المفكر المصرى الأصل، الفرنسى التعليم، العالمى الثقافة، كرس كل أبحاثه منذ حصوله على الدكتوراه لموضوع التنمية، وكشف التناقضات فى نمط الإنتاج العالمي، بين مركز يستنزف فائض عمل وعرق العاملين، ومحيط يعج بالفقر والتخلف بسبب هذا الاستنزاف، فوضع أسس نظرية «المركز والمحيط»، مستفيدا من دراسات ماركس وبول باران وبول سويزى فى قوانين التراكم الرأسمالي. واستمر سمير أمين طيلة حياته نصيرا للعمال والفلاحين والفقراء، والمستضعفين فى كل أنحاء العالم، ورسم بكتاباته صورة مستقبل أفضل يبدأ من المحيط ليكتسح المركز.
سمير أمين إذن هو واحد من أهم المفكرين الذين أسهموا فى الفكر الاقتصادى التنموى على مستوى العالم منذ أواخر خمسينيات القرن الماضى حتى الآن، وستبقى كتاباته شاهدا على انحيازه لعالم أكثر حرية، وأكثر عدالة، وأكثر إنسانية.. هو الذى صك مصطلح مركزية الذات الأوروبية «European Centrism» فى أواخر ثمانينيات القرن الماضى وشارك مع آخرين من موقع الريادة فى تطوير نظرية مركزية الذات الأوروبية، ونظرية التنمية غير المتكافئة «Unequal Development» وغيرهما من النظريات والأفكار.
وفى الأعوام الأخيرة اهتم كثيرا بالنمط الاقتصادى العالمى الذى ينبثق فى الشرق بقيادة الصين، ونوه إلى أسس إقامة نظام عالمى جديد فى مواجهة محاولة الولايات المتحدة السيطرة على العالم. وقد نشر عدة مقالات فى الأهرام منذ عامين فى هذا الموضوع.
وداعا سمير أمين، الذى وإن كان قد رحل عن دنيانا بجسمه، فإنه لم يرحل عنها بأفكاره وبنظرياته وبحلمه. وستبقى أفكار سمير أمين، وسيعيش حلمه فى التحرر والتقدم لكل البشرية، بغير تسلط، وبغير استغلال وبغير سرقة لعرق البشر المكافحين.. وداعا سمير أمين.
