سيظل تاريخ الـ27 من يوليو، نقطة فاصلة فى تاريخ السينما المصرية، ففى هذا اليوم ودع المصريون ثلاثة من عمالقة الوسط الفنى، وفقدت السينما المصرية والعربية بل والعالمية، إن جاز التعبير، ثلاثة من روادها سواء على مستوى الإخراج أو التمثيل، وهم دنجوان السينما رشدى أباظة، وملك الترسو فريد شوقى، والمخرج العالمى يوسف شاهين، ليخلد التاريخ أسماءهم بأحرف من نور كل فى مجاله.
وتبقى السينما العربية شاهدة على هذه الظاهرة الاستثنائية؛ ولكن تأبى الأيام أن تكتفى بتذكيرنا برحيل هؤلاء العمالقة الثلاثة، لتفتتح صفحات هذا التاريخ الاستثنائى مجددًا، وتضم إليه فنانان رحلا عن عالمنا فى نفس ذات التاريخ، وهما الفنانة هياتم والفنان الكوميدى محمد شرف، ليظل مع الوقت هذا اليوم محملًا بالجراح والأسى على أبناء الوسط الفنى.
البداية كانت عام ١٩٨٠، حينما رحل دنجوان السينما المصرية رشدى أباظة عن عمر ناهز الـ ٥٣ عامًا، قبيل أيام أخيرة على تصوير آخر أفلامه «الأقوياء»، والذى مات أثناء تصويره ولم يستطع استكماله، وقام الفنان صلاح نظمى بأداء الدور بديلًا عنه، وذلك بعد معاناة طويلة مع مرض سرطان المخ.
وعقب مرور ١٨ عامًا على رحيل الدنجوان، لم يتمكن هذا اليوم من إخفاء آلامه وجراحه، ليعلن رحيل ملك الترسو الفنان فريد شوقى عن عمر ناهز الـ ٧٨ عامًا، نتيجة إصابته بالالتهاب الرئوى الحاد الذى ظل ملازما له طيلة عامين كاملين.
أما يوسف شاهين فظل يعانى أكثر من شهر بعدما دخل فى غيبوبة نتيجة نزيف بالمخ انتهت برحيله فى هذا اليوم عام ٢٠٠٨، عن عمر ناهز الـ ٨٢ عامًا داخل مستشفى المعادى العسكرى.
وتمر الأيام والسنون مجددًا ليكتب يوم الجمعة الماضية نهاية رحلة عطاء وإبداع لكل من محمد شرف وهياتم، اللذين لم يدخرا أى غالٍ أو نفيس خلال مسيرتهما الإبداعية.
الفنان محمد شرف، ٥٥ عامًا، عانى طويلًا مع مرض القلب، وعانى من ضعف فى العضلة، ما اضطره لإجراء جراحة العام الماضى، ولم تكن هذه المعاناة هى الوحيدة له مع المرض، بل تعرض فى عام ٢٠٠٨ لانسداد فى شرايين المخ أبعده طويلًا عن الساحة الفنية، قبل أن يعود ويطل علينا من نفحات الكوميديا الاستثنائية التلقائية التى عودنا عليها بفيلم «آسف على الإزعاج»، والذى قدم خلاله شخصية «نسيم»، الذى عانى من ضعف فى الإبصار أودى به إلى العمى فى النهاية، وهو ما ترك بصمة لدى المشاهدين لما حمله من معان إنسانية كثيرة وعميقة.
أما الفنانة هياتم، ٦٩ عامًا، فقد نُقلت قبل ٣ أسابيع للمستشفى عقب تعرضها لوعكة صحية، وتم تشخيص إصابتها بمرض سرطان القولون، تلقت العلاج اللازم ثم استقرت حالتها إلى حد كبير ما استدعى الأطباء نقلها لغرفة عادية، قبل أن تعود للعناية المركزة لاحقًا بعدما تدهورت حالتها الصحية.
