الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

«خامنئى» يرفض دعوة «ترامب» للتفاوض

ترامب وخامنئي
ترامب وخامنئي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المرشد الأعلى يتضامن مع تركيا.. ويحذر بيونج يانج من تكرار السيناريو الأمريكي
واشنطن تشترط تحسين سلوك إيران بالمنطقة.. وبرلين تدعو إلى قمة تضم أطراف الاتفاق النووى
حظر المرشد الأعلى الإيرانى، على خامنئي، كافة أنواع المحادثات أو التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية، رافضًا العرض الذى قدمه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بالرغبة فى إجراء محادثات مع طهران دون شروط مُسبقة.
وأكد «خامنئي» أن واشنطن أصبحت غير جديرة بالثقة، ولن تفى بتعهداتها، فضلًا عن أنها لم تقدم سوى كلمات جوفاء لا تعمل فى الغالب على تنفيذها. 
الجدير بالذكر، أن إيران بدأت مؤخرًا فى التضامن مع تركيا؛ التى فرضت عليها الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات مماثلة.
وزار وزير خارجية كوريا الشمالية إيران مؤخرًا، حيث حذر «خامنئي» بيونج يانج من تكرار السيناريو الأمريكى مرة أخرى.
وتوجد مجموعة من المنافع التى ستعود على طهران جراء المحادثات مع واشنطن، منها رفع العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وتحسن الوضع الاقتصادى بالداخل، والحد من الاحتجاجات والأزمة المتفاقمة سياسيًا، ومساندة طهران من قبل أوروبا إزاء الإبقاء على الاتفاق النووى الحالى أو إمكانية بلورة اتفاق جديد.
فوائد الحوار
جاء عرض «ترامب» بالتوازى مع فرض الحزمة الأولى من العقوبات على طهران فى السابع من أغسطس الجاري، حيث عرض إمكانية إجراء محادثات مع الجمهورية الإسلامية دون أى شروط مسبقة، لطرح النقاش حول كيفية تطوير العلاقات بعد الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى الإيرانى لعام ٢٠١٥.
على صعيد آخر، جاء الرد الإيرانى رافضًا لوجود أى نوع من الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية، وربطت طهران بين بدء المحادثات وعودة واشنطن للاتفاق النووى مرة أخرى، واحترام حقوق الأمة الإيرانية، فضلًا عن الحد من الأعمال العدائية ضد الجمهورية الإسلامية. 
وحاول «خامنئي» التهدئة من حدة التلاسنات المتبادلة بين واشنطن وطهران، من خلال تصريحه بأن لا مجال للحرب بين الطرفين، وأن المشكلة ليست خارجية بالأساس ولكنها داخلية أيضًا؛ تتمثل فى سوء إدارة العملية الاقتصادية وكيفية تعاطى المسئولين معها. 
كما أشار إلى إمكانية تطبيق إجراءات عادلة من قبل محاكم جديدة، على أن يتمثل دورها الأساسى فى توقيع عقاب سريع على المدانين بالممارسات السياسية الفاسدة. 
وعلى الرغم من أن إيران هى المستفيد الأكبر من المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ فإن «خامنئي» أعلن أن طهران ارتكبت خطًا فادحًا بالتفاوض مع دول (٥+١)، وألقى اللوم على الحكومة، مشيرًا إلى أن هذه المفاوضات تجاوزت الخطوط الحمراء، كما يشكك «خامنئي» فى جدية المفاوضات التى يطرحها «ترامب»، لا سيما مع ادعاء الإدارة الأمريكية بإمكانية عقدها دون شروط مُسبقة.
على صعيد آخر، رهن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، التفاوض مع إيران بتحسين سلوكها فى الشرق الأوسط، ومعاملة المواطنين الإيرانيين، وهو ما رفضته طهران باعتباره تدخلا فى شئونها الداخلية، وأقر «خامنئي» بأنه لكى يتم الجلوس على طاولة المفاوضات، لا بد من حصول إيران على قوة اجتماعية، اقتصادية وسياسية، مما يزيد حصانتها فى مقابل الضغوط والتهديدات الأمريكية.
إيران المستفيد الأكبر من المحادثات
تعول إيران حاليًا على إمكانية الاستفادة من استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مجموعة من النقاط، أولها رفع العقوبات الأمريكية، حيث تسعى طهران من خلال الجلوس على طاولة المفاوضات مع واشنطن إلى رفع الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية (العملات وبعض السلع المحلية)، قبل أن يتم فرض الحزمة الثانية (النفط والغاز) بحلول نوفمبر المقبل، وأدى فرض العقوبات الأمريكية على طهران إلى تدهور وضع الاقتصاد الإيراني، وانخفاض سعر الصرف فى مقابل الدولار الأمريكي.
وعليه، خرجت عشرات الشركات الكبرى مثل: «توتال الفرنسية»، «هانى ويل إنترناشونال»، «ودوفر كوربريشن»، «جنرال إلكتريك»، بعد أن قامت واشنطن بإغلاق النافذة القانونية الوحيدة المتبقية التى تسمح للشركات بالعمل مع طهران دون انتهاك العقوبات الأمريكية، لا سيما بعد أن وضعت الإدارة الأمريكية مهلة تصفية أعمال تبلغ ٩٠ يومًا للمشروعات العادية و١٨٠ يومًا للمشروعات النفطية.
فى السياق ذاته، أدى فرض العقوبات إلى زيادة معدلات التضخم، على خلفية ارتفاع أسعار السلع المستوردة الذى وصل إلى ١٣.٧٪، نقص المياه والطاقة بسبب تقلص الاستثمارات الأجنبية فى هذه القطاعات بعد سنوات من فرض العقوبات مرة أخرى، وخلق نقص المياه أزمة كبيرة، ألقت بظلالها على الوضع فى العراق مما أدى لتشكيل أزمة مماثلة. 
كما سيعمل الحوار مع واشنطن، على تهدئة حدة احتجاجات الداخل الإيراني، بعد أن ألقت الأزمة الاقتصادية الناشئة عن فرض العقوبات الأمريكية مرة أخرى بظلالها على الداخل الإيرانى سياسيًا، مما أدى لزيادة وتيرة الاحتجاجات اعتراضًا على الدور الإقليمى لإيران فى المنطقة، وما وصفه البعض بإهدار الموارد الداخلية من أجل أهداف خارجية لا قيمة لها، ومن هنا، سيكون للجلوس على طاولة المفاوضات مرة أخرى منفعة كبيرة لإيران، تتمثل فى التهدئة من حدة التوتر داخليًا.
واختلفت دوافع التظاهرات بشكل عام داخل طهران، فيما بين سياسى واقتصادى، وربما بسبب التداخل فيما بينهم، لكن المحفز الاقتصادى كان أقوى دائمًا، وهو ما ظهر خلال الاحتجاجات الأخيرة فيما ورد من هتافات تندد بالسياسات الاقتصادية للحكومة الإيرانية، كما ستؤدى الخسائر الاقتصادية، لا سيما انخفاض سعر الصرف بتدهور مستوى المعيشة وتعزيز التضخم، فضلًا عن الحد من قدرة الإيرانيين على السفر للخارج، فى حين أرجع البعض الآخر أسباب الاحتجاجات لغياب الشفافية والوضوح بين الحكومة، البرلمان والشعب.
وتأمل طهران فى البقاء على الاتفاق الحالى أو بلورة اتفاق جديد، حيث تسعى الجمهورية الإسلامية حاليًا للحصول على الدعم الأوروبى من أجل الحفاظ على الاتفاق الحالى أو دعم طهران فى حالة بلورة اتفاق جديد، لا سيما فى ظل دعوة ألمانيا لرعاية قمة مشتركة فيما بين الأطراف الموقعة على خطة العمل المشتركة لعام ٢٠١٥. 
فى السياق ذاته، تعد إيران هى المستفيد الأول من بدء مرحلة جديدة من المفاوضات فى ظل الدعم الأوروبى المقدم لها، خاصةً فى ظل تبنى الدول الأوروبية لاستراتيجية جديدة بغرض حماية نفسها من تبعات إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران، لا سيما الحزمة الثانية (قطاع النفط)، التى من المقرر تنفيذها بحلول نوفمبر المقبل.
ورأت أوروبا أنها بحاجة لتدابير مقنعة للرد على العقوبات الأمريكية، وإبراز عزمها على حماية الشركات والمؤسسات التابعة لها التى تقيم علاقات مشروعة مع إيران، من خلال إعادة تفعيل قانون المقاطعة الأوروبى لمواجهة القوانين الأمريكية عابرة الحدود. وستشهد الفترة المقبلة، تحديات كبيرة لمستقبل الجمهورية الإسلامية، لا سيما فى ظل حالة فرض العقوبات، ودعوة «ترامب» لاستئناف المفاوضات مرة أخرى، فى ظل رغبة «خامنئي» للبقاء على الاتفاق النووى الحالى بالتوازى مع عدم التشجيع على محاولات التصعيد مع الولايات المتحدة الأمريكية.