسيل الكلوى فى مصر فى عدة أمور، منها أن أغلب المراكز الخاصة والحكومية تستخدم محلول «الأسيتيت» فى جلسات الغسيل لمعالجة الفشل الكلوى، فى حين أن عدد المراكز التى تستخدم «البى كربونايت» قليل للغاية، بالرغم من أن الدراسات أكدت أن «الأسيتيت» منع استخدامه فى العديد من بلدان العالم، لأضراره حيث يؤدى إلى هبوط عضلة القلب، وهبوط فى ضغط الدم، وتستخدمه مراكز غسيل الكلى سواء الحكومية أو الخاصة لانخفاض تكلفته، دون وضع اعتبار لمدى خطورة ذلك.

فلاتر الموت
الأخطر أن باقى مستلزمات الغسيل خاصة «المرشح» لا تصلح؛ حيث تستخدم الفلاتر أكثر من مرة فى جلسات الغسيل دون تعقيم، ما يعرض حياة المريض للخطر.
والأخطر من ذلك أن الكثير من الذين يقومون بالغسيل الكلوى أصيبوا بفيروس «سي»، وأن معدلات الإصابة بالعدوى تنخفض فى المراكز الحكومية بسبب تجميع المرضى حسب حالتهم المرضية، بينما ترتفع فى الخاصة لقلة عدد أجهزة غسيل الكلى فيها، وقبولها المرضى المصابين بفيروس «سى» أو «بى»، وأصبح الغسيل الكلوى المصدر الأول فى الإصابة بالالتهاب الكبدى الوبائي.
يضاف إلى هذا، أنه أثناء عمليات الغسيل يحدث انسداد مواسير سحب المياه بماكينات الغسيل، ما يسبب تعرض المرضى أثناء الغسيل للصداع والضغط والشد العضلى والهرش الشديد وقلة الدم، وتعرض الكثيرون للموت داخل قسم الغسيل الكلوى بسبب الإهمال والتسيب، وعدم توافر الإمكانيات والأدوية.

رئيس وحدة غسيل طهطا: نعانى نقص المستلزمات وتعطل الأجهزة
قال الدكتور فتحى سلمان رئيس وحدة الغسيل الكلى بمستشفى طهطا العام، إن المستشفيات الحكومية تعانى نقصا حادا فى المستلزمات الطبية، وأعطالا متكررة فى أجهزة الغسيل الكلوي.
وأوضح أن هناك أسبابا كثيرة للفشل الكلوي، منها ما هو وراثي، حيث يولد المريض بعيب خلقى فى الكلى، ونتيجة تعرضه لأمراض أخرى يحدث تدهور فى وظائف الكلى، وبالتالى تتم عملية الغسيل، وقد ينشأ نتيجة حصوات رملية فى الكليتين، أو التهابات فى المثانة أو الحالبين.
وتابع «سلمان»: هناك طرق للعلاج قبل الغسيل، وإذا لم يتحسن عن طريق الدواء يتم تقرير عملية الغسيل.
وأضاف، يتم الغسيل فى وحدات خاصة بالغسيل الكلوى، مثل وحدة غسيل الكلى بطهطا، وهو عبارة عن جهاز مشابه للكلى، يقوم بنفس عملها، لذلك يسمى جهاز الكلى الصناعي، ويقوم المريض بعملية الغسيل الكلوى ٣ مرات أسبوعيا، ومدة كل جلسه ٤ ساعات، وسعر الجلسة ٢٠٠ جنيه تتحملها الدولة أو التأمين الصحي.
وأكد «سلمان» أن المعاناة تكون فى نقص بعض المستلزمات، وقد تكون أحيانا أخرى فى حدوث عطل فى بعض الأجهزة.
وبسؤاله عن الأماكن التى يتم توفيرها للمرضى بالمستشفيات، قال إن هناك بيان يصدر يوميا بالأماكن الفارغة، يتم تحويله إلى المديرية، ثم إلى وزارة الصحة، فجميع المرضى يتم توفير الأماكن لهم.
وقال «سلمان»: بالنسبة لقرار وزير الصحة برفع سعر الجلسة إلى ٤٠٠ جنيه، فالقرار لم يتم تفعيله داخل المستشفيات الحكومية حتى الآن، ولو تم تفعيله فالدولة ستلتزم بدفع الزيادة، كما فعلت فى تحمل الـ٢٠٠ جنيه.

مدير «الحق فى الدواء»: 60 ألف مريض يعانون من «الملوثات»
قال محمود فؤاد، مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، إن هناك حالات اكتشفت التهابات وبائية وفيروس «سي» والإيدز، ناتجة عن ملوثات تعرض لها المرضى بعد عمليات الغسيل الكلوي.
وكشف «فؤاد» عن وجود أكثر من ٦٠ ألف مريض يقوم بالغسيل الكلوي، ويعانون الأمرين بسبب بُعد المسافات، والنقص الهائل فى المحاليل والمرشحات والفلاتر، بالإضافة إلى الإصابة بأمراض خطيرة منها فيروس «سي».
وأضاف أن الحكومة فى الفترة الأخيرة رفعت سعر الجلسة إلى ٤٠٠ جنيه، دون النظر إلى الأعباء المستمرة على المريض، حيث إن حالات الغسيل فى مصر تعتمد على نفقة الدولة والتأمين الصحى لسعرها المرتفع، ويحتاج المريض إلى ٣ أو ٤ مرات فى الأسبوع الواحد، أى ما يعادل ١٢٠٠ فى الأسبوع، موضحًا أنه لا يوجد شخص يستطيع دفع تلك المبالغ فى الأسبوع الواحد.
وأوضح «فؤاد» أن المبرر فى ارتفاع سعر جلسات الغسيل الكلوي، هو ارتفاع قيمة الدولار، خاصة أن جميع المستلزمات تأتى من الخارج، لذلك لجأت الحكومة إلى رفع قيمة الجلسة الواحدة إلى ٤٠٠ جنيه.
وطالب الحكومة بالتخفيف عن المرضى، وأن يكون هناك صرف بدل للمرضى الذين يقطعون مسافات بعيدة، خاصة فى الصعيد للذهاب للمستشفيات، وزيادة عدد وحدات الغسيل.

برلمانيون: الأزمة تتصاعد والمستشفيات الحكومية عاجزة 

قال النائب الدكتور سامى المشد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن أزمة غسيل الكلى تتصاعد والمستشفيات الحكومية عاجزة، وأن عملية الغسيل الكلوي تتم في المستشفيات الحكومية والمراكز الخاصة على السواء، فلا يوجد مريض لا يتوافر له مكان، وإن حدث هذا فسيقوم بالغسيل في مراكز خاصة تكون متعاقدة معها وزارة الصحة، لكى لا يتحمل المريض جزءا من النفقة، وكل هذا يتم تنظيمه من قبل وزارة الصحة.

وأضاف «المشد»، بالنسبة لقرار وزير الصحة برفع سعر جلسة الغسيل الكلوي، فقد تم تطبيق القرار بالفعل من قبل وزارة الصحة، ووزارة الصحة هي من تتحمل الزيادة في سعر جلسة الغسيل الكلوي، وذلك بناء على بروتوكول بين الوزارة والمستشفيات الحكومية.

وأوضحت أنه بعد ارتفاع الأسعار، تحملت الوزارة تلك الزيادة، حتى لا يعانى المريض في ارتفاع سعر الجلسة، موضحًا أن الغسيل شيء يخص الوزارة والمستشفيات ولا علاقة له بالمريض على الإطلاق، فالدولة مسئولة مسئولية كاملة عن توفير أماكن للمريض، إما في مستشفى حكومي أو مراكز خاصة على نفقة الدولة.

وتابع «المشد»، بالنسبة لصعوبة توفير مكان للمريض في المستشفيات الحكومية، فهذا ما تتحمله وزارة الصحة، فلا بد أن تكون هناك حلول بديلة، كأن يكون هناك قرار يصدر بالعلاج على حساب التأمين الصحي أو نفقة الدولة، حيث من الممكن أن يكون هناك ضغط في المكان الموجود، فيضطر المريض للذهاب إلى مكان آخر، ولا يوجد لديه الإمكانية في دفع أي مبالغ مالية، ففي هذه الحالة لا بد أن تصرف الحكومة مبالغ مالية من نفقة الدولة، أو يتم عمل هذه الجلسات على حساب التأمين الصحي، حيث لا يطرد أي مريض، فالدولة مسئولة عن توفير أماكن لجميع المرضى.

من جانبه، قال النائب الدكتور مجدى مرشد، إن المشكلة الأساسية تكمن في ارتفاع عدد مرضى الفشل الكلوي في مصر، مقارنة بأي دولة أخرى، ومن هنا تحدث الأزمة.

وأوضح «مرشد»، أن أماكن غسيل الكلى زادت مؤخرًا، ولكن عدد المرضى زاد أيضا بصورة كبيرة وهو ما صنع الأزمة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مراكز غسيل الكلى الخاصة، إضافة إلى أنه توجد مراكز في الجمعيات الخيرية والأهلية، تتوافر بها أماكن للغسيل الكلوي، ولكن مع كثرة المرضى فإن الأماكن لا تتسع لهذا الكم من المرضي، ونجد أزمة أنه يوجد مرضى لا تتوافر لهم أماكن في المستشفيات الحكومية.

وطالب «مرشد» وزارة الصحة والحكومة، باتخاذ قرارات حاسمة بالاعتناء بالمرضي، وتوفير أماكن لهم في المستشفيات الحكومية، أو يكون هناك قرارات بالعلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحي، موضحًا أن أولئك المرضى مسئولون من الدولة وهى من تتحمل علاجهم بالكامل، فمن المفترض أن تقوم الدولة بزيادة عدد ماكينات الغسيل حتى يستوعب هذا الكم الهائل من المرضى لأن هؤلاء المرضى يعانون ولم تأخذهم الحكومة في حسبانها إلى الآن.

وأضاف «مرشد»، لا أحد ينكر أن هناك معاناة في العلاج في المستشفيات الحكومية، من ناحية صعوبة توافر مكان للعلاج في ظل تكدس المرضى وازدياد عددهم، خاصة أنه يوجد جزء كبير من المرضى لا يوجد مستشفيات قريبة منهم، ما يجبرهم على العلاج في المراكز الخاصة مما يخلق هناك معاناة للمرضي.

وأضاف، بالنسبة لمن يرغب بالعلاج في المراكز الخاصة لأى سبب من الأسباب، فالدولة غير مسئولة عنه، ولا تتحمل تكلفة علاجه، طالما لم يلجأ إلى مستشفى حكومي، لكن لو حدث ولجأ إلى التأمين الصحي للعلاج، ولم يسعفه، فمن واجب الدولة أن تحاسب التأمين الصحي على تقصيره.