الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حواديت عيال كبرت "24".. "لا تقل شئنا.. ولكن الحق شاء"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل عقدين أخذت نسخة من أوراقي وذهبت إلى إحدى الصحف لأتدرب فيها لم أكن أعرف أحدا؛ دخلت على عامل البوفيه واستفسرت منه عن طلب متدربين؛ احتسيت كوب الشاي وأخذ الرجل البسيط على عاتقه أن يكون وسطتي لمسئول التدريب؛ أعد فنجان قهوة للسيد مدير التحرير وأخذ مني صورة الأوراق؛ وأشار إلي لأتبعه؛ قدمني على أني قريبه؛ جلست على كرسي بجوار الباب؛ دخل الكثير ومعهم أقاربهم ومعارفهم؛ نسيني مدير التحرير؛ فتركت له صور الأوراق كتذكار ثم انسحبت وخرجت أبحث وأبحث دون جدوى.. اللهم إلا صحيفة إقليمية غير دورية كنت أنشر فيها بين الحين والآخر، بجانب مهن عدة امتهنتها من مراقب مخازن لأمين خزينة؛ لسائق؛ لمندوب مبيعات؛ لكني في كل خطوة لم أتخل عن حلمي؛ عن الورقة والقلم؛ عن العمل بالقطعة في مكاتب الصحف العربية؛ كنت بعد يوم شاق من العمل؛ أجلس على مقهى في المدينة القريبة من قريتي؛ وكانت صداقة دارت بيني وبين القهوجي حتى بات ينتظرني يوميا لألقي عليه إحدى قصائدي؛ وذات يوم أخبرني أن أحد زبائنه صحفي كبير في جريدة قومية؛ وسيتوسط لي لديه؛ انتظرنا ذلك الصحفي لساعات وبعدما جاء؛ أسر له القهوجي حديثا لم أسمعه؛ لكنه أومأ إلي فهرولت بأوراقي في اتجاهه؛ أطلعته على الأوراق وبأطراف أصابعه اختار ورقة؛ ثم قال هنشر دي بس هغير العنوان وأحذف نصفها، ودون أن أشعر قلت له لا؛ دفعني القهوجي بيده في صدري، ونظر إلي الصحفي بدهشة؛ فقررت قول لأ؛ فوضع الورقة وأشار بيده للقهوجي أن ننصرف؛ لم أسلم من لوم القهوجي لليالي ولليالي أخرى كتبت بانفعال حتى لم يعد تحت الأسرة مكانا لكلمة؛ كنت حينها فقدت عملي بقسم المشاهدة بإحدى القنوات الفضائية؛ ولم أجد عملا سوى مراقب مخازن في جمعية للأيتام، طابور طويل وقفت في آخره أمسك أوراقي وديوان شعر لي كان يحمل عنوان "الموت حبا"؛ كنت قد طبعته على نفقتي الخاصة؛ وكان مدير الشئون الإدارية يمر يأخذ بيانات المتقدمين فوقعت عيناه على الديوان؛ ولحسن الحظ كان الرجل شاعرا؛ أخرجني من الطابور وتعارفنا وألقينا على بعضنا القصائد؛ وبفضل تلك الصدفة حصلت على الوظيفة ولأن الراتب كان ضئيلا وبالكاد يكفي المواصلات؛ اضطررت لأعمل سائقا على "تاكسي" وردية بعد العمل؛ وفي يوم من الأيام تعرضت لسرقة بالإكراه وضاع إيراد الوردية، جلست على المقهى ورغم عني سقطت من جفني دمعة على صحيفة أمامي؛ فضوى مكانها اسم أحد أعرفه لكن الحياة باعدت بيننا؛ اتصلت على رقم الجريدة.. هاتفته.. فقال لي بشغف: إنت فين أنا بدور عليك.. تعالى فورا؛ ومن هنا بدأت.. ذقت الضيم وصبرت وتنقلت.. حتى أكرمني الله بمن أعطاني الفرصة والمساحة ومنحني ثقة ستظل تطوق عنقي ما حييت.. ففرحة ساقها إلي محت كل سنوات القهر.. فحمدا يليق بجلال الله وسلطانه.