الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الاحتقان السياسي والتردي الاقتصادي.. شبح يهدد فنزويلا

نيكولاس مادورو
نيكولاس مادورو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت العاصمة الفنزويلية «كراكاس» فى ٥ أغسطس الماضي، محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس «نيكولاس مادورو» عبر استخدام الطائرات من دون طيار «الدرون».
وبعد المحاولة، سرعان ما اتهم «مادورو» أطرافًا داخلية وخارجية بتنفيذ محاولة الاغتيال لإيقافه عن طريق الثورة الذى بدأه مع زعيم فنزويلا الراحل «هوجو تشافيز».
ويشهد حكم «مادورو» الذى فاز فى مايو ٢٠١٨ بفترة رئاسية ثانية مدتها ست سنوات، واتهمه منافسوه الرئيسيون بتزوير الانتخابات، وارتكاب العديد من المخالفات التى أثرت على النتائج النهائية لعملية الاقتراع، تدهورًا اقتصاديًا كبيرًا، لكنه يبدو «حتى الآن» قابضًا على السلطة بقوة، بالاستناد إلى دعم الجيش والأمن.
يتطرق هذا التقرير إلى عددٍ من العناصر التى قد تتجاوز محاولة الاغتيال إلى تساؤلات تتعلق بالبحث فى جذوره، وأسبابه، ومواقف الفاعلين المحليين (المعارضة الفنزويلية)، والخارجيين مثل الولايات المتحدة.
«مادورو» والوصول إلى السلطة
بدأ «مادورو» عمله السياسى من قلب النقابات الفنزويلية؛ حيث كان يعمل سائقًا بالنقل العام قبل التحاقه بالعمل السياسي.
بدأ يبرز نجمه السياسى بعد نشاطه الاحتجاجى الذى كان عاملًا فى الإفراج عن أستاذه «تشافيز»، الذى واجه اتهامات لمشاركته فى انقلاب عسكرى ضد حكومة الرئيس «كارلوس أندريه بيريز»، وأُفرِج عنه عام ١٩٩٢.
ووكله «تشافيز» بتسيير أمور الرئاسة طوال فترة غيابه عن البلاد؛ حيث كان يعانى أمراضا جعلته يمكث فى الخارج لفترات طويلة، وعلى الرغم من تأثر «مادورو» بأستاذه «تشافيز» إلا أنه يبدو مختلفًا عنه خاصة فى المهارات الكاريزمية. وفشلت المعارضة الفنزويلية من الإطاحة به رغم التدهور الكبير الذى شهده الاقتصادى الفنزويلى فى الفترة الأخيرة بسبب تهاوى أسعار النفط، الذى يوفر للبلاد أكثر من ٩٠٪ من عائدات العملة الأجنبية.
الأوضاع الاقتصادية فى عهد «مادورو»
يُصر نظام «مادورو» على اتباع نفس السياسات الاقتصادية التى اتبعها سلفه «تشافيز»، ويتهم «مادورو» من يُطلق عليهم «الإمبرياليين» فى الداخل بالتعاون مع أطراف خارجية بالقيام بحملات تخريبية للاقتصاد الفنزويلي.
على الجانب الآخر، تتهمه المعارضة بسوء الإدارة، وتسبب سياساته السلطوية فيما آلت له البلاد سياسيًا واقتصاديًا.
ونجح «مادورو» فى الحفاظ على الإرث التشافيزي، وهو ما يُعد أحد أهم مصادر القوة التى يرتكز عليها فى الداخل الفنزويلي؛ حيث استفادت فئة واسعة من الشعب، من السياسات الاجتماعية التى انتهجتها الثورة البوليفارية مثل: سياسات الحد من الفقر والتمييز التى بدأت فى عهد سلفه.
وقالت الجمعية الوطنية التى تسيطر عليها المعارضة، إن الأسعار فى البلاد قفزت بنسبة ٤٥٠٪ فى الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بالإضافة إلى تجاوز معدلات التضخم حاجز ٦٧ ٪ شهريًا، وتجاوزت حاجز الثمانين فى المائة خلال يوليو الماضي. وتتماشى مع هذه النسبة تحليلات خبراء الاقتصاد؛ حيث تشير التقارير الاقتصادية إلى حالة التضخم الكبيرة فى معدلات صرف العملة؛ إذ هبطت قيمة العملة بأكثر من ٩٩٪ مقابل الدولار الأمريكى منذ أن تولى «مادورو» السلطة فى ٢٠١٣.
ولم يقم البنك المركزى الفنزويلى بنشر بيانات التضخم منذ أكثر من عامين. ويُحمل المعارضون «مادورو» مسئولية الركود الاقتصادي، وزيادة التضخم التى وصلت لها البلاد خلال الفترة الأخيرة. فيما يُصِر الرئيس الفنزويلى على تحميل الخارج والمعارضين مسئولية «الحروب الاقتصادية» ضد بلاده.
تنامى الصراع: العلاقة مع المعارضة
سادت حالة من التنافس والتصارع بين «مادورو»، والمعارضة فى الداخل الفنزويلى منذ تصدره هرم السلطة، ووجهت الحكومة اتهامها للمعارضة اليمينية بالضلوع فى عملية الاغتيال، وهو ما قد يثير تخوفات تتعلق بشن نظام «مادورو» حملة قمع جديدة ضد معارضيه. وهناك العديد من المؤشرات والدلالات التى تبرز حالة الشقاق التى بدا عليها كل من «مادورو» والمعارضة منذ ولوج الأول إلى السلطة عام ٢٠١٣، وسنشير إلى بعضها فيما يلي:
■ اعتقد الرافضون له سواءً داخل الحزب الحاكم أو تيار المعارضة فى البلاد أنه لن يستمر فى الحكم طويلًا، ولكن توقعاتهم خابت خاصة بعد تمكنه مؤخرًا من الفوز بفترة رئاسية جديدة، معتمدًا فى ذلك على دعم الجيش والحزب الحاكم وقوات الأمن، ومؤيدى الثورة البوليفارية اليسارية؛ إذ يعتبره كثير منهم مدافعًا مخلصًا عن إرث «تشافيز».
■ يحاول «مادورو» حل «الجمعية الوطنية» التى فازت المعارضة بأغلبيتها، والتف على هذه النتائج باتخاذ إجراءات قاسية ضد الانتخابات مثل إنشاء مجلس تأسيسى جديد بسلطات وصلاحيات واسعة، وعلى إثر ذلك توترت علاقته بالمعارضة السياسية فى البلاد، ورفض الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الإجراءات التى اتخذها «مادورو» للالتفاف على شرعية الجمعية الوطنية التى يسيطر عليها المعارضة.
■ قيام المجلس التأسيسى الجديد بعزل «لويزا أورتيجا» من منصب النائب العام، وتعد «أورتيجا» من أشد المناهضين لسياسات «مادورو». ورفضت قرار عزلها معتبرة أنه محاولة لمنعها من فتح تحقيقات خاصة بالفساد، وانتهاكات حقوق الإنسان.
■ يتهمه معارضوه أنه يقوم بتوظيف السلطة القضائية التى يسيطر عليها أعضاء حزبه للتنكيل بالخصوم السياسيين، فيما يبرر مؤيدوه هذه السياسات بالتخوفات من تعرض البلاد لمحاولات انقلابية جديدة.
■ فرار العديد من قادة المعارضة إلى خارج البلاد هربًا من المضايقات الحكومية، وتشير التقارير الحقوقية إلى وجود أكثر من ٢٠٠ سجين سياسى فى السجون الفنزويلية.
■ استمرار الاحتجاجات الشعبية منذ أبريل الماضي، وتتهم المعارضة «مادورو» بالتقليل من دورها، والسعى للتشبث بالسلطة.