الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

رفعت ريد يكتب: العذراء الشاكرة

رفعت ريد
رفعت ريد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أخذوها وهى طفلة ذات الثلاثة أعوام إلى الهيكل لتعيش هناك حسب نذر والديها، عندما كبرت قليلاً كان عملها فى الهيكل جمع القمامة ومخلفات الذبائح برائحتها الكريهة، وحملها إلى مكان بعيد لتحرق فيه اسمه وادى هنوم.
عندما بلغت وصارت اثنتى عشر عاما كان لابد أن تغادر الهيكل، وكان والداها ماتا فلم يعرفوا ماذا يفعلون بها فعملوا قرعة بين بعض الشيوخ، ووقعت من نصيب يوسف الشيخ العجوز، فخطبوها له. ما إحساس فتاة صغيرة وجميلة بخطبتها من عجوز؟، ثم بشرها الملاك غبريال وصارت حبلى وبدأت علامات الحمل تظهر، فشك فيها يوسف العجوز لأنه لم يقترب منها أراد أن يطلقها سرًا، ولكن ظهر له الملاك ووضح له الأمر.
وذهبت لترعى اليصابات لمدة ثلاثة أشهر حتى ولدت يوحنا المعمدان، وكانت حاملاً فى شهرها الثالث، وأثناء ولادتها كانت فى رحلة إلى بيت لحم للاكتتاب واضطرت أن تلد فى مزوّد للبهايم، وبعدها بعامين جاء المجوس وعرف هيرودس الأمر وبحث عن الطفل ليقتله.
فاضطرت هى وزوجها العجوز إلى الهروب إلى مصر سيرًا على الأقدام لعدة أيّام، وعاشت هناك متغربة ومتمرمطة بين مدن مصر الوثنية لمدة حوالى ٥ سنوات.
وبعدها عادوا إلى مدينة الناصرة بعيدًا عن الأهل والأقارب حفاظًا على الطفل يسوع من بطش هيرودس.
وكان عمر يسوع حوالى سبع سنين، ثم لا نعرف أى شى عنها إلا من قصة يسوع عندما كان عمره اثنتى عشر عامًا وتركوه فى أورشليم.
ثم مات يوسف وكان عمر يسوع حوالى ثلاثة عشر عامًا، فعاشت تعمل لتنفق على الصبى حتى كبر، ثم تركها يسوع فى عمر الثلاثين ليتفرغ للخدمة، ولَم تقابله بعد ذلك إلا على الصليب وهى تراه غارقًا فى آلامه.
حياتها كانت سلسلة متواصلة من الألم والشقاء والفقر والعوز ولكنها لم تتذمر، من الواضح أنها كانت لا تتحدث كثيرًا ولا تشكو همها لأحد، كانت جميلة ورقيقة وصامتة وصامدة.
عاشت فقيرة على الكفاف هى والمسيح حتى قيل عن المسيح إنه ليس له أين يسند راْسه يعنى معندهوش مكان يبات فيه، ولكنها لم تتذمر، عاشت لابنها الوحيد لتربيه ثم تركها ومات بأبشع الصور ولم تتذمر.
الطلب الوحيد الذى طلبته من يسوع كان فى عرس قانا الجليل ولم نسمع أنها طلبت منه أى طلب خاص لها، كانت تعلم عظمة ابنها وقدراته اللا محدودة ولكنها لم تطلب منه أن يدبر لها معيشة أفضل أو راحة ولم تسأل منه شىء البتة.
فى كنيستنا الأرثوذكسية نقول إن الأب انتظر ميلاد البتول حوالى ٤٥٠٠ سنة حتى يأتى منها، حقًا شخصية عظيمة تستحق الانتظار آلاف السنين.