الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

وثيقة مسربة تكشف خطة الإليزيه لمواجهة "دكاكين" الإرهاب.. فرنسا: مقترحات للحد من التمويل المشبوه للجمعيات الإسلامية على مائدة ماكرون.. محاصرة التدفقات المالية وتفعيل "المجلس الفرنسي للدين الإسلامي"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشفت صحيفة «لوموند»، الخميس، عن وثيقة مسربة انفردت بنشرها، وتتضمن خطة مقترحات يدرسها الإليزيه حاليا لمراقبة الأموال المشبوهة التى تستفيد منها الجمعيات الإسلامية فى فرنسا، وذكرت «لوموند» أن مدونة من عشرين ورقة، أودعها المستشار حكيم القروي، المقرب من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لدى الإليزيه بهدف تحديد خطة لتسيير شئون الجمعيات الإسلامية فى فرنسا وتقنينه، حيث من المنتظر أن يعلن الرئيس الفرنسى فى الخريف المقبل فى خطاب رسمى عن الرؤية الجديدة للإسلام فى فرنسا. 

وأكد «القروي» للصحيفة أن ذلك يمر بمراقبة الأموال التى تستفيد منها المؤسسات والجمعيات التى تمثل الإسلام فى البلد حيث اقترح إنشاء جمعية إسلامية للإسلام فى فرنسا يرأسها ويديرها مواطنون فرنسيون ينتمون للديانة الإسلامية، يدافعون عن فكر معتدل فى مواجهة التيارات العديدة المتطرفة، ويكون دورها جمع التمويلات الضرورية لتكوين وتوظيف الأئمة، بناء وترميم المساجد والعمل على دراسات ونشاطات لمحاربة الإسلاموفوبيا والمعاداة للسامية. 

وتأتى هذه المبادرة ضمن التوجه الحالى لفرض رقابة على الأموال التى يدرها العمل فى دوائر النشاط الإسلامى بدل الاهتمام بالمؤسسات التى تمثله، هذه الأخيرة لم تنجح حسب القروى فى تسيير شئون المسلمين كونها ممثلة من قبل أطراف أصولها ليست فرنسية ومن دول مختلفة قامت بنقل إشكالاتها وخصوماتها وبالتالى حالت دون أن يتمكن المجلس الفرنسى للدين الإسلامى من أداء مهامه، كما يعيب القروى على أن هذه المؤسسات تربطها علاقة تضارب للمصالح، لا سيما أن بعض ممثليها وأعضائها يستمدون ثرواتهم من تجارة ما أسماه بـ«البيزنس الإسلامي»، لعل أهم إيراداتها تأتى من تنظيم رحلات الحج وجمع التبرعات، وعليه أكد القروى أن الكثير من الأموال تتداول فى هذه الحلقة وهو ما يستوجب فرض نظام على ذلك.
وبالتالى فإن الهدف من المقترحات التى وضعها لدى الإليزيه هو تمكين الجمعية الإسلامية من أجل الإسلام فى فرنسا من احتواء جميع هذه الأموال التى تدير بها دوائر النشاط الإسلامي، بشكل يسمح لها بمراقبة مصادر وكيفية تداول هذه الأموال، حيث كتب حكيم القروى تقريرا مفصلا يؤكد فيه أن شبكات تمويل الإسلام فى فرنسا غامضة وغير معلومة من قبل المسلمين أنفسهم الذين هم أصلا لا يتمتعون بالمقابل بخدمات جيدة سواء فى الحج أو إدارة أماكن العبادة الموفرة لهم.

وحسب القروي، فإن الجمعية التى اقترح تأسيسها ستسمح بفرض الشفافية تجاه المسلمين فى فرنسا، وسيتم تسييرها بكل مهنية واستقلالية بشكل يضمن لهم تحسين نوعية الخدمات و«تطهير نظام التمويل والعمل وسط المسلمين الصامتين، بسبب الاتهامات الموجهة لهم بعدم الرغبة فى الاندماج نتيجة الظرف الحالي»، حيث يؤكد أن المسلمين فى فرنسا على وعى بالتلاعبات التى تجرى وأن أموالهم ضحية تحويلات مشبوهة.
ومن بين المحاور الأساسية التى كشفت عنها «لوموند» ضمن هذه الخطة تركز على مصادر التمويل الأساسية لنشاط العمل الإسلامي، وأولها تجارة الحلال أو ما يسمى «وفق الشرع»، التى ستصل خلال الخمس سنوات المقبلة إلى ٦٠ مليون يورو من أرباح خدمة مجال اللحوم، حيث سيكون للجمعية صلاحية منح الترخيصات للهيئات والمساجد التى ترخص بدورها المنتجات الحلال وهو ما سيعطى طابعا رسميا لتجارة الحلال ورقابتها بشكل مهني. 
كذلك بالنسبة لرحلات الحج والعمرة، حيث اقترح القروى أن تقوم «الجمعية الإسلامية من أجل الإسلام فى فرنسا» بموجب السلطة الموكلة لها بمنح تراخيص لوكالات السفر فى الحج وذلك لتحسين الخدمة التى تراجعت فى الفترة الأخيرة رغم أنها شهدت ارتفاعًا من ٣٠ إلى ٤٠٪ من تكاليف السفر، وبالتالى يمكن للجمعية أن تتفاوض باسم الدولة الفرنسية مع السلطات السعودية فى الحصول على تأشيرات الحج وهى الخدمة التى يمكن أن تعود على الجمعية بأرباح قيمتها ١٣ مليون يورو سنويا.
كذلك يقترح القروى أن تستقبل الجمعية التبرعات المالية مقابل إعفاء ضريبى بنسبة ٧٥٪، وهو ما يمكن أن يجلب لها ما يقارب ٣٠ مليون يورو، تشرف هى على تسييرها وتوجيهها.
ومن بين المقترحات كذلك طرح حكيم القروى إشكال توظيف الأئمة وذلك من خلال تحسين ظروفهم المادية وتوفير ميزانية مالية محفزة للانخراط بشكل مهنى وبالتالى تفادى جلب الأئمة من خارج فرنسا، إلى جانب مقترح توفير ميزانية مالية قيمتها ٢٠ مليون يورو موجهة لبناء وترميم المساجد وكذلك لمجال الإعلام واستغلال شبكات التواصل الاجتماعى التى طغت فيها التيارات المتطرفة.
وفى ختام تصريحاته، ركز القروى فى مقترحه على الهيئة الإدارية للجمعية التى ستضم خمسة أعضاء تنفيذيين دائمين ومجلس إدارة مكون من شخصيات مهمة تتمتع بسمعة جيدة ولا تواجه خصومات أو تحكمها علاقة تضارب مصالح فى صفوف المسلمين فى فرنسا، وذكر منهم بعض الشخصيات المعروفة فى الدوائر المسلمة من بينهم أئمة وباحثون ومثقفون، ولم يتجاهل القروى مع ذلك اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا، حيث اقترح أن يتم اختيار شخصية منه حتى لا يتم إقصاء المسلمين المنضوين تحت راية هذه الجمعيات، وذلك وفق معايير محددة، واعتبر أن هذا المقترح من شأنه أن يحدث نقلة نوعية لتحرر الإسلام فى فرنسا بربطه بشكل رسمى بوصاية الدولة وبدعم منها بشكل يشعر به المسلمون بانتمائهم الفعلى للبلد.