الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

ننفرد بنشر تفاصيل مؤامرة إيران في مظاهرات البصرة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم أن المظاهرات الحاشدة في جنوب العراق، تعكس غضبًا شعبيًا من أداء الطبقة السياسية والفساد المستشري بداخلها، إلا أن أصابع إيران غير بعيدة عن أعمال العنف التي تخللت هذه المظاهرات، في محاولة مفضوحة لإخراجها من طابعها السلمي، واستهداف أكثر من عصفور بحجر واحد.
فالمظاهرات، التي انطلقت شرارتها في محافظة البصرة، في 7 يوليو، بسبب تردي الواقع الخدمي والبطالة، وسرعان ما انتشرت كالهشيم في محافظات أخرى في جنوب العراق، رددت شعارات معادية للسياسيين الشيعة حلفاء إيران، بل واستهدفت أيضا مقراتهم، ولذا، سعى عدد من جواسيس طهران على الفور، لتحويل مسار الاحتجاجات، عبر اقتحام وإحراق المؤسسات الحكومية، لتشويه صورة المتظاهرين، ومحاولة إظهار أنهم مدفوعون من التيار الصدري للنيل من حزب الدعوة، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، وبالتالي إحباط المفاوضات الجارية بين مقتدي الصدر والعبادي لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان، التي ستسمي الحكومة الجديدة.
أيضا تستهدف إيران العبادي، وتسعى للحيلولة دون استمراره في رئاسة الحكومة، بالنظر إلى مساعيه لتحجيم ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لها، ولذا اندس عملاء لها وسط المتظاهرين، وقاموا بأعمال عنف، لاستفزاز قوات الأمن، ودفعها لاستخدام أقصى درجات القوة، ما سيسبب خسائر في صفوف المحتجين، وبالتالي، يشتعل الوضع أكثر.
وبالنظر إلى أن المظاهرات تجددت في إيران منذ 25 يونيو الماضي، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية، فإن إيران تبدو المستفيد الأكبر مما يحدث في جنوب العراق، لأنه غطى مؤقتا على الأزمة الداخلية التي يواجهها نظام الملالي.
إضافة إلى العقوبات الأمريكية التي تلوح في الأفق، والتي تسعى إيران لإجهاضها مبكرا، ولذا، فإن انطلاق تظاهرات جنوب العراق من البصرة لم يكن محض صدفة، فيما يبدو، بالنظر إلى أن هذه المحافظة هي خزان النفط العراقي، وفي حال توقفت شركات النفط الأجنبية عن العمل فيها، فإن أسعار النفط سترتفع، ما يزيد الأعباء على الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى أن عدم تصدير النفط العراقي، ينسجم مع تهديد الرئيس الإيراني حسن روحاني صراحة، بعرقلة صادرات النفط في المنطقة، حال منع مبيعات النفط الإيرانية.
وقال المحلل السياسي العراقي هيثم الهيتي، لموقع "رووداو" الكردي، في 14 يوليو، إن "ما حصل في البصرة جاء نتيجة توقف إمدادات الكهرباء والماء، التي تستوردها المحافظة من إيران".
وتابع "إيران تريد أن تشعل حريقا في جنوب العراق لعرقلة تصدير النفط العراقي ودفع شركات النفط الغربية والروسية للضغط على واشنطن لفك الحصار عليها، وإيجاد اتفاق سلمي معها".
واستطرد "الإيرانيون لديهم نفوذ على الأرض، ولا يهتمون كثيرا بعلاقتهم مع العبادي لأن لديهم نفوذا على الأرض، بل إن العبادي هو من يحتاجهم أحيانا".
وكشف الهيتي أن "الإيرانيين حركوا الشارع ضد أحزاب موالية لهم في جنوب العراق، لأنهم مضطرون لأن يحرقوا الجنوب ويوقفوا تصدير النفط العراقي عن جميع الدول، كوسيلة ضغط على أمريكا والغرب".
وأضاف "إيران تتألم بسبب الحصار الاقتصادي الأمريكي ضدها، وتهديدات واشنطن لدول العالم بعدم استيراد النفط الإيراني، وهذا دفعها لاتخاذ قرار بأن تشعل مظاهرات جنوب العراق بإيقاف الكهرباء والماء، هي أوقفت الخدمات، وبالتالي قام الجمهور العراقي بهذا التحرك".
واختتم الهيتي، قائلا:"شركات النفط العالمية هي التي تحرك السياسة العالمية ولديها لوبيات في واشنطن ولندن وباريس وهي التي تضغط على أوروبا وأمريكا وتستطيع أن تدفع بفك الحصار عن إيران، والمتضرر مما يحدث في جنوب العراق، شركات النفط الأمريكية والروسية والأوروبية، وبالتالي هذه الشركات عندما ترى أنها ستخسر 71% من الإنتاج أي تخسر جنوب العراق وهذا المخزون النفطي الرخيص والأرباح المليارية في العالم، فإنها ستتحرك للضغط على حكومات بلادها".
ويبدو أن التقارير الواردة من داخل العراق تدعم تصريحات الهيتي، ففي 14 يوليو، أفاد موقع "بغداد بوست" بإلقاء القبض على عدد من المرتزقة الإيرانيين خلال المظاهرات التي اجتاحت محافظة النجف في جنوب البلاد.
وأضاف الموقع، إن المتظاهرين في النجف ألقوا القبض على عدد من المندسين الإيرانيين، وهم يحاولون حرق أحد مباني الدولة، وتابع "بالفحص والتدقيق تبين أن الأشخاص المقبوض عليهم من طلاب العلم التابعين لإحدى الحوزات الشيعية الإيرانية في النجف، واندسوا وسط المظاهرات وحاولوا الحرق والتدمير".
وأشار الموقع إلى أن المتظاهرين لم يسلموا هؤلاء الإيرانيين إلى الشرطة، خوفا من إطلاق سراحهم، فيما أفادت قناة "السومرية" العراقية، أيضا في 14 يوليو، بارتفاع وتيرة التوتر في النجف بقيام المحتجين بإحراق مقرات تابعة لـ"كتائب حزب الله"، وهي جزء من قوات "الحشد الشعبي" العراقية، الموالية لإيران، بالإضافة إلى اقتحام متظاهرين مقر حزب "الدعوة" في النجف.
كما اندلعت مواجهات في النجف في 13 يوليو، بين متظاهرين وعناصر من ميليشيا "عصائب أهل الحق"، الموالية لإيران، على خلفية مهاجمة مقرها.
ورغم أن محافظات جنوب العراق ذات أغلبية شيعية، إلا أن إيران تستغل معاناة فقراء الشيعة، سواء داخل حدودها، أو خارج الحدود، لتحقيق مصالحها السياسية، وتوسيع نفوذها الإقليمي. 
ولعل ردود فعل أبرز رجال الشيعة في العراق، تكشف أنهم على علم فيما يبدو بمخطط إيران عرقلة تصدير النفط من العراق، ردا على محاولات أمريكا منعها من تصدير نفطها.
وقال رجل الدين الشيعي العراقي البارز حسن سعيد مُشَيْمِشْ عبر حسابه على تويتر:" ‏الأحزاب الشيعية ورجال الدين الشيعة الموالين للطاغية خامنئي وأمريكا اختلسوا نحو 800 مليار دولار من ثروات العراق وجعلوه أفقر بلد في العالم وصار العراقيون يترحمون على أيام صدام حسين، ولا يوجد لصوص في الأرض كرجال الدين الشيعة العراقيين الحاكمين بالعراق ولا أكذب منهم بالدين".
وبدوره، أعلن ممثل المرجع الشيعي العراقي الأعلى علي السيستاني في كربلاء عبد المهدي الكربلائي، التضامن مع التظاهرات، وقال في 13 يوليو خلال خطبة الجمعة:"لا يسعنا إلا التضامن مع المواطنين في مطالبهم الحقة، مستشعرين معاناتهم الكبيرة، ومقدرين أوضاعهم المعيشية الصعبة وما حصل من تقصير واضح من المسئولين سابقا ولاحقا في تحسين الأوضاع وتقديم الخدمات لهم، رغم وفرة الإمكانات المالية، إذ لو أحسنوا توظيفها واستعانوا بأهل الخبرة والاختصاص في ذلك، وأداروا مؤسسات الدولة بصورة مهنية بعيدا عن المحاصصات والمحسوبيات، ووقفوا بوجه الفساد من أي جهة أو حزب أو كتلة، لما كانت الأوضاع مأساوية كما نشهدها اليوم".
وبدأت شرارة الاحتجاجات في البصرة، في 7 يوليو، بسبب تردي الواقع الخدمي والبطالة، لتتصاعد وتيرتها، بعد مقتل أحد المتظاهرين في الثامن من الشهر ذاته، وفي 12 يوليو، اقتحم متظاهرون مقرات شركات نفطية في حقل القرنة بالبصرة، وقاموا بسلب ونهب بعض أجهزة التبريد الخاصة بالحقل، مطالبين بفرص عمل وتوفير الخدمات.
وفي 14 يوليو، امتدت الاحتجاجات الغاضبة من البصرة إلى محافظات أخرى في جنوب ووسط العراق، بينها واسط وميسان والنجف وبابل، احتجاجا على انعدام الخدمات وانقطاع الكهرباء وعدم توفر فرص العمل.
وبعد أن رافقت الاحتجاجات اشتباكات مسلحة ومحاولات لاقتحام مقار حزبية وحكومية خاصة في النجف وميسان وبابل وكربلاء، فرضت السلطات العراقية مساء السبت الموافق 14 يوليو حظر التجوال في ثلاث محافظات هي:البصرة، والنجف، وكربلاء.
وبالتزامن مع التطورات السابقة، أصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في 14 يوليو أيضا، عدة قرارات بشأن مطالب المتظاهرين، من بينها حل مجلس إدارة مطار النجف، وتخصيص "3.5 "تريليون دينار فورا للبصرة، لتحلية المياه وفك الاختناقات بشبكات الكهرباء وتوفير الخدمات الصحية اللازمة.
وإلى حين اتضاح مآلات هذه الاحتجاجات، فإن العراق هو الخاسر الأكبر، لأن أجواء عدم الاسقرار هناك، لاتخدم سوى إيران وداعش.