الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

محمود صلا يكتب: مأساة امرأة كانت ملكة "9-12"

الكاتب الصحفى محمود
الكاتب الصحفى محمود صلاح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى هذه الحلقات يكتب الكاتب الصحفى محمود صلاح حكايات مهمة عن حياة الملكة ناريمان، ابنة حسين صادق ووالدتها أصيلة هانم، والتى جاءت بعدما أصيبت والدتها «بالإجهاض» تسع مرات، قبل أن تنجب المولودة ناريمان فى النهاية.
وأصبحت ناريمان فتاة جذابة، وبدت مثل وردة جميلة بين زميلاتها فى مدرسة الليسيه الفرنسية، وسرعان ما كان من الطبيعى أن يجذب هذا الجمال العرسان وراغبى الزواج، كما كان هناك رغبة من والدتها بزواجها من الدكتور الشاب زكى هاشم، إلا أن اليوزباشى صلاح الشعراوى ابن اللواء الشعراوى قائد سلاح الطيران دخل على الخط.
إلا أن البحث عن خاتم مناسب لخطوبة ناريمان، كان هو الطريق الذى ساقها بالمصادفة للزواج من الملك فاروق لأن تكون آخر ملكات مصر.
ماذا حدث فى شهور العذاب التى عاشتها الملكة ناريمان مع الملك فاروق فى إيطاليا، إثر قيام ثورة يوليو ١٩٥٢ وطرد فاروق خارج مصر؟
كان هذا هو الجزء الأكبر فى مذكرات أمين فهيم الذى كان سكرتيرًا لفاروق فى إيطاليا.. وكان كذلك سكرتيرًا لناريمان لفترة.
وقد روى أمين فهيم كيف كان فاروق فى إيطاليا يعيش حياة الطيش والاندفاع. وكان لا يبالى بوجود ناريمان بجواره. فيغازل الراقصات أمامها فى كباريهات روما. وعندما اعترضت وجه لها ضربة قوية بقبضة يده. أفقدتها الوعى، وسقطت على الأرض.
وهددت ناريمان بأن تترك فاروق وتسبب له فضيحة.
لكنها فى النهاية وافقت على البقاء معه. فى مقابل أن تحصل على ثمن العلقة التى أعطاها لها!
وقال فاروق لسكرتيره أمين فهيم إنه دفع الثمن بالفعل!
وقال: إنه عندما أفاقت ناريمان من إغمائها بعد أن ضربها. قال لها: «باردون».. أنا آسف!
لكن ناريمان ظلت باردة لا تتأثر مثل لوح ثلج!
■ وقال فاروق لأمين فهيم: دى أول مرة يعتذر فيها ملك.. الملوك لا يعتذرون للرعايا.. كما أن هذه أول مرة أقول فيها لامرأة «أنا آسف»!
- قال له سكرتيره: ناريمان قالت لى الملك هزأنى أمام الخدم. وبناته يعرفن الآن أنه ضربنى. وسوف أعيش وسط نظرات الاحتقار من الجميع. وأنا لا أستطيع الحياة فى هذا الجو. ولا بد أن يفعل لى الملك شيئًا يرد اعتبارى ويعيد لى كرامتى. ويشعر الناس هنا بأننى ملكة وأن لى كرامتى ومكانتى فى القصر!
سمع فاروق هذا الكلام.. ولزم الصمت للحظات.
■ قال لسكرتيره فجأة: طيب.. عشان خاطرك حادفع ثمن العلقة!
■ وسحبه من يده إلى مخدع ناريمان، ثم تقدم ناحيتها فى الفراش وقبلها فى رأسها!
لكن ناريمان لم تحرك رأسها!
■ قال لها فاروق: نامى يا سكر.. استريحى يا سكر!
لكن ناريمان كانت مثل تمثال من الثلج!
■ فهمس فاروق فى إذن سكرتيره: فهمها.. اشرح لها يعنى إيه إنى قبلت رأسها أمامك.. معناها إنك راح تخرج تحكى اللى حصل للأميرات والخدم والحاشية. معناها أن الملك اعتذر على رؤوس الأشهاد.. وأنه شرف لو تعلمون عظيم!
وهنا انفجرت ناريمان! 
وقالت إن هذه القبلة لا تساوى عندها مليمًا واحدًا!
وأنها تريد «فلوس»!
وأنها تطلب مائة ألف جنيه، إنها تقدر العلقة بمائة ألف جنيه. إما أن يدفعها فاروق فورًا، وإما أن تأخذ ملابسها وتمشى!
قالت ناريمان هذا الكلام لأمين فهيم..
وكان فاروق قد غادر مخدع ناريمان إلى حجرته..
فعاد إليه أمين فهيم وأعاد عليه شروطها..
■ قال فاروق بدهشة: إيه.. مائة ألف جنيه؟ دى مجنونة. مائة ألف جنيه ثمن علقة.. مستحيل!
- قال له أمين فهيم: أظن لو دفعت لها المبلغ. فإنك ستشترى به سكوتها وهدوءها. ولن تعود إلى تذكيرك بالعلقة.
■ صاح فاروق: ناريمان كلها لا تساوى مائة جنيه.. مائة ألف مستحيل! 
أخذ أمين فهيم يتوسل إلى فاروق، الذى قال إنه يقبل أن يدفع ألف جنيه. ثم وصل إلى عشرين ألف جنيه!
■ وقال فاروق: ألم أقل لك إنها امرأة مادية. المرأة عادة تفكر فى الخيال والشعر. لكن ناريمان تفكر فى البنكنوت. كنت أتصور أن ثمن العلقة سوف تكون باقة ورد.. أو سهرة جميلة.. قبلة.. إنما فلوس؟ عمرى ما سمعت أن زوجة تطلب «فلوس» ثمن علقة!
ويقول أمين فهيم إنه عاد إلى ناريمان ليبلغها استعداد الملك لدفع عشرين ألف جنيه.. لكنها رفضت..
- وقالت له: أنا ما ببيعش ترمس!
وشرحت ناريمان موقفها..
- فقالت: مائة ألف جنيه يعنى مائة ألف جنيه. هذه هى فرصتى الوحيدة الآن. ولو لم أستغلها فسيأتى اليوم الذى يطردنى حافية من البيت. يجب أن أفكر فى مستقبلى من الآن، أنا لا أريد أن أخرج من هنا لأشحت فى الشوارع.. لا بد أن يدفع المائة ألف جنيه.. هو الآن خايف من الفضيحة. وبعد ٢٤ ساعة سوف يتغير الموقف. قد تختفى آثار الكدمات. قد يقول الناس لماذا لم تغادر القصر بعد أن ضربها مباشرة؟.. إما أن يدفع الآن.. وإما أن أخرج الآن!
***
ويقول أمين فهيم إنه عاد إلى الملك فاروق فى حجرته..
وعندما أبلغه بما قالته ناريمان، كان يتوقع أن يثور الملك وينفجر. لكنه فوجئ بموقفه. وأدرك أن ناريمان تفهم فاروق أكثر مما يفهمه.
■ فقد قال له فاروق: طيب.. سأدفع المائة ألف جنيه!
- قال له أمين فهيم: ناريمان تطلب تحويل المبلغ لأحد البنوك السويسرية.. لكى تزداد اطمئنانًا للمستقبل. 
ووقع فاروق على شيك بمائة ألف جنيه لناريمان!
وكان فى منتهى الغضب..
ويزعم أمين فهيم أنه عندما سلمها ورقة تحويل المبلغ شعرت بسعادة فائقة.
- ويزعم أنه انحنى أمامها، قائلا: عقبال العلقة الجاية يا أفندم!
ويستمر أمين فهيم، سكرتير الملك فاروق، فى تسجيل حكايات فاروق وناريمان فى إيطاليا، فيقول:
وتصورت أن القصر سوف يعيش فى هدوء فترة من الوقت. وأن فاروق سوف يحاول أن يحسن معاملة ناريمان. لكن فاروق اعتقد أنه اشترى ناريمان بمبلغ المائة ألف جنيه. وفى نفس الليلة استدعانى فاروق لأذهب معه إلى كباريه!
- قلت له: وجلالة الملكة؟
■ قال فاروق: ما لها؟
- قلت: ألا تحضر معنا؟
■ قال فاروق: تحضر ليه؟
- قلت له: ترضية لها.
■ قال فاروق بدهشة: ما دام أخذت الفلوس عايزه إيه؟ هى كانت عاوزة الفلوس وأخذتها.. عاوزة منى إيه بقى؟
وخرجنا وتركنا ناريمان وحيدة مع خادمتها «فيوليت»، وعدنا إلى القصر فى الخامسة صباحًا بعد الفجر. وعندما أردت أن أودع فاروق عند باب مخدعه، قال لى: لا.. تعال معى إلى غرفتى.
ودخلت معه وأخذ يتحدث فى أشياء لا معنى لها. وفجأة أقبلت ناريمان بملابس النوم والروب دى شامبر، وعندما همت بالجلوس، قال لها فاروق: «يا ستى سيبينا.. إحنا عندنا شغل.. عندنا كلام!».
وغادرت ناريمان الحجرة وهى تتعثر من الخجل والارتباك!
وذات يوم آخر عاد فاروق من الكباريه فى الخامسة صباحًًا فوجد ناريمان نائمة. فأيقظها من النوم. وقال لها إنه من واجب الزوجة أن تسهر ساهرة فى انتظار زوجها حتى يعود! وأصدر إليها أمرًا بألا تنام مطلقًا قبل أن ينام هو!
وأطاعت ناريمان أوامر فاروق.
- وقالت لأمين فهيم بعد أيام: أنت لا تعرف ما يجرى فى حجرة النوم. أن فاروق يعود فى الخامسة صباحًا، ويقول لى «بنسوار» مساء الخير. ثم يبدأ خلع ملابسه، وهو يغنى، وأسأله: أين كان؟ فلا يرد. أسأله: من رأى فى السهرة؟ فلا يرد، أسأله: هل أمضى ليلة سعيدة؟ لا يرد. ويستمر فى الدندنة والغناء. ثم يستلقى فى الفراش إلى جوارى، ويبدأ فى تصفح الجرائد وبعدها الكتب الهزلية. وهكذا طوال ساعتين أو ثلاث ساعات. فإذا طلبت أن يطفئ النور لأنام لا يرد علىّ!
ثم يروى أمين فهيم حكاية أخرى عن تفنن فاروق فى تعذيب ناريمان بأشكال ووسائل تنال من كرامتها حتى أمام الناس!
ويقول إن فاروق ذات مساء ذهب إلى حجرة ناريمان..
■ وقال لها: سآخذك الليلة معى.
وذهب فاروق وناريمان وأمين فهيم إلى كباريه «البوابة المفتوحة» فى روما. وكان من أرقى المطاعم فى العاصمة الإيطالية. ولا يرتاده سوى صفوة الإيطاليين والأجانب. وجلس إلى جوارهم على المائدة محامى الملك الإيطالى وزوجته وابنته. وكانت ناريمان ترتدى ثوبًا أنيقًا لفت الأنظار إليها.
وشعرت ناريمان بنظرات الناس فشمخت بأنفها فى كبرياء..
وطوال السهرة لم يحاول فاروق مداعبة أو مغازلة الراقصات. ولم يفعل كعادته فيدق بأصابعه على المائدة أو يضحك فى هيستيريا.
وبدا على ناريمان أنها سعيدة..
وهمست فى أذن فاروق بأنها تريد أن تذهب إلى التواليت..
وهز فاروق رأسه موافقًا.
وعندما قامت ناريمان.. وقف فاروق تحية لها!
فوقف جميع من كانوا على المائدة تحية للملكة ناريمان!
ومشت ناريمان وهى تتبختر..
وفجأة ضج المكان كله بالضحكات!
كان الجميع يضحكون.. وعلى رأسهم الملك فاروق!
ولاحظت ناريمان أن العيون متجهة إليها وأصحابها يضحكون.
وأسرعت إلى التواليت.. ونظرت إلى المرآة. فسقطت على الأرض مغشيًا عليها!
وعرفت ناريمان لماذا كان رواد الكباريه يضحكون.. إن فاروق عندما وضع ذراعه حول ظهرها قبل أن تنهض. قد شبك فى فستانها ورقة كبيرة مكتوب عليها بالإيطالية «ناريمان جارية فاروق»!
ثم يروى سكرتير فاروق بقية القصة التعيسة، فيقول:
وبقيت ناريمان وهى تبكى فى دورة المياه. لا تستطيع أن تخرج وتواجه العيون من جديد. وظلت هناك حتى أطفأت الأنوار، وتسللت من التواليت. ومشت بين الصفوف، وكأنها شبه نائمة. كانت تغمض عينيها حتى لا ترى نظرات السخرية.
ووقف من كانوا على المائدة احترامًا لها..
وأسرع فاروق يقف وهو يداعبها ويضحك..
لكن ناريمان لم تبتسم ولم تضحك..
جلست إلى مقعدها دامعة العين.. مكتئبة.. حزينة.. شقية.. ولم تعاتب فاروق. ولم تنظر ناحيته. كانت أشبه بامرأة مغمى عليها، وهى جالسة فى مقعدها. وكان صوت تنفسها يعلو ويعلو. وكأن قلبها هو الذى ينوح ويتعذب ويبكى..
وظلت ناريمان كالتمثال!
وجهها جامد.. عيناها تنظران إلى اللا شىء.. شفتاها اختلطت فيهما زرقة غريبة بأحمر الشفاه! وكانت تدق بحذائها على الأرض فى حركات عصبية!
ورأى فاروق كل ذلك..
فاندفع فى ضحكاته وقهقهاته العصبية التقليدية..
وكأنه رأى الخنجر الذى أغمده فى صدر ناريمان يسيل دمًا مما يزيد من سعادته ومتعته!
وفى طريق العودة إلى القصر بالسيارة 
كانت المفاجأة أن فاروق هو الذى بدأ بالهجوم!
■ وصاح فى وجهها: هو كل مرة تخرجى معايا تقعدى مبوزة؟
لم ترد ناريمان..
■ مضى فاروق يقول لها: إنت وش نكد.. إنت متسلطة لتنغيص حياتى وتبويظ سهراتى.. أنا غلطان اللى أخذتك معايا.. لما أبقى مبسوط تزعلى.. ولما أضحك تعيطى.. ولما أبقى زعلان تفرحى.. دى مش جوازة دى جنازة.. حصل إيه يعنى. علقت على ظهرك يافطة؟ دى نكتة.. إنتِ ما بتفهميش فى النكتة؟ كل الناس ضحكت إلا أنتِ. ولو كنت بتفهمى كنت ضحكت معاهم. وكانوا قالوا إن دمك خفيف. إنما إنتِ عاوزة تقلبى كل حاجة كويسة غم ونكد!
ظلت ناريمان صامتة ولم ترد عليه!
وتضايق فاروق أكثر من صمتها.
■ فمضى يقول لها: زعلانة عشان كتبت على ظهرك ناريمان جارية فاروق؟ عاجبك ولا مش عاجبك؟ إنت جارية طبعًا. أنا اشتريتك ودفعت ثمنك. وعارف إنكم غلبتونى فى الثمن. وإذا كانت الحكاية دى مش عجباك لأنها نكتة. لازم تعجبك لأنها جد. ولازم تعرفى إنك جارية. وراح تفضلى جارية. وراح تعيشى معايا جارية!
ولم ترد ناريمان طوال الطريق على هذه الإهانات..
لكنها ما إن وصلت إلى القصر، حتى أسرعت تدخل مخدعها، وتغلق الباب، وظل فاروق يطرق الباب بشدة، وهو يشتمها ويسبها!
واستيقظ كل من كانوا فى القصر على شتائم فاروق. بناته استيقظن من نومهن، والخدم فى غرفتهم يتهامسون حول الخناقة الملكية؟
***
ويكمل أمين فهيم القصة، ويقول إنه عندما استيقظ فى الصباح. وبينما كان يقوم بحلاقة ذقنه، سمع صوت ناريمان تسأله إن كان قد استيقظ. ففتح لها الباب ووجدها بالروب دى شامبر.. عيناها حمراوان ووجهها أصفر شاحب.
- قالت له ناريمان: عاجبك اللى حاصل؟
■ قال لها أمين فهيم: أنا آسف.
- قالت: آسف بس.. لقد تصورت وإنك تسمع هذا الكلام أنك شعرت بأنك تريد أن تضرب الملك قلمًا على وجهه!
■ قال لها أمين فهيم بذعر: أنا.. أضربه؟
- قالت ناريمان: أيوه.. أى جنتلمان كان يفعل ذلك.. هو نادم على المائة ألف جنيه التى أخذتها منه يوم العلقة اللى فاتت. وهو يريدنى أن أنفجر وأقول له: «خذ المائة ألف بتاعتك.. على الجزمة». وهو لهذا يكرر أننى جاريته وإنه اشترانى ومن حقه أن يستعبدنى، وإنه حر يفعل بى ما يشاء. كل ذلك لكى أثور وأفعل ذلك. ولكننى لن أثور. لأنى على ثقة أن المائة ألف جنيه تعذبه أكثر من ألف مرة من عذابى بالشتائم والسباب. إنه يتعمد إذلالى من يوم المائة ألف جنيه. وهو يبدأ بإهانتى ثم يلومنى بعد ذلك. وهو يتبع معى المثل الذى يقول «ضربنى وبكى وسبقنى واشتكى».. لكن الفلوس أحسن من عينه!
■ قال لها أمين فهيم، وهو يضحك: هل هناك مشروع جديد لثمن الخناقة الملكية، يعنى عاوزة يدفع حاجة فى مقابل الفصل اللى عمله فى الكباريه؟
- ردت ناريمان: لا.. مافيش فايدة.. واللى عاوزاه دلوقت إنى أهرب!
■ سألها: تهربى إزاى؟
- قالت ناريمان: أهرب.. آخد الولد وأهرب!
■ قال لها: هذا جنون.. الحراسة على ابنك قوية جدًا.. ولا يمكن حدوث هذا!
بينما ناريمان تهم بترك الغرفة..
- قالت لأمين فهيم، وهى تبتسم: فكر.. حياتى هنا جهنم!
***
ويقول أمين فهيم: إن حياة ناريمان فى القصر كانت جحيمًا فعلًا.
وعندما وصلت إيطاليا لأول مرة بعد خلع فاروق، كانت الوحيدة بين الجميع التى تكاد تكون فى عزلة تامة عن الناس. فاروق لم يكن يقترب منها ولا يحدثها إلا كلمة أو كلمتين فى اليوم الواحد. وإذا تنازل وتحدث إليها فإنه يؤنبها. ويقول لها بمناسبة وبغير مناسبة إنها حمارة! وإنها لا تفهم شيئًا! أما بنات فاروق فإنهن يتحدثن لها باستعلاء. ورغم تجاور الحجرات فى القصر. فإنهن لا يرينها إلا لحظات معدودة. وكانت الأميرات فريال وفوزية وفادية إذا اجتمعن يسخرن منها باعتبارها زوجة الأب. أما بالنسبة لطفلها، فالمربيات يعملن من تلقاء أنفسهن. وقد أصدر إليهن فاروق تعليمات مشددة بأن الأوامر الخاصة بالولد تكون من فاروق شخصيًا. وأن أم الولد لا علاقة لها بتربيته. ولا بمواعيد طعامه ونزهته. ولا بأى شىء متعلق به!
وكانت هناك أوامر من فاروق بأن ترى ناريمان طفلها لمدة ساعة واحدة!
وإذا تجاوزت ناريمان هذه الساعة يقوم فاروق بتوجيه اللوم لها أمام الجميع!
ثم يكشف أمين فهيم حكاية مذكرات ناريمان.. التى نشرت فى الصحف دون أن تكتبها!
واكتشفت ناريمان أن كاتب هذه المذكرات.. هو فاروق نفسه!
ويروى أمين فهيم القصة، قائلًا:
ذات يوم دخلت ناريمان إلى حجرتى، وهى غاضبة تكاد تنفجر..
- وقالت لى: الملك مزور!
■ سألتها فى دهشة: زوّر فى إيه؟
- قالت ناريمان: زور إمضائى!
■ سألتها: على شيكات؟
- قالت ناريمان: لا.. على مذكرات!