الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"رحيل الأنبا أبيفانيوس".. راهب: هل أطفأت طيور الظلام نور الكنيسة وكوكب البرية؟

الأب جون جبرائيل
الأب جون جبرائيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استنكر الأب جون جبرائيل الراهب بدير الدومينيكان، حادث مقتل الأسقف ورئيس دير أبو مقار بوادي النطرون الأنبا أبيفانيوس.
وكتب جبرائيل عبر حسابه الشخصي على موقع فيس بوك: "ينفجع قلبي ألمًا على رحيل الأنبا أبيفانيوس، ثمّ مرارة القلب وغصّة الحلق حينما علمتُ أنّ يدًا غادرة طالته.
لم أكن أبدًا أتخيّل أن أحبّ أحد الأساقفة إلى هذا الحدّ، ولم أكن أتحيّل مدى هذه المحبّة والتقدير له التي جعلت الألم يعتصرني والدموع المريرة تنهال طوال يوم الأمس بعد الخبر المفزع.

هل اطفأت طيور الظلام هذه النور وخمدت نار هذا الكوكب المتوهّجة؟
أوّلًا لا أستطيع تحمّل ذنب الإشارة بإصبع الاتّهام إلى أيّ أحد، لكنّ القاتل ومَن دفعه هو من أولئك الذين سمحوا للكراهية والحقد أن يعشّشوا في قلوبهم والتعصّب أن يعمي أبصارهم، بعد أن ارتووا وكبروا على تعاليم أساقفة جهلة ادّعوا العلم وادّعوا معرفة اللاهوت، وادّعوا القداسة بحركات بهلوانيّة خادعة في وسط شعب تنهش الأميّة المدنيّة والدينيّة في عقله ولحمه.

نعم، مقتل أبيفانيوس يشهد ويذكّر بالشرّ الكامن وسط الإكليروس، ووسط مَن يقتلون لأنّهم يظنون أنّهم بذلك «يؤدّون خدمة لله». تاريخ الكنيسة في العصور الوسطى يشهد على الاغتيلات. ما حدث الآن هو أكبر كشف عن مدى قرب كنيسة مصر من العصور الوسطى.

نعم، استظاعت يد هؤلاء اغتياله وقتله، ووقف انتاجه الفكريّ. نعم! هذا صحيح. إلّا أنّ دماء أبيفانيوس التي أُريقَت لهي بذار لألف أبيفانيوس، وستلاحقكم أيّها القتلة روحه في كل مكان. هناك آلف أبيفانيوس سيولَد في أرض مصر، في حضن الكنيسة المصريّة وستلاحقكم ابتساماته الهادئة، فكما انتصر عليكم في حياته سينتصر أكثر في مماته. لقد انتصر أبيفانيوس حينما لم يدع مدخلًا للحقد والكراهية، التي تغوصون فيها، تتسلّل إلي قلبه النقيّ.

نعم، قُتِل أبيفانيوس، ذلك لأنّه شهد للحقيقة، وطارد الظلام في صمت، وفي سكينة وفي اختفاء واحتجاب.

قُتِل أبيفانيوس، لأنّه لم يعرف التذوير والنفاق والمراوغة. قُتل أبيفانيوس لأنّه سار على خطى معلّمه يسوع المسيح لإنارة هذا العالم ومحاربة الظلام.

مقتل أبينا أبيفانيوس هو تهديد سافر لكلّ مَن تسوّل له نفسه قول الحقّ وفضح الزيف في الكنيسة. لكلّ من يفتح قلبه للمسيحيين جميعًا بغض النظر عن معتقداتهم. اغتيال أبيفانيوس تكرار لاغتيال المسيح، وتهديد هنا في مصر والآن لمن يتجرّأ على السر على خطى يسوع.

لقد كان أبيفانيوس قدّيسًا على الأرض، في العالم وفي البرّية. ها قد كسبته الكنيسة الآن قدّيسًا في المجد، يصلّى من أجل كنيسته وشعبه.