الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

صالح البقري.. رفض التعامل مع الإسرائيليين وتميز بجلبابه الصعيدي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استيقظت محافظة الأقصر، اليوم الجمعة، على خبر وفاة صالح شعلان البقري شيخ المرشدين السياحيين بالأقصر، ابن منطقة الكرنك، عن عمر يناهز 76 عاما وذلك بعد صراع مع المرض وهو ما خلف حالة من الحزن لدى جموع المرشدين ودشنوا هاشتاج "#صالح_شعلان_لن_ننساك تركت لنا روحك تعيش بنا.

"الحاج صالح البقري" من مواليد النجع التحتاني بعائلة البقريين بمنطقة الكرنك وولد عام 1944 وتدرج في مراحل التعليم حتى ذاع صيته كمرشد سياحي متفرد، وأبرز السمات التي كانت تميز الراحل هو أنه كان له طابعه الخاص الذي يتفرد به، عبارة عن ارتداء جلباب وعصى يتكئ عليها منذ عمله كمرشد سياحي عام 1979، بعدها أطلق عليه أبناء المهنة لقب "شيخ المرشدين" باعتباره من أقدم المرشدين السياحيين سنا وعلل ذلك بأنه يجب على كل فرد الاعتزاز بثقافته وتفرده عن الثقافات الأخرى حيث أن "الجلابية" كانت هي الملبس الأساسي والرسمي للمرشدين السياحيين في محافظة الأقصر، ووقتها لم يكن يختلف عن الآخرين، ولكن مع تغير الزمن وتعاقب الأجيال أصبح هو فقط من يرتدي الجلباب البلدي ولم يكن يراها عائقا خلال ساعات العمل.

وطوال رحلة عطاء لشيخ المرشدين الراحل منذ سبعينات القرن الماضي، كان "البقري" سفيرا لمصر وممثلا لها بجلبابه البلدي وذلك في إنجلترا، وفرنسا حيث شرح تاريخ مصر القديم وحضارة الفراعنة وهو يرتدي جلبابه البلدي وساعة بكاتينة، في المتحف البريطاني، ومتحف اللوفر والتقى كلا من "البرنس تشارلز 1979، اللورد منتباتن، والرئيس القذافي، رشدي أباظة، شكري سرحان" وغيرهم من مشاهير عالم السياسة وعالم الفن وشرح لهم آثار مصر، كما مثٌل بلده في قبرص عام 1989 في المؤتمر الدولي للمرشدين السياحيين، وتم انتخابه عضوًا في اللجنة الدائمة الدولية للسياحة.

كان يهوي بجانب ارتداء الجلباب لفة العمامة، التي كان يكمل بها الشكل الصعيدي حيث كان يقوم بلفها بيده لسياح من مختلفي الجنسية كانوا يفضلوا التجول معه أثناء زيارتهم للمناطق السياحية وهم يرتدوا الجلباب البلدي سواء كانوا من الرجال أو النساء أسوة بمرشدهم، وأصبحت تلك الميزة هي تقليد حذا حذوه أبناء المهنة مثل "الطيب عبد الله" مرشد سياحي، والذي يعتبر نفسه تلميذا مخلصا لشيخ المهنة.

وكان "البقري" دائما يمسك بيديه "العصا" والتي يجب أن تناسب لون حذائه حتى يستكمل هندامه الذي يعكس الشخصية المصرية، لذلك فهو دائمًا يشتري العصا من أي بلد يزوره أو تهدى إليه من أصدقائه، والتي يراعيها ويحافظ عليها مثلها مثل أحب أبنائه إلى قلبه فكان يمتلك عصي من جنوب أفريقيا، وأخرى من أمريكا وثالثة من أيرلندا، وإنجلترا، وعصى أخرى كلفته 42 جنيها إسترلينيا من إنجلترا، وعصى أخيرة اشتراها بـ600 جنيه وهي عصى "يسي باشا" أحد أعيان الأقصر وعائلة ذائعة الصيت إلى الآن ولها دور تاريخي في حزب الوفد، وكل عصى لها ذكرى وطابع خاص ما بين عصى مرصعة بالفضة، وأخرى من العاج، والعنبر.

كما كان لشيخ المرشدين الراحل، وجهة نظر خاصة في التغييرات التي شهدتها محافظة الأقصر خلال السنوات الأخيرة حيث رآها بعينه وأصابته أحداث هدم القصور التراثية بالحزن والإحباط حيث تهدم معها ذكريات عاشها مع رفقائه في العمل أضيف إلى الأزمات السياحية التي كانت تعاني منها المحافظة.

كان يرى بداية أزمات القطاع السياحي، في وقت نكسة 1967 حيث كانت الوفود السياحية من الجنسية الروسية هي السواد الأعظم فيما شهدت قلة في عدد السائحين الأمريكان، وبعد عام 1979 وانتهاء الحروب بدأ الرواج السياحي، شهدت مصر آنذاك توافد السياح من مختلف الجنسيات إلى الأقصر خاصة وأنه كان يرى أن الأحداث السياسية لها تأثيرها على السياحة ويجب أن يشعر السائح بالأمان قبل زيارته أي بلد ولكنه في كل الأحوال كان يرفض أن يتعامل مع "الزبون الإسرائيلي" فكان يعتبر أنهم العدو ولا يزالون كذلك.

وكان لشيخ المهنة دورا كبيرا في تأسيس نقابة المرشدين السياحيين، حيث كان العاملون في القطاع السياحي يعتمدون على "جمعية المرشدين السياحيين" في الستينيات، والتي مازالت إلى الآن في الأقصر، ثم تم إنشاء نقابة للمرشدين السياحيين بالأقصر عام 1983، وبقى زميلا ومعلما للعديد من الأجيال حتى توقف عن العمل كمرشد سياحي منذ 2008.