الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

تيار فكري صوفي داخل الجماعة الإرهابية

حسن البنّا مؤسس جماعة
حسن البنّا مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تفاوتت التأويلات حول السبب الذى دفع مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، حسن البنّا (١٩٠٦-١٩٤٩) لوضع تعريف لجماعته، التى أسسها عام ١٩٢٨، ينص على كونها «دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية..»، فأحسن هذه التأويلات ظنًّا ذهب إلى أن «البنّا» كان يدرك متطلبات المرحلة التى أسس فيها جماعته، والتى كانت تشهد تداعيات سقوط الخلافة العثمانية، فى ١٩٢٤م، أى قبل تأسيس «الإخوان» بأربع سنوات فقط، ما يطرح حقيقة أن المسلمين يعيشون لأول مرة دون خلافة، وهو ما دفع باتجاه التفكير فى تكوين جماعة دينية توافقية، أراد «البنّا» لجماعته أن تكون هي.
أما التأويل الثاني، فيقول: إن مؤسس جماعة الإخوان ومرشدها الأول سعى من خلال تعريفه هذا إلى زيادة أعضاء جماعته حتى لو كلفه ذلك ضم أصحاب تيارات فكرية تتعارض مع أفكار الجماعة.
ويشير تاريخ جماعة الإخوان إلى واقعية الرواية الثانية، التى تشكك فى نوايا «البنّا»، إذ تبنت جماعته سياسات تهدف لاختراق الطرق الصوفية والتيارات السلفية لاستقطاب أفرادها، ومن ثم إدخالهم لـ«الإخوان»، ثم يأتى بعد ذلك التفكير فى تطويع فكرهم بما يتلاءم مع أفكار الجماعة. وتمكنت جماعة الإخوان أكثر من مرة من زرع عناصر تابعة لها داخل طرق صوفية، وذلك بإقرار الطرق نفسها التى اشتكت من رصد مظاهر غير صوفية بين أتباعها.
وفى كتابه «حتى لا تضيع الهوية الصوفية بين الإخوان المسلمين والشيعة وبنى أمية الجدد»، أقرَّ المفكّر الصوفى محمود صبيح بواقعةٍ انضم فيها شاب إخوانى لطريقة صوفية فى محافظة بنى سويف، جنوب القاهرة، ونجح فى إخراج ٣٠ صوفيًّا من الطريقة وضمهم لجماعة الإخوان.
وتابع «صبيح»، أن الجماعة نجحت فى طنطا فى الدفع بعضو فيها داخل إحدى الطرق، وتدرج حتى أصبح نائب شيخ الطريقة، بالإضافة إلى محاولات قال «صبيح» إن الجماعة تبذلها للسيطرة على نقابة الأشراف. وفى فصل عنونه بـ«كيف يدعو الإخوان أحدًا من المتصوفة؟»، تناول «صبيح» التبريرات التى تقدمها جماعة الإخوان عندما تحاول استقطاب أحد أبناء الصوفية.
وتعتمد الجماعة بالأساس فى ذلك على تعريف «البنّا» لها بكونها «حقيقة صوفية»، مستدعية تجربة «البنا» الصوفية التى سردها فى مذكراته «الدعوة والداعية»، وقال فيها: «إنه نشأ تنشئة صوفية، عندما تعلق فى طفولته بالطريقة الحصافية وشيخها حتى كان يأتيه فى المنام». كما تحاول الجماعة، بحسب «صبيح» الذى كانت له تجربة داخل «الإخوان» احتواء أى أسباب يطرحها الصوفى، ويرفض من خلالها عروض الانضمام للجماعة، فمثلًا إذا قال إنه لن يلتحق بجماعة متسلفة، يكون الرد «ادخل معنا وأصلحها»، أو «ادخل معنا وابق فى طريقتك». ويرى «صبيح» أن هذه الردود أقرب إلى «التقية» وهو أسلوب يتبناه الشيعة لإخفاء ما يبطنون، إذ لا يمكن أن يبقى الصوفى على طريقته إذ ما دخل «الإخوان»؛ لأن كلًّا منهما يتطلب التبعية والولاء لرأس الطريقة أو الجماعة.
وتطرق «صبيح» إلى الاستشهاد بتجربة «البنّا» فى الصوفية لإقناع المتصوفة، قائلًا: إنه أقلع عن الصوفية منذ أسس جماعته، وبدأ فى كتابة مقالات ترفض طقوس التصوف وأفكارهم، مثل مقاله بالعدد العشرين من جريدة «الإخوان المسلمون»، المعبرة عن الجماعة خلال حقبة الثلاثينيات، الذى رفض فيه طقوس الاحتفال بليلة النصف من شعبان. وفنّد «صبيح» الأسباب التى تشكك الصوفى فى منهج جماعة الإخوان، وتجعله فى مأمن، بداية من ولائهم للأنظمة الحاكمة، وتخطيطهم فى الوقت نفسه لاغتيال رأس الدولة، أو الحديث المنقول عن الرسول حول ظهور جماعة من المسلمين ستتحدث لغتهم وتزعم صلاحهم أوصى باعتزالها حتى يأتى الموت.
وشكك أيضًا فى رواية الإخوان حول كونهم هم من سيقيمون «خلافة على منهاج النبوة»، قائلًا: إن هذه الخلافة تتطلب ظهور المهدى المنتظر، ووفقًا للمنهج الإخوانى فإنهم لا يعترفون بهذا المهدي، واعتبر «صبيح» أن عدم الاعتراف هذا وراءه طمع فى السلطة.