الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

إصلاح التعليم سنة أولى تطوير.. خبراء: "الإرادة السياسية" شرط إنقاذ المنظومة.. كمال مغيث: 250 مدرسة تتخطى مصاريفها الربع مليون جنيه.. وإلهام عبدالحميد: يجب إشراك المعلمين في وضع المناهج

إصلاح التعليم سنة
إصلاح التعليم سنة أولى تطوير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتحرك مصر إلى الأمام، والتطوير قادم لا محالة فى مجالات عدة بالبلاد، وخاصة بساحة التعليم، وتراهن الدولة على النهضة من باب التعليم، لترفع شعار «نعيش زمن التابلت»، فى إشارة منها إلى أن نظرية التعليم بـ«الكراسة» سقطت إلى الأبد، وبدأ عصر التكنولوجيا وإعداد التلميذ العصرى وطالب الكمبيوتر. 
وبشرت دراسة حديثة للمركز القومى للبحوث، باقتراب نهضة التعليم، وكشفت عن أكثر من 19 محورًا للتطوير، أهمها إصلاح حال المعلم، وإعادة «طبخ» المناهج بما يتماشى مع العصر. 
فيما أكد الخبراء أن تطوير التعليم مشروط بوجود إرادة سياسية، واقترحوا «أقلمة» التعليم عن طريق توجيه المناهج لكل إقليم فى مصر على حدة، فيما تبقى شريحة المعلمين هى الأزمة المحورية فى القضية، مع مطالبتهم المستمرة بتحسين دخولهم وإعادة هيكلة الرواتب والأجور. 

كشفت دراسة المركز القومى للبحوث لتطوير التعليم، عن أن مختلف الحضارات التى اعتمدت على القوة والمال، وتجاهلت العلم والتعليم، اندثرت بعد مدة من الزمان، بعكس الحضارات التى اعتمدت على الفكر والتعليم فى بناء حضارتها، والتى كونت هذا الفكر من خلال منظومة تعليمية متكاملة كانت موجودة فى تلك الأيام، وشددت الدراسة على أن العنصر الأول والأساسى فى العملية التعليمية هو المعلم، قائلة، إنه بدون تطوير المعلم، وتطوير طرق تلقى الطالب والأساليب المتبعة فى تواصلهم تعليميا، لن تحدث نهضة فى مصر. 
خبراء: «الإرادة السياسية» شرط إنقاذ المنظومة.. كمال مغيث: 250 مدرسة تتخطى مصاريفها الربع مليون جنيه.. وتغيير طريقة اختيار المعلم ضرورة إلهام عبدالحميد: توصيل المعلومة أهم من العلم.. ويجب إشراك المعلمين فى وضع المناهج 
ويقول الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوى بالمركز القومى للبحوث، وأحد المشاركين فى الدراسة، إن وجود إرادة سياسية فى عملية التطوير ضرورة، حتى مع وجود المناهج والخطط وجميع ما تتطلب عملية التعليم. 
وتابع: «لا نستطيع الارتقاء بالتعليم من دون الارتقاء بالمعلم والمناهج وقدرة الاستيعاب عند الطالب على حد سواء». 
وكشف «مغيث» عن وجود ٢٥٠ مدرسة مصاريفها الدراسية للطالب الواحد حوالى ربع مليون جنيه، وهو ما يدفع ولى الأمر إلى التعالى على إدارة المدرسة، والنتيجة ضياع هيبة المدرسة والمدرس. 
وأضاف «مغيث»: لم يعد الطالب أو الطالبة يحترمون المعلم أو يستجيبون لكلامه ونصائحه، وهذا ما أوصل التعليم إلى حاله الآن. 
ويكمل «مغيث»: نرى المعلمين فى هذه الأيام فى مختلف المراحل الدراسية سواء المراحل الأساسية أو الدراسات العليا، غير أكفاء للقيام بإيصال المعلومة بالشكل الصحيح، كما نرى أيضًا المعلم غير قادر على غرس المبادئ والقيم فى الطلبة، وهو الأمر الأهم من العملية التعليمية فى المراحل الأساسية، وأول ما نستطيع عمله هو تغيير طريقة اختيار المعلم. 

مؤهلات المعلم 
ترى الدكتورة إلهام عبدالحميد، وكيل كلية التربية للدراسات العليا بجامعة القاهرة سابقا، أنه من المهم اختيار المعلم بالطريقة الصحيحة، التى تعتمد على امتلاكه للمؤهلات المختلفة من العلم الكافى، والأمر الأهم من العلم هو طريقة إيصاله، فالمعلم لا يكون معلمًا إذا لم يستطع إيصال المعلومة للطالب، علاوة على ذلك يحتاج إلى غرسها فى فكر الطالب وعقله أيضًا، كى يكون معلمًا ناجحًا، كما يجب أن يكون محبًا للتعليم بحسب المرحلة التى يقوم بالتعليم بها. 
وأضافت، أن العنصر الثانى والأهم من عناصر التعليم، هو المنهج، والذى لا يمكن تحسينه أيضًا إلا باختيار المعلمين الأكفاء، فالمعلم هو الذى يقوم باختيار المنهج الصحيح وتدريسه بالطريقة الصحيحة، وقبل البدء بتطوير المنهج التعليمى يجب أن نكون قادرين على الإجابة عما هو المنهج التعليمى، وكيف يتم وضع المناهج التعليمية بالطريقة الصحيحة. 
وأشارت إلى أن المنهج يجب أن يتم وضعه اعتمادًا على المخرجات التى نريدها من الطالب بحسب المادة، كما يجب أن يتم الربط بين المواد المختلفة، فالعلم جملة واحدة لا يمكن التفريق بين أى جزء من أجزائه، فعلى سبيل المثال ما الفائدة من مناهج التربية بشكل عام إذا لم نلاحظ انعكاس هذه المواد على سلوك الأفراد فى المجتمع، فنحن نلاحظ أن الواقع الذى نعيشه فى هذه الأيام يعتمد على أن الطلبة يحفظون المناهج الأدبية من الكتاب المقرر، من أجل تأدية الامتحانات التى يقومون بالغش فيها. 

النشاطات اللا منهجية 
ويقول الدكتور حمزة السروى، أحد المشاركين بالدراسة، إنه يجب أن تكون المواد الأدبية وكما يدل اسمها، قادرة على تأديب الطالب وغرس القيم فيه، فتقوم مناهج التربية الوطنية والتربية الإسلامية على سبيل المثال بغرس الأخلاق فى الطالب عن طريق تضمنها للنشاطات اللا منهجية، مع إمكانية عدم وجود كتاب لمثل هذه المواد، فالتربية لا تحتاج إلى كتب، بل تحتاج إلى أداء، وفتح مجال للحوار والنقاش فيها. وشدد «السروي» على أهمية اختيار المعلمين الأكفاء، كى يقوموا بهذه العملية فتعرفه كيف يكون مواطنًا فاعلًا فى المجتمع وقادرًا على النهوض به نحو الأفضل، وأن تقوم مواد كالتاريخ بتعريف الطالب بأهمية التاريخ وإعطائه العبر من التاريخ، وهو الأمر الأهم بدلًا من حشو المعلومات والتواريخ فى رأسه، والتى ستتساقط فيما بعد كما تتساقط أوراق الأشجار فى الخريف، وأن تقوم مناهج اللغات بتقويم طريقة الطالب فى التعبير عن نفسه وتحسين أدائه فى ذلك، والتى هى الوظيفة الأساسية للغات. 
ينصح الدكتور سامى نصار، عميد كلية التربية للدراسات العليا بجامعة القاهرة، بالربط بين المناهج المختلفة، وقال فى دراسة المركز القومى للبحوث لتطوير التعليم: إنه لا يمكن فصل منهج التربية الإسلامية على سبيل المثال عن منهج اللغة العربية. 
ويضيف «نصار» أنه من الممكن القيام بإعطاء دروس مشتركة بوجود معلمى هاتين المادتين من أجل فهمهما بالطريقة الصحيحة، فلا يمكن فهم القرآن الكريم من دون اللغة العربية، كما لا يمكن فهم اللغة العربية من دون فهم القرآن الكريم بالطريقة الصحيحة، والذى يعتبر الكتاب المعجز فى لغة العرب، كما أنه لا يمكن فصل مادة اللغة الإنجليزية عن المواد العلمية فى هذه الأيام، والتى للأسف تُدرّس بهذه اللغة فى الوقت الحالى فى البلاد التى يتحدث أهلها العربية. 
ويتابع: من المستحيل أن نستطيع فصل أي مادة من المواد أكانت علمية أو أدبية أو مهنية عن التاريخ، فالمواد الأدبية يجب معرفة أصولها ففى أصل الأدب تكمن عراقته وقمة تألقه، أما العلم فهو كسباق التتابع، يكمل فيه كل شخص عمن سبقه، فلا يمكننا بدء العلم من جديد، وهنا تكمن ضرورة التاريخ فى العلم. 

طرق حديثة لتقييم الطالب 
وشدد «نصار» على أهمية تقييم الطلبة وتصنيفهم، فمن المهم أن يتضمن طرقًا حديثة للتقييم ولا تعتمد على الامتحانات الكتابية هربا من الغش، ويجب أن تتضمن عملية تقييم الطلبة العامل الاجتماعى وهو قدرتهم على المشاركة فى الحصص وإبداء رأيهم، كما تتضمن القدرة البحثية، والتى تعتمد على انتقائهم للمعلومة الصحيحة من المصادر الموثوقة، وقدرتهم على تصنيف هذه المصادر وذكرها بالشكل الصحيح، وقدرتهم على البحث بالطريقة الصحيحة فى هذه المصادر، وعدم البحث فى الإنترنت، الذى يعتبر مصدرًا غير موثوق للمعلومة الصحيحة. 
وتابع: يجب أن يتضمن تقييم الطلاب على الجانب العملى أيضًا فى المواد العلمية على وجه الخصوص، فلا فائدة من دراسة كل ما يحدث فى الكيمياء على سبيل المثال من دون ملاحظته بالعين المجردة وتجربته باليد، ولا فائدة من المعادلات المختلفة من دون القدرة على التطبيق العملى لهذه المعادلات، وهو أمر لا نلاحظه فى المدارس وحسب، بل حتى فى الجامعات التى من الواجب عليها أن تؤهل الطالب للحياة العملية، والتى لا نلاحظها تقوم بتأهيله إلا لمزيد من الحفظ للمعلومات ونسيانها فيما بعد. وطالب «نصار» بتحسين الامتحانات الورقية، ولكن من المهم وضعها بالطريقة الصحيحة، والتى يتم من خلالها قياس مدى فهم الطالب للمادة بالشكل الصحيح. ويكشف «نصار»، وفقا للدراسة، أن المعلم هو المتحكم الرئيسى فى عملية التطوير، لافتا إلى أن الخطوات المقترحة لتطوير التعليم فى مصر تتضمن ١٩ محورًا للتطوير، ومنها: 
يشرح عبد العال محمود، معلم رياضيات، وضع المعلم بمصر قائلا: مرتبات المعلمين فى مصر متدنية، فالمدرس يتقاضى نحو ما يعادل ٦٥ دولارا فى الشهر، أى أقل مرتب معلم فى العالم، وهذا معناه أن الدولة تدفعنا إلى طريق الدروس الخصوصية دفعًا، وإلا من أين نفتح بيوتنا وننفق على أولادنا، فى حين أن المعلمين فى الدول المتقدمة مرتباتهم مرتفعة نظير ما يقدمونه من خدمة عظيمة للدولة والمجتمع. ويرى فرحات محمد، معلم، وأحد العاملين فى برامج التدريس النشط أن العملية التعليمية يتم التعامل مع مكوناتها بشكل شديد القصور. 
وقال «محمد» إن عناصر العملية التعليمية ليس فيها المجتمع أو الأسرة أو المجتمع المدني، فلدينا فقط المعلم والمتعلم والمنهج والتقييم، أو ما نسميه الامتحان، حيث نبدأ بالمدرس الذى تحول داخل تلك المنظومة لمحتكر لسلعة يبيعها ويتكسب من ورائها بكل جشع، ومن لا يفعل ذلك يعيش على الكفاف. 
وانتقد عدم وجود أى أهداف تنموية أو قومية واضحة بالمناهج، وتساءل «محمد»: هل هى تقيس أو تنمى مهارات التفكير، هل الولد من خلال التعليم يكتسب مهارات وقدرات التعامل مع العالم، هل تنقى سلوكه فى التعامل مع زملائه؟ 
فيما قالت دعاء رجب، معلمة علوم إعدادي: «أعانى من عدم توافر معمل، فرغم وجوده إلا أن إدارة المدرسة لا تفتحه فى حصص العلوم والكيمياء للطلبة، ويصعب جدا شرح الكيمياء بدون رؤية التجارب بالعين أثناء التفاعلات التى ترسخ المعلومة الكيميائية فى ذهن الطلبة، والتطبيق والتجريب هما الأساس فى مادة العلوم الكيميائية، ورغم ذلك معظم المدارس المصرية بها معامل لا تفتح للمعلمين ولا للطلبة، والوزارة تعرف ذلك ولا تبالى».