الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أمدح في البتول.. مجد مريم يتعظم بالمشارق والغروب

 الأنبا أبيفانيوس
الأنبا أبيفانيوس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
باحث: المصريون على اختلاف دياناتهم يحترمون «العذراء»..
وأكثر كنائس مصر تسمى باسمها 
الصيام مسموح فيه بـ«الأسماك».. والبعض يكتفى بالمياه والملح
فى خضم الأحداث التى تلت مقتل الأنبا أبيفانيوس، والتفاصيل المعلنة وغير المعلنة، حول الحادث، يستقبل المسيحيون صوم السيدة العذراء بحالة من التخبط فى المشاعر الروحانية، ما بين الحزن الذى يعم أرجاء الكنيسة، وما بين الاحتفال بأم النور، آملين أن تتشفع العذراء أمام الله فى هذه الأيام العصيبة التى يعيشها المسيحيون وكنيستهم.
وفى السياق، وضعت الكنائس الأرثوذكسية، وفى مقدمتها الكنائس التى تحمل اسم السيدة العذراء، برامجها الروحية خلال الـ15 يوما، وهى مدة الصوم، حيث تتخلل الاحتفالية برامج كنيسة من ألحان وعروض كورالات للترانيم وعظات للآباء، ومسابقات دينية بالكنائس.
ويطوف الشمامسة بملابس بيضاء ناصعة، حاملين الشموع والصلبان وصور السيدة العذراء، يتقدمهم الكهنة رافعين بخورًا للسماء مرتلين كالملائكة «أمدح فى البتول.. والسلام لكى يا أم النور.. مجد مريم يتعظم بالمشارق والغروب»، حيث يقف حشود من المواطنين يتطلعون المشهد المهيب، يتهافتون للتبرك بأيقونة العذراء، وتتسابق أيادى الحضور للتمسح بالصورة التى يفوح منها الطيب والبخور.
وبالنسبة لصوم العذراء فى الكنيسة الكاثوليكية، فقد ظهرت عقيدة انتقال العذراء أيضًا فى الطقوس المسيحية المبكرة، وكذلك فى تخصيص عيد خاص لها يوم ١٥ أغسطس يسبقه صوم مدته ١٤ يوما؛ وقد عمّ هذا العيد الإمبراطورية البيزنطية ما بين «٥٨٨-٦٠٣» ميلادية، وأدخله إلى كنيسة روما البابا تيودروس الأول (٦٤٢-٦٤٩) ميلادية، وهو من الإكليروس الأورشليمي.
وأصل العيد أن كنيسة القدس كانت تقيم، منذ القرن الخامس فى مثل هذا اليوم، عيدا للسيدة العذراء، عُرف فيما بعد بعيد «رقاد مريم»، ثم بعيد «انتقال القديسة مريم»، منذ القرن الثامن.
والاحتفال بعيد انتقال السيدة العذراء فى الكنيسة الكاثوليكية من أكثر الأعياد قدما، ويُعد انتقال العذراء مريم بالنفس والجسد إلى السماء من أهم العقائد المسيحية حول العذراء فى الكنيسة الكاثوليكية.
وأشار المجمع الفاتيكانى الثانى إلى أن «مريم بعد أن كملت حياتها الزمنية، انتقلت بنفسها وجسدها إلى مجد السماء، وعظّمها الرب كملكة العالمين»، وتنص عقيدة الانتقال «طبقا للكنيسة الكاثوليكية» على «أنها لحقيقة إيمانية أوحى الله بها، أن مريم والدة الإله الدائمة البتولية والمنزهة عن كل عيب، بعد إتمامها مسيرة حياتها على الأرض نُقِلَت بجسدها ونفسها إلى المجد السماوي». وتنظم الكنيسة عدة صلوات منها صلاة «التساعية» هى تلاوة صلوات خاصة مع تقديم الإكرام لطلب نعمة ما بشفاعة وصلوات أحد القديسين لمدة تسعة أيام متتالية.
العذراء والمصريون
ويقول ماجد الراهب، الباحث فى التراث القبطي، إن السيدة العذراء مريم، من الشخصيات التى يكن لها المصريون جميعا على اختلاف دياناتهم أو جنسهم أو عمرهم حبا جما ومكانة عالية هى السيدة العذراء، وأكثر اسم يطلق على الفتيات فى مصر مريم مع التنويعات على الاسم (ماريا– مارينا– مريام– ماريان– ميريم)، وأكثر نسبة نذور ينذرها المصريون طلبا لحل مشاكلهم تكون للسيدة العذراء، وأكثر كنائس مصر تسمى باسم كنيسة العذراء، ومنذ دخول العائلة المقدسة مصر ومرورها على عدة أماكن فى مصر فى رحلة استغرقت أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة، ارتبطت هذه الأماكن بالعذراء، مثل عذراء الفارما فى شمال سيناء، وعذراء سخا، وعذراء تل بسطا، وسمنود، ومسطرد، والزيتون، وعين شمس، والمعادى وادى النطرون، وسمالوط، والمحرق، هذا بخلاف الموالد التى ارتبطت بالعذراء.
ولم يحظ صوم من صيام الكنيسة القبطية بمثل هذا الصوم (والذى يبتدئ فى واحد مسرى وينتهى ١٦ مسرى عيد ظهور جسدها) الذى يحرص جميع المسيحيين- وأيضا غير المسيحيين– على صومه والإكثار من الصلوات والتضرعات فيه، والغريب أن هذا الصوم لم يظهر فى قوانين الكنيسة حتى القرن الحادى عشر، ولكن لأن الشعب سمع عنه فى دير العذارى بالحيرة (بغداد حاليا)، وبالرغم من أن دير العذارى صام ثلاثة أيام فقط فقد تراوح صيامه فى مصر بين ثلاثة أسابيع وأسبوعين حتى استقر على ما هو عليه الآن. 
والمدهش أيضًا أن الكنيسة تضعه فى المرتبة الرابعة من أنواع الصيام، وبعض المراجع تذكر أنه صيام اختياري، ولكن حب الشعب للعذراء وحرصه على ممارسة صومه جعله ينمو كممارسة شعبية وفرض نفسه على الواقع الكنسي. 
وبالرغم من أن هذا الصوم مسموح فيه بأكل الأسماك، إلا أن البعض يصومه بالمياه والملح أى بدون سمك وبدون زيت أيضا، وبعض الرهبان يطوون عدة أيام فيه بدون أكل، والبعض يندره للغروب، أى يأكلون عند الغروب فقط «طقة واحدة».
وقد ذكر كثير من المراجع عن صوم العذراء وبداياته بالحيرة، نذكر منها «الشباشتى» وهو مصرى عاش فى الدولة الفاطمية وضع كتابا مهما، وهو «الديارات» وكان يشغل أمين خزانة كتب العزيز الفاطمى، وفى هذا الكتاب أرخ إلى كثير من الأديرة بالشام والعراق ومصر وتوجد عدة نسخ مخطوطات لهذا العمل بدار الكتب والمتحف القبطي.
وفى الكنيسة الكاثوليكية عدد من الأعياد السيدية الصغرى تتضمن «أعياد مريمية»؛ فللعذراء عدد من الأعياد والتذكارات التى حددتهـا الكنيسة للاحتفال بهـا شرقا وغربا مثل «عيد مريم أم الله» أو «عيد الأمومة الإلهية» فى أول ينايـر، و«تذكار ظهور مريم العذراء» فى مدينة لورد فى ١١ فبراير، و«عيد البشارة» فى ٢٥ مارس، وغيرها والتى تتضمن تذكارا لحدث فى حياتها أو لظهورها فى مكان ما فى العالم أو لتخليد معجزة.
ومن الكنائس التى تحتفل طبقا للتقويم البيزنطي، «الروم، واللاتين، والأرمن، والكلدان، والمارون الكاثوليك»، فيما تحتفل بها كنيسة الأقباط الكاثوليك فى ٢٢ من أغسطس الجارى طبقا للتقويم الشرقي.