الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«طفاسة» رجال باسم الدين!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تابعت أحد البرامج التليفزيونية الذى تناول فى إحدى حلقاته موضوع «تعدد الزوجات»، وقد تم فيه استعراض بعض الآراء المؤيدة والرافضة، وآراء بعض علماء الدين والمشاهدين، أما الغريب فى الحلقة فكان استضافة إحدى السيدات التى كانت تتبنى وتدافع باستماتة عن التعدد، وتطالب السيدات بتقبله باعتباره حقا أصيلا للرجل، بل وتنتقد السيدات اللاتى يرفضنه!!.. وهو ما يعد رأيا غريبًا ويتنافى مع الفطرة الإنسانية التى خلقنا الله عليها، وخاصة حين يأتى من إحدى النساء!!.. فالأصل فى الزواج هو وجود زوجة واحدة فكما قال الله تعالى: «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا..».. والمقصود بالنفس الواحدة هو آدم عليه السلام، أما زوجها فمقصود حواء التى خلقت لتكون سكنًا لآدم.. وبالتالى فالأصل هو أن يكون لكل رجل إمرأة واحدة، ولو كان التعدد هو الأصل كما يدعى البعض، لكان الله قد خلق لآدم عدة نساء.. بالطبع لا ننكر أن الله قد أباح التعدد، ولكنها إباحة مشروطة، وتؤكد أن الأصل فى الإسلام وفى الحياة عموما هو الزوجة الواحدة.. فقد جاء فى آية (٣) من سورة النساء: «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً…».. وبالتالى فقد حدد الله تعالى شرطا للتعدد وهو العدل وإما أن يكتفى الرجل بواحدة..ثم ذكر الله تعالى فى آية (١٢٩):» وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ».. أى أن الله تعالى الأعلم بعباده نفى قدرتهم على إقامة العدل، وبالتالى فقد وضع شرطا من المستحيل تنفيذه حتى يكتفى الرجل بامرأة واحدة، وذلك لأن فى الأمم قديما قبل مجىء الإسلام لم يكن للتعدد قيد أو شرط، فكان الرجل يتزوج ما شاء من النساء، وبالتالى حين جاء الإسلام أراد أن يعود بالبشر إلى الأصل وهو الزوجة الواحدة.. أما الآراء الفقهية التى تقرر أن العدل المقصود فى النفقة والأمور المادية فقط، وليس فى المشاعر أو الأمور المعنوية، ويستندون على الحديث الشريف: «اللهم هذه قِسْمتى فيما أملك، فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك».. فهو ما أختلف معه، حيث أرى أن الحديث الشريف دليل على أن العدل فى الآية الكريمة يقصد به كل شىء، فلولا أن الرسولﷺ يعلم أن الله تعالى قد اشترط العدل فى كل الأمور وفيما يتعلق بالمشاعر أيضا، لما طلب من الله تعالى ألا يلومه على عدم إقامة العدل فيما لا يملك، وبالتالى فهو يعلم أن عدم قدرته على إقامة العدل يستوجب الاستغفار، رغم أنهﷺ ليس كأحد من العباد، ولم يتزوج إلا لأسباب تشريعية، وليس لشهوة كما يدعى المستشرقون الذين يريدون إظهار الإسلام على غير حقيقته.. والدليل على ذلك أنه ﷺ تزوج من السيدة خديجة وعمرها أربعون سنة فى حين كان عمره خمسة وعشرين، وظل مكتفيا بها وعاشقا لها حتى توفيت وهى فى الخامسة والستين.. أى أنه قضى كامل شبابه حتى بلغ الخمسين من عمره مكتفيا بإمرأة واحدة.. وبالتالى فالتعدد مباح ولكن فى أضيق الحدود، ودون أن يتعارض مع الشرط الذى حدده الله تعالى، وقد يكون حلا وحيدا فى بعض الظروف.. وقد شاهدت نموذجا على ذلك فى إحدى الأسر الراقية، حيث كان الرجل يرغب فى الإنجاب بعد أن كبرت ابنتهما الوحيدة، بينما كانت الزوجة ترفض الفكرة، بل وتتضرر من العلاقة الزوجية، ولكنها فى نفس الوقت لا ترغب فى الطلاق.. وبالتالى حين أخبرها الزوج برغبته فى الزواج وافقت بشرط عدم التقصير فى الحقوق المادية، ولم ترغب حتى فى أن يقسم وقته بينهما.. وبالتالى فقد لجأ الزوج للتعدد دون أن يخشى من إقامة العدل، لأنه بموافقة الزوجة الأولى ودون أن يؤذيها.. أما بعض رجال الدين الذين يبيحون التعدد دون موافقة الزوجة أو حتى إخبارها، ويبررون كذب الزوج فى هذه الحالة، بحجة الحفاظ على الأسرة وعدم هدمها!!..فهم يأخذون من الدين ما يتوافق مع رغباتهم، دون مراعاة أن الإسلام دين أخلاق، وأنه لا يمكن أن يتناقض مع القيم الإنسانية التى فطرنا الله عليها واتفق عليها جميع البشر.. لقد أباح الله التعدد ولكنه لم يبح الكذب، وكما منح للرجل حق التعدد، منح للمرأة حق الطلاق وحق الزواج من آخر.. لقد حرم الله الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرما.. فهل يمنحون لأنفسهم الحق ويمنعونه عن النساء؟!.. وهل خيانة العهد والثقة فى الإسلام؟!.. أو تتوافق مع مكارم الأخلاق وحسن العشرة؟!.. وكيف للزوجة حين تكتشف كذب وخداع شريك العمر أن تحترمه؟!.. كيف يكون كبيرا فى عينها أو أهلا لثقتها؟!. أنتم تزرعون الفتنة وتفتنون الناس فى دينهم.. إسلامنا لا يدعو للكذب والخداع والخيانة، ديننا دين صدق وأمانة ووفاء.. لقد اصطفى الله من بين عباده رسولنا الكريم الذى اشتهر بين قومه بالصادق الأمين، ليكون خير من يحمل تلك الأمانة ويصدقه الناس.. فأى دين هذا الذى تدعوننا إليه؟!.