الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

هيربرت ماركوز.. فيلسوف التشاؤم

هيربرت ماركوز
هيربرت ماركوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هو واحد من فريق مدرسة فرانكفورت، تلك الحركة الفلسفية التي نشأت بمدينة فرانكفورت سنة 1923. 
بدأت الحركة في معهد الأبحاث الاجتماعية بالمدينة، وجمعت فلاسفة مثل ماكس هوركهايمر، والتر بنجامين، وهيربرت ماركوز، ويورغن هابرماس وهو الممثل الأكثر شهرة للجيل الثاني للمدرسة.
وهاجرت الحركة إلى جنيف سنة 1933 مع وصول هتلر للحكم في ألمانيا ثم إلى الولايات المتحدة أثناء الحرب، قبل أن تعود مجددا إلى ألمانيا في بداية الخمسينيات. 
ارتبط اسم مدرسة فرانكفورت بالنظرية النقدية في معناها الفلسفي والذي ينبغي تمييزه بدقة عن الدلالة الرائجة في النقد الأدبي.
وينبغي التوضيح أن مدرسة فرانكفورت متمايزة عن النظرية النقدية لكون الأولى هي حالة خاصة من النظرية النقدية ولكون هذه الأخيرة لا تقتصر على مدرسة فرانكفورت.
وكان ماركوز الذي تمر اليوم 29 يوليو ذكرى وفاته، يمثل الجناح اليساري فيها، وظهر تأثيره على القيادات الطلابية في الاحتجاجات الطلابية التي عمت جامعات أمريكا وأوروبا خلال أواخر عقد الستينيات، وقد ركز في كتاباته على نقد الرأسمالية وتجديد الأطروحات الماركسية مثل أن أهم تهديد للأنظمة القائمة سيأتي من الطلاب والأقليات في المجتمع وليس من طبقة العمال التي تم تطويعها من خلال النمط الاستهلاكي وتحقيق احتياجاتها السطحية لتكون خاضعة للأوضاع القائمة والتركيز على البعد الفردي خلال النسق الماركسي.
ومن أهم إنتاج ماركوز الفكري كتابه "العقل والثورة" "1941م"، الذي دعا فيه إلى نظرية اجتماعية جدلية مناقضة للعلم الاجتماعي الوضعي كما عند أوجست كونت، وشتال، وفون شتاين خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، لأنها كانت تماثل بين دراسة المجتمع ودراسة الطبيعة. 
وما يلاحظ على ماركوز أنه بنى نظريته الجدلية على أفكار هيجل، وحول فكر ماركس إلى هيجيلية راديكالية، فحصر اهتمامه في نقد أصول الفلسفة الوضعية والعلم الاجتماعي.
وقد عرف ماركوز بعدائه الشديد للهيمنة التقنية، وكان يعتبر العقل المنغلق سببا في استلاب الإنسان، وتحويله إلى آلة إنتاجية ليس إلا. ومن ثم، فقد بلور ماركوز فلسفة تشاؤمية بسبب اغتراب الإنسان في المجتمع الصناعي الحديث الذي تغلب عليه التقنية، ويضيع فيه الإنسان باعتباره ذاتا وكينونة ووجودا، وهي نفس النزعة التشاؤمية الموجودة عند ماكس فيبر، ويرجع هذا التشاؤم إلى شعور فئة معينة من المجتمع أي الشريحة العليا المثقفة من الطبقة الوسطى، أو الصفوة المثقفة بالإحباط وخيبة الأمل.
وقد بين ماركوز في كتابه: "إنسان البعد الواحد" باختفاء الدور التاريخي الفعال للطبقة البورجوازية والطبقة البروليتارية على حد سواء، وهناك قوة واحدة مخفية متحكمة في مسار هاتين الطبقتين معا هي العقلانية العلمية التقنية، وليست هناك طبقة معارضة، فقد تم استيعاب الطبقة العاملة واسترضاؤها من خلال تحفيزات مادية استهلاكية، وترشيد عملية الإنتاج ذاتها. 
وقد أثارت أفكار ماركوز:"استجابة سريعة لدى حركة الطلبة الأمريكية في أواخر الستينيات بمعارضتها للنظام، ولدى حركات طلابية أخرى في دول أوروبية شتى إلى حد ما، لكن الحركات الاجتماعية في ذلك الوقت كانت جميعها واقعة تحت تأثير تحليلات متنوعة عن البنية الطبقية المتغيرة، وعن مغزى التكنوقراطية والبيروقراطية، التي قدم علماء الاجتماع إسهامات ملحوظة بصددها".
ومن هنا كان إيمان ماركوز بقوى ثورية جديدة ستظهر في المستقبل داخل المجتمع الحديث، وسيتم التحرر الاجتماعي عن طريق الإشباع العاطفي كما يبين ذلك في كتابه: "الحب والحضارة"، وقد برهن فيه سيكولوجيا، بأن تجاوز الندرة المادية في المجتمعات الصناعية المتقدمة، سيخلق الشروط المناسبة لإحراز البشر هدفهم في السعادة من خلال تحررهم العاطفي.