الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

مشورة أسرية.. تغيير الآخرين أم قبولهم؟

الدكتور أوسم وصفي
الدكتور أوسم وصفي استشارى الطب النفسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يكتبها الدكتور أوسم وصفي استشارى الطب النفسى

يمكننا أن نستعير من تعبيرات علم النفس تعبير (القبول غير المشروط) أو النظرة الإيجابية غير المشروطة. هذا هو التعبير الذي استخدمه العالم النفسي، كارل روجرز، للإشارة إلى الموقف الذي يعبر عن قبول الإنسان واحترامه، كما هو دون محاولة تغييره أو فرض أى آراء أو معتقدات عليه.
تعد محاولة تغيير الآخر من أهم العوائق في سبيل القبول غير المشروط، إذ إن محاولة التغيير تحمل رسالة غير مباشرة فحواها عدم القبول. قد لا نقصد عدم القبول؛ لكن هذه الرسالة تصل عبر النصائح المبالغ فيها أو التدخل بعنف بقصد المصلحة، أو عبر محاولات الإصلاح والشفاء، هذا لا ينفي بالطبع شرعية الرغبة فى تغيير الآخرين ومحاولة شفائهم ومساعدتهم كي ينضجوا، فهذا هو الحب الحقيقي. والسؤال هنا: ما الطريق للوصول إلى ذلك؟ إصلاحهم أم قبولهم؟ 
يصف سكوت بيك المجتمع الحقيقي الذي يساند الفرد نحو التغيير بأنه (مجتمع آمن). إن مصدر هذا الأمان بالطبع هو القبول غير المشروط.
ليس المجتمع الحقيقي وليد محاولة أفراده تغيير بعضهم، بل إن التغيير التلقائي يحدث عندما يتحقق المجتمع من جراء ما فيه من قبول وإحساس وفهم. إن فى داخل البشر شوق داخلي عميق نحو الشفاء والتغيير والاكتمال بل والقداسة أيضًا. إن طاقة التغيير الداخلية طاقة هائلة لكنها مقيدة بقيود الخوف ودفاعات المقاومة الذاتية، والرعب من الفشل والضياع. فالتغيير مغامرة؛ لكن إن تم وضع الإنسان فى مجتمع آمن، فسنري تلاش تدريجي لتلك الدفاعات وذلك الخوف، إذ ليس بعد الآن حاجة إليها، وبذا تخرج من الإنسان طاقة الشفاء الداخلية.