الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

عضوية الصهاينة بمجلس الأمن تكشف ضعف العرب وطموح "الاحتلال"

عضوية الصهاينة بمجلس
عضوية الصهاينة بمجلس الأمن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أعلن الكيان الصهيونى فى عام 2000، عن نيته الحصول على مقعد غير دائم فى مجلس الأمن خلال عامى 2018 - 2019، حيث يشترط النظام الداخلي للمجلس تقديم الدولة الرامية للحصول على عضويته طلب الترشح قبل عشرين عامًا، وهو ما فعلته تل أبيب فى عام 2000 عقب انضمامها إلى مجموعة دول أوروبا الغربية ودول أخرى.

وعقب 5 أعوام من ذلك، دعا وزير الخارجية الإسرائيلى حينذاك، سيلفان شالوم، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، كوفى أنان، لمساندة تل أبيب لتطبيع الوضع الإسرائيلى فى الأمم المتحدة، فى ظل وجود ظهير عريض معارض للوجود الإسرائيلي، مُمثل فى الدول العربية وأعضاء حركة عدم الانحياز، الذين يشكلون كتلة كبيرة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومن الجدير بالذكر، أن فوز إسرائيل بذلك المقعد خلال العامين المعنيين يتطلب تأييد ثُلثى أعضاء الجمعية العامة للمنظمة البالغ عددها 193 دولة.

معارضة عربية ومراوغة إسرائيلية

وذكر موقع «واللا» الصهيونى فى تقرير منشور مؤخرًا، أن إسرائيل تُعد الدولة الوحيدة فى منطقة الشرق الأوسط التى لم تنل عضوية فى مجلس الأمن، على الرغم من كونها الأكثر أهمية وتأثيرًا فى منظمة الأمم المتحدة، حسبما يقول الموقع.

وانطلاقًا من ذلك، تبذل تل أبيب جهودًا دبلوماسية عدة، تجسدت فى قيام رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، بجولات أفريقية قدم خلالها مساعدات عسكرية واقتصادية؛ حيث تمتلك القارة الأفريقية كتلة تصويتية عريضة تُعادل الـ ٦٠ مقعدًا فى الأمم المتحدة، إلى جانب التنسيق مع زعماء آسيويين وأوروبيين.

وفى المقابل، تُكثف الدول العربية جهودها لإجهاض تلك المساع، انطلاقًا من دعمها للقضية الفلسطينية وضرورة التصدى للسياسات الإسرائيلية غير الشرعية والخارقة للقانون الدولى، والتى من المفترض تُعيق ترشيحها لهذا المقعد، وذلك من خلال عدة إجراءات، ومنها اعتماد البرلمان العربى خطة تحرك عربية برلمانية فى يوم ٧ مارس ٢٠١٨، تقوم على تكثيف الجهود العربية الداعمة للقضية الفلسطينية، والترويج لكيفية حصول دولة احتلال على ذلك المقعد بالرغم من عدم احترامها للقوانين الدولية وقرارات منظمة الأمم المتحدة، كما عزم البرلمان على إرسال وفود إلى الدول الخمس دائمى العضوية لإقناعهم بعواقب انضمام إسرائيل لمجلس الأمن على القضية الفلسطينية، ومدى إساءتها لمبادئ الشرعية الدولية.

احتمالات مشروطة

وهناك خياران أمام المساعى الإسرائيلية المعنية، الأول؛ يتمثل فى نجاح الجهود الإسرائيلية فى تحقيق هدفها فى ظل دعم أمريكى وأوروبى غربى، وتراخى الجهود الدبلوماسية العربية، وغياب سياسة عربية واحدة ومُنسقة مع كل من الكتلتين الأسيوية والأفريقية موجهة نحو إخفاق الجهود الإسرائيلية.

وما يُعزز من هذا الخيار هو فوز تل أبيب، ولأول مرة، برئاسة اللجنة القانونية التابعة للأمم المتحدة مرشحةً عن مجموعة غرب أوروبا وبدعم أمريكي، وذلك فى يوم ١٦ يونيو ٢٠١٦، وهى اللجنة التى تختص بوضع المعاهدات الجديدة، وتوصية الدول بالتوقيع والتصديق عليها، هذا إلى جانب الإشراف على كل القضايا المعنية بالقانون الدولي.

والصادم فى الأمر، أن هذا الفوز جاء بأغلبية ساحقة بواقع ١٠٩ أصوات من أصل ١٧٥ صوتا صحيحا من إجمالى ١٩٤ صوتا، على الرغم من اعتراض الكتلة العربية التى تحدث بلسانها الممثل الدائم لليمن، خالد اليماني، وكذلك المجموعة الإسلامية التى تحدث بلسانها الممثل الدائم للكويت، منصور العتيبي، وهو ما ترتب عليه لجوء الجمعية العامة للأخذ بنمط التصويت، بالرغم من الاعتياد على انتخاب رؤساء اللجان بتوافق الآراء وذلك بناء على طلب الكتلة المُعترضة على ترشح «تل أبيب». 

إضافة إلى ما سبق، تمكنت «تل أبيب» فى عام ٢٠٠٣ من الدخول فى لجنة «نزع السلاح» ولجنـة «مكافحة المخدرات»، وعقب عامين وتحديدًا فى يوليو ٢٠٠٥ تم تعيين محام إسرائيلى «ديفيد شاريا» فى منصب مستشار قانونى للمديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، التى تختص بالإشراف على أعمال فريق دولى يقدم المشورة لمجلس الأمن حول جهود مكافحة الإرهاب، كما تم انتخاب اسرائيل ولأول مرة فى عام ٢٠٠٥ كنائب لرئيس الجمعية العامة فى دورتها الـ٦٠ من ضمن ١٨ نائبا.

أما بالنسبة للخيار الثاني؛ فيتمثل فى إخفاق تل أبيب فى الحصول على هذا المقعد مثلما أخفقت فى أعوام ( ٢٠٠٢ و٢٠٠٣ و٢٠٠٥ ) فى الانضمام للجان حقوق الإنسان، وهو ما يستدل عليه من خلال فشل إسرائيل فى عام ٢٠٠٣ من استعادة وضعيتها على المستوى التنظيمى كـ«عضو مراقب» فى الاتحاد الأفريقي، مثلما كان الأمر فى منظمة الوحدة الأفريقية وذلك بفضل التنسيق العربى - الأفريقي، والذى بناء عليه سعت «تل أبيب» للتعاون والتنسيق مع عدة دول أفريقية، عبر القيام بجولات أفريقية، أعلن فى إحداها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتينياهو، وتحديدًا خلال زيارته لكينيا فى يوليو ٢٠١٦، أنه يسعى للحصول على صفة «عضو مراقب» فى الاتحاد، وأنه إذا نالت «تل أبيب» تلك المكانة، فإن هذا سيقود إلى تغيير استراتيجى فى مركز إسرائيل على الصعيد الدولي.

وهناك أنباء متداولة حول رفض غالبية دول أوروبا ترشيح «تل أبيب» كممثلة لها على أحد المقعدين، وهو ما يُمكن إرجاعه لمحاولة تلك الدول تجنب إثارة غضب ١٢٨ دولة، سبق وأن صوتت برفض القرار الأمريكى المعنى بنقل السفارة الأمريكية للقدس

سُبل إجهاض المساعي الإسرائيلية

هناك حاجة عربية لإعادة تجديد وإحياء التمثيل العربى للقضية الفلسطينية، والتى كانت خلال فترات زمنية طويلة تتصدر الأجندة العربية؛ حيث يُمكن تفسير تراجع التمثيل العربى لتلك القضية لحجم التحولات والتغيرات السياسية التى شهدتها المنطقة العربية، والتى أدت لتصدر قضايا أخرى مثل الأزمة السورية واليمنية والليبية، وهو ما يتطلب القيام بتكثيف الجهود الدبلوماسية العربية، وزيادة التنسيق مع الكتلتين الآسيوية والأفريقية، لا سيما فى ظل تولى مصر، مُمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئاسة مجلس الأمن والسلم الإفريقي التابع للاتحاد الأفريقي، بتأييد من ٤٧ دولة، إلى جانب انتخابها بالإجماع لتترأس الاتحاد خلال الدورة الحادية والثلاثين لعام ٢٠١٩؛ حيث أدت، ومازالت تؤدي الدبلوماسية المصرية دورًا نشطًا فى منظمة الأمم المتحدة، وتحديدًا فى مجلس الأمن عبر عضويتها غير الدائمة، التي لم تغفل خلالها أي من القضايا الهامة المطروحة على الساحة العربية والأفريقية.

كما يجيء العمل على زيادة التنسيق مع كل من ألمانيا وبلجيكا، الدولتان المنافستان لـ«تل أبيب» على المقعدين المُخصصين لدول غرب أوروبا والدول الأخرى، وذلك عبر توحيد الجهود الدبلوماسية العربية والإسلامية مع نظيرتهما الألمانية والبلجيكية، ولا سيما البلجيكية؛ حيث توجه تل أبيب جهودها صوب إخفاق الجهود البلجيكية، إدراكًا منها بحجم القدرات السياسية والمالية التي تتمتع بها برلين، والتي تؤهلها للحصول على أحد المقعدين مقارنة بحجم التحديات التي تواجهها تل أبيب.