الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تليفزيون البوابة

"محوج المزاج".. قصة أقدم "مطحن بن" في قاهرة المعز

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بأحد أقدم شوارع مدينة الألف مئذنة- القاهرة - وبالتحديد منطقة الجمالية، تجولتُ مترجلًا للبحث عن ورش صناعة وطلاء النحاس، قاصدًا عمل مجموعة من المشغولات النحاسية طلبها زميلٌ لي، وبعد مرور ما يقرب ساعتين كاملتين من البحث دون جدوى، قررت أخذ "هُدنة" بالجلوس على إحدى الـ"عتبات" لجدار أثري، واحتساء مشروبٍ كنت قد اشتريته من أحد البقالين، مصحوب بأخذ جرعة من النيكوتين- سيجارة- واستجماع قوتي لمواصلة البحث عن مطلبي، وإذ برائحة ذكية لـ"محوج بن" لم يشم أنفي مثلها من قبل، منبعثة من مكان غير معلوم، جعلتني أبحث وأفتش بسرعة هوجاء عن مصدرها، سائلا المارة: أين مصدر هذه الرائحة العطرة النفاذة، بعد أن توغلت بداخلي وملأت صدري وأنفاسي.
لعلك تقول: إنني مبالغٌ في حديثي، فكثيرًا ما شممنا رائحة تحويج البن، والأمر عادي مثله مثل أي رائحة عطرة لا تستوجب تغيير قبلتك للبحث عن مصدره، وربما يقول آخر إنه يسكن أعلى مطحنة لأشهر مصنعي ومحوجي البن في القاهرة، والأمر أكثر من عادي، ولكن إذا شممت هذه الرائحة حتمًا ستغير قولك، وماذا عليك إن تناولت فنجانًا من مطحن شُيد عام 1937.
يقول محمد شعيب: إن المطحن هو امتداد لجيل رابع، بعد أن ورثه أبوه عن أجداده، فقد شُيِّد هذا المطحن في عصر الاحتلال الإنجليزي لمصر، وبات يورث جيلًا بعد جيل، حتى جاء دوره في ولاية ما تركه أجداده قبل 82 عامًا. 
ويكمل وريث الأجيال حديثه قائلًا: إنه يسير على نهج أجداده في دهاليز الصنعة، "مش كل من فتح مطحن يبقى صنايعي، ولا كل من حوج شوية بن يبقى أستاذ، دي صنعة المزاج العالي، ولها أسرارها مثلها مثل العطارين، ولا تورث إلا لحامل اللواء من صلب العائلة"، لافتًا إلى أنه استعان بجزء ضئيل جدًّا من التكنولوجيا في مطحنه، إذ زود محمصة البن بـ"ميتور" صنع خصيصى لها؛ لتيسير عملية تدوير وتقليب البن أثناء عملية سوائه داخل "قِدرة" التحميص، صاحبة الأربعين عامًا، بدلًا من التدوير اليدوي، الذي يتبعه ثلاث مراحل هي: "التبريد، والطحن، والتعبئة". 
ويتابع: "سبحان الله! شرب القهوة إدمان مغذّ ولذيذ، أنا الصبح لما أشرف فنجان القهوة، ضربات القلب بتكون مظبوطة، وظائف كبد، وبعمل على تقليل نسبة الترسيب في الجسم وخفض الكوليسترول، ولكن أكثر من كُباية في اليوم بمثابة 3 فناجين تقلب المزايا لأضرار".