الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القمص متى المسكين: الله التقى بالإنسان بواسطة العذراء مريم

القمص متى المسكين
القمص متى المسكين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقول المتنيح القمص متى المسكين فى كتابه «مع العذراء القديسة مريم- ثيئوتوكس» إنه معروفٌ فى تقليدنا اللاهوتى أن العلاقة الطبيعية التى كانت قائمة بين العذراء وابنها الإله المتجسِّد لم تُضْفِ على شخصية العذراء حالة اشتراك فى طبيعة المسيح الإلهية حتى بالرغم من حلول الروح القدس عليها أولًا، الذى أعدَّها فقط لحمل الإله، ولكن لم يهبها امتياز الشركة فى طبيعة الله (2بط 1: 4)، التى ظلَّت تنقصها وتنتظرها بالصلاة إلى أن نالتها مع الرسل يوم الخمسين بمعمودية الروح القدس ونار (أع 2: 4،3) حسب وعد الآب، ثم بالشركة فى الجسد والدم (أع 2: 42). وحينئذ فقط كمُلت قامة العذراء مريم إلى قامة ملء المسيح إلى إنسان كامل فى المسيح يسوع.
فالعذراء عضو فى كنيسة المسيح، أى فى الجسد السرِّي، بفعل يوم الخمسين وبالصلاة والشركة «كعبدة»، «هو ذا أنا أَمَة الرب» (لو 1: 38)؛ وفى نفس الوقت «كأُم للكنيسة» كلها بقبولها أن تكون والدة الجسد الإلهي: «القدوس المولود منكِ يُدعى ابن الله» (لو 1: 35)... (ص 96).
ويتابع القمص متى المسكين فى كتابه «فمنذ أن استعلن المسيح نفسه أنه المسيَّا ابن الله ملك الدهور ورب الأرباب، استُعلنت العذراء التى ولدته أنها مستحقة كل مديح وإطراء وتطويب مدى الأجيال السالفة. عشرين قرنًا من الزمان، والمسيحيون فى أرجاء الأرض كلها يمدحون ويُطوِّبون العذراء، بمعنى أنها بلغت قمة الطهارة، كعذراء وأُم فى آنٍ واحد. كإنسانة مستضعفة بلا رجل، رفعها الله من مستوى البشرية جمعاء، التى كانت مطرودة من أمام وجه الله فى آدم، إلى مستوى مجيء الله نفسه ليصنع منها مسكنًا له. فأخذت منه ملئًا مقدَّسًا عالى القيمة جدًا، وكأنها صارت جنة عدن بحدِّ ذاتها. جمعت الخالق بالمخلوق فى مُصالحة عُليا، تفوق حدَّ المصالحة لتبلغ حدَّ الملازمة، فلا يُفارقها الله ولا هى تُفارقه، بسرٍّ يفوق قُوَى العاقل والمعقول. وقد صارت وكأنها سماء ثانية وهى على الأرض، تحوى القدير الذى صنع السماء والأرض، لكى يلتقيا أخيرًا معًا فى هذه العذراء الأُم، التى جمعت العذراوية والأُمومة بسرٍّ إلهى بلا فارق، كما جمعت الله بالإنسان بذات السر!! فالتقى الله، بواسطة العذراء القديسة مريم، بالإنسان بعد خصومة مُستحكمة دامت كل حياة الإنسان السالفة. فصارت مريم أُم المصالحة العُليا، وأُم السلام على الأرض وفى السماء. فصارت مصدر تطويب يلهج بطوباويتها كل إنسان وكل ملاك...» (ص 21،20).
من أجل ذلك نُسبِّح للعذراء فى القطعة العاشرة من ثيئوتوكية الأحد قائلين: «أنتِ مستحقة أكثر من جميع القديسين أن تطلبى عنَّا أيتها الممتلئة نعمة. لأنكِ مرتفعة جدًا أكثر من رؤساء الآباء، ومُكرَّمة أفضل من الأنبياء. ولكِ سعى بدالة أكثر من الشاروبيم والساروفيم. فأنتِ بالحقيقة، من أجل هذا، صرتِ فخر جنسنا وشفيعة نفوسنا. فاشفعى فينا أمام مخلِّصنا، لكى يُثبِّتنا فى الإيمان المستقيم، ويُنعم لنا بمغفرة خطايانا، حتى نفوز برحمة بواسطة شفاعتكِ.