الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

شهامة المصريين تسطع في سماء اليونان.. قصة صيادين شاركوا في إنقاذ ضحايا حرائق الغابات.. وزير القوى العاملة يطلب لقاءهم وتكريمهم.. والأبطال يحكون تفاصيل اللحظات العصيبة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يُعرف عن المصريين شهامتهم وتقديمهم يد العون لكل من يحتاجها، وقد تجلّت هذه الصفة الحميدة من مجموعة صيادين مصريين في سماء اليونان، حين شاركوا في إنقاذ ضحايا الحرائق التي شهدتها اليونان مؤخرًا.
كلف وزير القوى العاملة محمد سعفان، مكتب التمثيل العمالى التابع للوزارة بالسفارة المصرية بأثينا- اليونان، بلقاء الصيادين المصريين الذين أسهموا في عملية إنقاذ الناجين من حرائق الغابات بمنطقة "أتيكا" المحيطة بالعاصمة أثينا، وتقديم الشكر والتقدير لهم على ما أظهروه من شجاعة وجسارة في عملية الإنقاذ.
وتلقّى الوزير تقريرًا عبر المستشار العمالي باليونان أشرف فؤاد، أشار فيه إلى أنه قام بزيارة الصيادين المصريين الذين أسهموا في عملية الإنقاذ للناجين من الحريق، في مدينة نياماكرى.
وقال الصيادون المصريون: "أخرجنا عشرات الأفراد من عمق البحر فى غضون ساعات قليلة، بعد أن تحولت قرية ماتى اليونانية، التى تقع على بعد 29 كيلومترًا شرقى أثينا، يوم الاثنين قبل الماضى، إلى كتلة من ألسنة اللهب المشتعلة وصل ارتفاعها إلى عشرات الأمتار فى الجو، اكتست السماء على إثرها بسحابة من الدخان الكثيف، وخلفت الكارثة مشاهد مأساوية لعائلات متفحمة، وأطفال لفظوا أنفاسهم الأخيرة فى أحضان آبائهم، وغرقى على سطح البحر بعد أن فرّوا إليه خوفًا من الموت حرقًا فى حرائق هى الأكبر فى تاريخ اليونان".
وتجلّت شجاعة عدد من الصيادين المصريين العاملين على مراكب الصيد باليونان، وسط مشاهد الموت وألسنة اللهب الممتدة إلى السماء، فى إنقاذ أهل القرية المنكوبة الفارّين من النيران إلى البحر، وكانت انطلاقة الاستغاثة الأولى من فيديو بث مباشر أطلقه الصياد المصرى محمود السيد موسى، يستنجد خلاله بمراكب الصيد الموجودة بالمنطقة القريبة من القرية لمساعدته فى إنقاذ عشرات الأهالى، بعد أن تلقّى صاحب المركب الذى يعمل على متنه ويملكه الصياد اليونانى "كوستاس أرفانيتى"، استغاثة من أحد اليونانيين يطلب منه مساعدته فى العثور على زوجته المفقودة فى البحر، فارتدى ملابس البحر وأحضر عوامات الإنقاذ وانطلق هو وصاحب المركب اليونانى فى طريقهما إلى القرية المنكوبة دون خوفٍ من الموت.
وأضاف موسى، خلال حديثه مع المستشار العمالي: "تصادف يوم الحريق الذى اندلع نحو السادسة مساءً من الاثنين قبل الماضى، مع ذكرى ميلاد صاحب المركب اليونانى، إلا أن الاحتفالية تحولت إلى مهمة إنسانية لإنقاذ أرواح العشرات من أهل القرية المنكوبة".

وتابع: "اقتربنا تجاه القرية، ارتفع الدخان الأسود حتى غطى سطح البحر وحجب عنا الرؤية تمامًا، حتى وجدت نفسي أمام خيار صعب: إما خوض التجربة لإنقاذ الأهالي من الغرق والموت خنقًا بدخان الحريق الذى غطّى السماء وحجب الرؤية فى عرض البحر، وإما التراجع والنجاة بروحي، إلا أنني لم أفكر فى نفسي، كان همّي الأكبر إنقاذ الأهالي من الغرق، فكان أول ما فعلته لحظة وصولي موقع الحدث أن أطلقت بثًّا مباشرًا من المكان عبر صفحتي على موقع "فيسبوك" أستغيث بأصحاب المراكب والصيادين فى المناطق المجاورة، وهذا ما تم التقاطه من قِبل مكتب التمثيل العمالى، حيث إنه من الأصدقاء على "فيسبوك" واعتمد فى رحلته على ضوء الكشافات فقط حتى يتمكن من رؤية الغرقى".
"اعتمادنا الوحيد فى إنقاذ الناس كان على تتبع الأصوات، كل ما نمشى وسط الدخان نسمع أصوات الناس والأطفال، "الحقونا الحقونا"، هكذا وصف الصياد المصرى ابن عزبة البرج بمدينة دمياط، المشهد فى عرض البحر، مؤكدًا أنه كان يطلق عوامات مربوطة فى حبل بالمركب فى أماكن صوت الاستغاثات ويقوم بسحبها ويجد شبابًا ونساء ورجالًا عالقين بها يضعهم على متن المركب حتى وصل عددهم فى أول دفعة إلى 23 فردًا و4 كلاب، وتم توصيلهم إلى البر وعاد لينقذ المزيد من الأفراد.
واستطرد: "كنا نسير وراء أصوات الناس ولم نكن نرى أي شيء، وأصعب موقف تعرضت له هو لحظة استخراج طفل لم يتجاوز خمس السنوات من عمره من وسط البحر، وفور إنقاذه عانقني الصغير".
لا يزال مركب الصيد الأول الذى شارك فى عملية إنقاذ أهل القرية المنكوبة يحوي آثار الفاجعة، فحسب قول "موسى": "عندنا فى المركب بقايا هدوم بعض الأطفال اللى أنقذناهم مع أهاليهم".
وتحدّث الصياد المصرى الثانى، الذى يعمل على مركب صيد شنشلا وهى أكبر من التى يعمل عليها الصياد الأول، قائلا: "عثرنا على جثة رجل عجوز فِضل ماسك إيد بنته لحد ما خرجناها على الشط.. وكانت هى عايشة، بعد وقت قليل بدأت عدد من اللنشات البحرية التابعة للسواحل اليونانية ومراكب الصيد التى تعمل فى المنطقة المجاورة للقرية المنكوبة تتوافد إلى عرض البحر بعد أن شاهدوا فيديو الاستغاثة على "فيسبوك".
وعلى متن أحد مراكب الصيد، التى جاءت لتلبية الاستغاثة التى أطلقها "موسى"، حضر الصياد هانى الخميسى، ليشارك فى عمليات الإنقاذ بصحبته 7 صيادين آخرون، وفور وصولهم مكان الحادث فى نحو الثامنة مساء فوجئ الجميع بظلام تام ودخان أسود يحجب الرؤية تمامًا فى عرض البحر، وكما فعل المركب الأول تتبّع الصياد "الخميسى" ومَن معه أصوات نداءات الغرقى واعتمدوا على ضوء الكشافات ليتمكنوا من الرؤية، وكان أول الناجين على يده فتاة فى السابعة عشرة من عمرها، حيث يقول "البنت كانت فى المنطقة الغريقة فى آخِر البحر أول ما طلعناها قالت أنا مش مصدقة إنى لسه عايشة.. عمرى ما أنسى شكلها كانت فرحانة إزاى.. الروح حلوة"، حسب تعبيره.
وتمكّن "الخميسى"، الذى يعمل باليونان منذ 11 عامًا، من إنقاذ 20 فردًا من عمق البحر هو والصيادون المصاحبون له على متن المركب، وحسب وصفه كان من بين الأفراد جثة رجل مُسن لقي مصرعه غرقًا وظل متشبثًا بيديه فى يد ابنته وزوجته اللتين ما زالتا على قيد الحياة.