الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"شرائع البحر الأبيض المتوسط القديم" يفجر أزمة الكتابة التاريخية

الدكتور عاصم الدسوقي
الدكتور عاصم الدسوقي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اعترض الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان، على ما ورد بكتاب «شرائع البحر الأبيض المتوسط القديم» للكاتب والمهندس فتحى إمبابي، الصادر حديثا عن مؤسسة مجاز الثقافية، وهو ما يطرح أزمة حول الكتابة التاريخية وتفسير وقائع وأحداث التاريخ لغير المتخصصين، وقد شهدت الحركة الثقافية المصرية العديد من الكتاب غير المتخصصين الذين يكتبون فى التاريخ.
يعتبر كتاب «إمبابي» بحثا فى طبيعة وهوية الجماعة الشعبية المصرية. وعلاقتها التاريخية بمكونها الذاتى الحضارى والثقافى، وبالحضارات التى نشأت حولها، وتفاعلت معها.
وقال الدسوقى تعليقا على ما ورد بالكتاب: إن مؤلف الكتاب رجل مهندس ناقش فى الكتاب موضوعات تاريخية وفلسفية بدون تأهيل منهجي، ويبدو أنه يصدق كل ما يقرأ.
وأضاف الدسوقي، أن المشكلة تكمن فى اعتماد المؤلف على أحداث مغلوطة فيستنتج تفسيرات خاطئة، مثلا يذكر أن محمد سعيد باشا والى مصر أصدر لائحة مشهورة باللائحة السعيدية عام ١٨٥٨م، ويعتبرها أساس الملكية الفردية للأرض الزراعية، وهذا خطأ كبير، فلائحة سعيد باشا التى أصدرها كانت تمنح حق المرأة فى وراثة الانتفاع بالأرض الزراعية، فالفلاح ينتفع بالأرض مقابل تسديد ما عليها من ضرائب للدولة ثم يرثها بعده ابنه وتحرم البنت فى إرث الانتفاع إن لم يكن له ولد، وجاءت وثيقة سعيد باشا لحل تلك المشكلة. 
وتابع: ومن ضمن الأخطاء التى وقع فيها المؤلف اعتماده على ترجمة كلمة الديمقراطية لمعنى «حكم الشعب» وهذا خطأ فاحش يقع فيه الكثير من الذين يكتبون، فهى ترجمة خطأ، وسببها أن الإنجليز ترجموا الـ «ديمو إلى الشعب»، وهى فى الحقيقة حكم أصحاب المصلحة أو المواطن المالك، ففى بلاد اليونان القديم، من حق هذا المواطن الذكر الذى يملك أرضا أو عقارا أو حيوانات أو عبيدا، دخول البرلمان أو الإكليزيا، وليس للمرأة حق، وهى نظرة دونية للمرأة. واستطراد: أن استخدام كلمة «الأبيض» فى عنوان الكتاب استخدام خاطئ أيضا، واستخدام كلمة «القديم» لأن معناها أن يقف المؤلف عند الحضارة اليونانية والرومانية، فالحضارات القديمة تقسيمها معروف، وهى الفرعونية فى مصر، والآشورية البابلية الآكادية والسومارية فى العراق والشام، وبعدها اليونان والرومان وهنا يقف التاريخ القديم، والوسيط يشمل المسيحية والإسلام، أما الحديث فهو يبدأ من القرن الـ١٦ الميلادي، ونحن نجد المؤلف يكتب القديم فى العنوان، ويتناول الموضوعات من القديم والوسيط والحديث حتى اليوم.
وطالب الدسوقى أن يبتعد هؤلاء الذين لم يدرسوا التاريخ عند التأليف والكتابة فيه قائلا: إنهم يقعون فى أخطاء، كل علم له منهج وطريقة بحث وتحليل ولابد لمن يتصدى لموضوعات التاريخ أن يكون درسها وعرفها، وإلا فما فائدة التخصصات والدراسة فى الجامعات، وبعد دراسته للمناهج عليه أن يتسلح بنظرية فى التفسير مادية مثلا أو مثالية وليست شخصنة، مؤكدا أن مهمة باحث التاريخ أن يعيد بناء تصور الحدث التاريخى فى إطار ظروفه الموضوعية، مشيرا إلى أن هناك مثلا من كتبوا فى التاريخ مثل صلاح عيسى وهو خريج كلية الخدمة الاجتماعية، وكانت لديه ميول ناحية اليسار، فراح يهاجم من لا يتماشى مع أيديولوجيته.
ومن جانبه قال الكاتب والمهندس فتحى إمبابي، إننى أتمتع برحابة صدر لقبول كل الانتقادات الموجهة لكتابى ومناقشتها والرد عليها.
وأضاف، أن الكتاب الذى يثير الجدل ويطرح موضوعات عدة للنقاش هو من الأمور المفضلة، وإننى كنت متخوفا أثناء إعداد كتاب «شرائع البحر الأبيض المتوسط القديم» من تناول الديانة المسيحية، إلا أن ردود الفعل على الكتاب جاءت مخالفة لمخاوفى.