الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

هاني باخوم يكتب: عيد انتقال العذراء مريم

هاني باخوم
هاني باخوم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الخامس عشر من أغسطس تحتفل الكنيسة الكاثوليكية بالعالم أجمع بعيد انتقال سيّدتنا مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء. بينما تحتفل به بعض الكنائس الأخرى فى الحادى والعشرين من نفس الشهر. هذا العيد هو أقدم الأعياد المريمية، وتم إعلانه رسميا من قداسة البابا بيوس الثانى عشر، عام 1950. فيه نحتفل مع كل الكنيسة بانتقال السيّدة العذراء مريم، والدة المخلص، بنفسها وجسدها إلى السماء. ونتأمّل تكليلها ملكةَ السماء، منتصرةً مع ابنها الإلهى للأبد، فى السماء، فى الفردوس.
سفر الرؤيا يسرد ويقول: «ظهرت آية عظيمة فى السماء: امرأة ملتحفة بالشمس والقمر تحت قدميها، وعلى رأسها إكليل من اثنى عشر كوكبا، حامل تصرخ من ألم المخاض… فوضعت ابنًا ذكرًا، وهو الذى سوف يرعى جميع الأمم» (رؤ 12، 1 – 2؛ 5). هكذا آمنت الكنيسة على مر العصور «أن مريم، فى نهاية حياتها الأرضية، قد نُقِلَتْ نفسًا وجسدًا إلى المجد السماوي».
القديس جرمانس من القسطنطينية يرى أن جسد مريم البتول، والدة الإله، نقل إلى السماء، ليس فقط بسبب أمومتها، بل لقداسة خاصة شملت جسدها البتولي، فقال: «جسدك البتولى كلُه مقدسٌ وكله عفيف ولكنه مسكن لله. ولهذا فهو بعيد عن كل إنحلال ولا يعود إلى التراب». ومن هنا جاء تعليم الكنيسة الكاثوليكية «أن العذراء مريم، التى جنّبها الله وصمات الخطيئة الأصلية، والتى أكملت حياته الأرضية، رُفعت، بالنفس والجسد، إلى مجد السماء، وأعطاها الرب لتكون ملكة الكون، لتكون أكثر تطابقًا مع ابنه، رب الأرباب، المنتصر على الخطيئة والموت»
القديس يوحنا ذهبى الفم يقول: «كان لا بد لتلك التى استقبلت فى أحشائها الكلمة الإلهية، أن يتم انتقالها إلى السماء… كان لا بد للعروسة التى اختارها الأب، أن تقيم فى أخدار السماوات......اليوم حُملت العذراء إلى الهيكل السماوي… اليوم، التابوت المقدس الحى الحامل الإله الحي، التابوت الذى حمل فى أحشائه صانعه، اليوم يرتاح فى هيكل الرب الذى لم تبنه أيدٍ بشرية».
إلى السماء، عندما طلب اللص الذى صُلب مع المسيح: «اذكرنى يا رب، إذا جئتَ فى ملكوتك»، أجابه يسوع: «اليوم تكون معي، فى الفردوس» (لوقا 23: 42-43). نعم هذا هو الفردوس، أن نكون مع المسيح. الفردوس ليس مكانًا ماديًا، أو أكلًا أو شُربًا، أو متعةً جسدية. هو علاقةٌ دائمة ومتجددة أبديًا مع المسيح، ولا حتى الموت يفصلنا عنها.
عندما تحتفل الكنيسة بعيد انتقال سيّدنا مريم العذراء، تعلنُ الرجاء لنا ولكل إنسان: السماءُ مفتوحة، والموت منهزم. تعلن لنا مع جوقة القديسين: هذه الأرض ليست وطنكم الدائم، فارفعوا أعينكم وانظروا إلى السماء.
نعم، فلننظر إلى السماء، حيث مريم مكللة. وبهذا يصبح للأرض معنى وقيمة أكبر. فلا تستطيع صعوبات الحياة اليومية وقسوتها، أن تزرع فينا بذور اليأس، أو تسرق منا فرحة حياتنا ودعوتنا ورسالتنا.
فيا رب، يا من رفعت مريم العذراء بالنفس والجسد إلى هذا المجد، امنحنا نحن أيضا فى حياتنا الأرضية، أن نشتاق إليك ونرجوك، وعند لحظة موتنا، نجدك أنت تستقبلُنا للأبد، بشفاعة أمنا العذراء مريم، سيدة السماء. آمين...عيد مبارك.
الأب هانى باخوم المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الكاثوليكية بمصر