الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

"الأفغان الجزائريون".. نقطة سوداء في بلد "المليون شهيد".. 3 آلاف جهادي سافروا إلى أفغانستان أولهم عبدالله أنس.. وفتوى الإخواني عبدالله عزام تطلق شرارة القتال

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مثلت فترة الاحتلال السوفييتى لأفغانستان، مَعِينًا ثريًّا للتيارات الجهادية حول العالم كافة، خاصةً بعد عودة غالبية العناصر الجهادية إلى بلدانهم فيما بعد، وقد كان للجزائر حظٌّ وافرٌ بين هؤلاء العائدين، فيما عرف بـ«الأفغان الجزائريين».


وتمثلت الشرارة الأولى لتجمع هؤلاء «الجهاديين»، فى الفتوى التى أطلقها الإخوانى «عبدالله عزام» ضد الشيوعية ووجودها فى أفغانستان، فكان أول من لبى النداء من الجزائريين هو «عبدالله أنس»، الذى سرعان ما سافر إلى أفغانستان؛ ليُسهم فى تأسيس مكتب الخدمات المعنى بتقديم الدعم اللوجيستى للمقاتلين، وتطور الأمر ليصل عدد الجزائريين الموجودين فى أفغانستان إلى نحو ٣٠٠٠ مقاتل.


وبعد سقوط نظام الرئيس الأفغاني، محمد نجيب الله، عاد كثير من الجهاديين إلى بلادهم، وبينهم الأفغان الجزائريون، الذين عادوا متسللين عبر تونس والجزائر، وتزامن ذلك مع مرحلة انتشار ما عرف بـ«الجهادية العالمية»، التى قادها أسامة بن لادن خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات، فقد استغل أسامة بن لادن إقامته بأحد الفنادق المغربية لمدة ٣ أشهر- قبل انتقاله إلى السودان- فى التنسيق السرى مع الأفغان المغاربة حول دعم الجماعات المسلحة الجزائرية والأفغان الجزائريين، وكان لتدخل بن لادن عظيم الأثر فى تعاظم دور العائدين من أفغانستان.


وينتمى «الأفغان الجزائريون» إلى «السلفية الجهادية» التى تعتمد على القوة فى التغيير؛ ما سهَّل على العائدين من أفغانستان الدخول فى تحالفات مع التيار السلفى بفصائله كافة، فى محاولة لتوحيد راياتهم فى مواجهة النظام الحاكم بالجزائر؛ فقد شهد عام ١٩٩٣، مؤتمرًا ضم الجماعات كافة التى تنتمى إلى هذا التيار، ليتم الإعلان لاحقًا عن نشأة الجماعة الإسلامية. وتأثرت تلك الجماعة بشبكة واسعة من العلاقات توفرت لقياداتها بالعديد من الشخصيات المعروفة، ومن بينهم «محفوظ نحناح» الذى يرتبط بعلاقة وثيقة بالتنظيم الدولى للإخوان، وكان هذا التنظيم أحد الداعمين لدعوة عبدالله عزام.
وفى حين كانوا يتمتعون بالخبرة القتالية، والمال والسلاح، بات «الأفغان الجزائريون» فى حاجة إلى مرجعية دينية يستندون إلى تنظيراتها، فسعوا إلى استقطاب عدد من رجال التيار السلفي، وعلى رأسهم «عبدالقادر شبوطي»، الذى كان ضابطًا سابقًا فى الجيش الشعبى الجزائري، والذى لم تنجح اتصالات الأفغان الجزائريين معه؛ نتيجة لانشغاله بتأسيس خلية سرية عُرفت بـ«حركة الدولة الإسلامية»، فاتجهوا إلى شخصية أخرى هو «منصور الملياني»، الذى وافق على قيادة الحركة؛ ليقود العنف الذى خاضته الحركة بعد إلغاء الانتخابات فى ١٩٩٢، التى تقدم فيها الإسلاميون، فبدأت عملياتها فى فبراير باستهداف قاعدة «الأميرالية» التابعة للقوات بالعاصمة الجزائرية؛ ما أدى إلى مقتل ١٠ عسكريين واثنين من الأفغان.
تعدد الفصائل
تعددت الفصائل التى تشكلت من العائدين من أفغانستان؛ فكان أبرزها «جماعة الملياني»، التى تُعد أبرز الجماعات المسلحة فى الجزائر خلال تلك الفترة، وتشكلت فى المقام الأول من المقاتلين السابقين فى أفغانستان؛ حيث كانت لديهم خبرة على حمل السلاح؛ فضلًا عن قناعاتهم الفكرية التى لم تكن تؤمن بالديمقراطية، والجهاد فى ضوء رؤيتهم هو السبيل لإقامة الدولة المنشودة لديهم.
وأسس «الأفغان الجزائريون»، الجماعة المسلحة فى ١٩٩٢؛ حيث تنامت بشكل مُتسارع؛ نتيجة لغياب جبهة الإنقاذ من الساحة؛ حيث سجن أفرادها، لتصبح الجماعة المسلحة هى القوة الأبرز فى ميدان العمل المسلح بالجزائر.
وتنبهت الدولة الجزائرية، آنذاك، لخطر العائدين من أفغانستان، فتعاون الأمن الجزائرى مع نظيره الفرنسى فى وضع خطط لتتبع شبكات المسلحين، سواء فى فرنسا، أو أوروبا عامة.


وواقع الحركات الإسلاميَة فى الجزائر يشير إلى صعوبة نجاحهم مستقبلًا؛ بسبب الخبرة الدموية التى ارتبطت بوجودهم، والأخطاء الاستراتيجية، التى وقعت فيها تلك الحركة، فضلًا عن نجاح الحكومة فى اختراق صفوفها وإحداث الوقيعة فيما بينهم، وتأليب الشارع الجزائرى عليهم، وليس أدل على ذلك مما كتبته «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» فى أحد بياناتها، الذى جاء فيه: «إن الجماعة الإسلامية المسلحة ليست سوى عصابة مسلحة منفصلة عن الشعب تحاول أن تفرض مخططاتها التخريبية على الشعب الجزائري»، وهو ما كان له أثر كبير فى رؤية الجزائريين أنفسهم تجاه هذه الحركات.