السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

ياسر ثابت في حواره لـ"البوابة نيوز": الكتب تختارنا.. وقوائم "البيست سيلر" تخضع لـ"الشللية".. الوعي الغائب أزمتنا الرئيسية.. و"مراد" و"الخمايسي" حصلا على شهرة لا يستحقانها

الدكتور ياسر ثابت
الدكتور ياسر ثابت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما إن تجد كتابًا يحمل اسم الدكتور ياسر ثابت، فإنت بالتأكيد على موعد مع كتاب مختلف وجرىء لا يخشى صاحبه لومة لائم، ولم يخشى وهو يملك رأيا واضحا بلا مواربة ورؤية عميقة وثاقبة، وثقافة ومعرفة موسوعتين؟ لا يترك «ثابت» مجالًا رياضيا كان أو سياسيًا او اجتماعيا، إلا وكان له تحليل ورصد له، فيعطى بذلك نموذجا للمثقف الذى لا ينفصل عن العام مهما كان مجاله أو موضوعه. مع الأديب ياسر ثابت الذى ولد فى ألمانيا عام 1964، وحصل على درجة الدكتوراه فى الصحافة عام 2000، وعمل مديرا للأخبار فى عدد من القنوات العربية والأجنبية، كان لـ"البوابة نيوز" هذا الحوار.

■ بداية.. دعنا نعرف ماذا تقرأ الآن؟

- كتاب «الأرض والفلاح والمستثمر: دراسة فى المسألة الزراعية والفلاحية فى مصر» للباحث صقر عبدالصادق هلال النور، أيضا العدد الأخير من مجلة «داليدا» بعنوان «فى محبة الكورة» وهو عدد مبذول فيه جهد كبير، ويتضمن كتابات مميزة عن كرة القدم وكأس العالم، وعلاقة مصر بالأمرين.

■ هل هناك كتاب ما لفت نظرك خلال العام المنقضي.. ولماذا؟ 

- بالنسبة للأعمال الروائية، لفت نظرى عدة أعمال منها رواية «عائلة جادو» لأحمد الفخراني، وهى رواية ممتعة إلى حدٍ كبير رغم ضخامة حجمها، كذلك رواية محمد عبدالنبى «فى غرفة العنكبوت» وسناء عبدالعزيز «فيدباك»، ففى تلك الأعمال ما يدفع الإنسان إلى التأمل والتفكير وتذوق الجُمل والعبارات التى تشبه أصحابها، وهناك أيضا وحيد الطويلة، الذى انتهج خطا مميزا وخاصا به فى «حذاء فيليني» مما جعلها رواية إنسانية تتجاوز ببراعة حدود المكان والزمان، أيضا أعجبتنى فكرة مجموعة «من الشباك» لأحمد خير الدين، فهى تروى الحكايات من وجهة نظر شخص قابع وراء نافذة سيارة الترحيلات، أما عربيا فقد استوقفتنى رواية سميحة خريس «فستق عبيد» والسورى هوشنك أوسى «وطأة اليقين» ففى الأولى ستسأل نفسك أسئلة وجودية عن حريتك وعبوديتك، وفى الثانية ستشعر بالجرح السورى النازف، ومدى مرارة أن تعيش فى المنفى ولو كان اختياريا.

■ من هو الكاتب العربى الأكثر تأثيرًا لديك؟

- المفارقة أنه لم يعد لدينا من الكُتَّاب الأحياء من يمكن وصفه بأنه الأكثر تأثيرًا، ربما ليست المشكلة فى الكتَّاب بقدر ما هى مشكلة القراء أنفسهم، فالوعى الغائب أزمتنا، لكن على أى حال، يمكن أن نلمح مساحات تأثير إيجابية لكتاب مقالات وباحثين مثل خالد فهمى من مصر، وحازم صاغية من لبنان ومحمد الرطيان فى السعودية، وروائيون مثل اللبنانى ربيع جابر، وكذا الفرنسى من أصول لبنانية أمين معلوف، والأردنى إبراهيم نصر الله، والسودانى أمير تاج السر، والكويتى سعود السنعوسي، والسعودى محمد حسن علوان.


■ وماذا عن الكتاب فى الخارج.. من هو الأكثر تأثيرا عليك؟

- من الراحلين، الكولومبى جابرييل جارسيا ماركيز، وكذلك إدواردو جاليانو من أوروجواي، إضافة إلى الأيرلندى جيمس جويس، والإنجليزى جورج أورويل، والشاعرة الأمريكية سيلفيا بلاث، والروائية الإنجليزية فرجينيا وولف، وبطبيعة الحال لا يمكن نسيان الأيقونتين الروسيتين ديستويفسكى وتولستوي.
من الأحياء، يعجبنى الروائى ماريو فارجاس يوسا من بيرو، والروائية إيزابيل الليندى من تشيلي، فكلاهما يغامر بالتجريب، ويستكشف آفاقا جديدة فى عالم الكتابة، هناك أيضا الروائيان الأمريكيان بول أوستر ودون ديليلو على قائمتى المفضلة.

■ ما هو الكتاب الذى تعيد قراءته من وقت لآخر؟

- «الأغانى لأبى فرج الأصبهاني، كذلك «ألف ليلة وليلة»، ورواية «دون كيشوت» للإسبانى ميجيل دى سيرفانتس، و«موبى ديك» للأمريكى هرمان ملفل و«١٩٨٤» لجورج أورويل.

■ من هو الكاتب الذى ترى أنه حصد شهرة لا يستحقها؟

- من وجهة نظرى هناك من مصر أحمد مراد، كذلك أشرف الخمايسي، الذى كذب على نفسه وصفق له البعض باعتباره «إله السرد»، وأدعوه مخلصا لاستكمال تعليمه، بدلًا من التباهى بأنه لم يقرأ فى حياته سوى خمسة كتب! كذلك هناك يوسف زيدان، الذى وجد فى المبالغات المقززة طريقة سهلة ومختصرة للشهرة عالميا، معظم أعمال باولو كويلو، فالرداءة اللطيفة هى التوصيف الأمثل للكتابات التى ترتدى ثوب الحكمة ولكنها عارية من الجمال.

■ برأيك.. من هو الكاتب الذى لم ينل حظا من الشهرة رغم موهبته؟

- محمد حافظ رجب من مصر، فأنا أعتبره هرم القصة القصيرة وأحد أضلاعها المنسية، أيضا أعتقد أن محمد المخزنجى ومحمد المنسى قنديل، نالا أقل مما يستحقان من اهتمام وتقدير، أما فى مجال الكتابة والبحث، فهناك أسماء كبيرة مثل الدكتور سيد عويس، عالم الاجتماع الكبير الذى كتب لنا «هتاف الصامتين» و«الخلود فى حياة المصريين المعاصرين»، والدكتور أحمد زايد رائد الأنثروبولوجيا العربية.
وأختم بأستاذ الفلسفة والترجمة والبحث الرصين الدكتور عبدالرحمن بدوي، الذى نسى أفضاله الجميع، وهو الذى قدم للمكتبة العربية ما لا يقل عن ١٧٥ كتابـًا وموسوعة من العيار الثقيل.

■ ما هو الموضوع أو المجال الذى يمثل لك تحديًا ككاتب؟

- الكتابة عن التاريخ السائل، أى التاريخ الذى يتشكل الآن أمام أنظارنا وعلى أيدينا، فرصد التاريخ أولًا بأول كما فعل عبدالرحمن الجبرتى مهمة عسيرة، لأنك تتحدث عن الواقع المعيش وتلتقط أهم تفاصيله وتحاول فى الوقت نفسه النقد والتحليل، وهى مغامرة كبرى لو تعلمون.

■ كيف تختار الكتب التى تقرأها؟

- الكتب هى التى تختارنا، إنها تنادينا بعناوينها وموضوعاتها وفهارسها وحتى أغلفتها، فهكذا نقع فى غرام الكتب وتنشأ بيننا وبين الكتب ألفة خاصة، حتى وإن كان اللقاء وليد مصادفة فى مكتبة أو معرض أو عبر ترشيح من صديق، طبيعة الحال، لكل كاتب أو مبدع اهتماماته وأولوياته فى القراءة، لكن يبقى أن الكتاب الجيد يلفت الأنظار، والعمل الرصين له لغته السرية التى تجذبنا بدون أى دعاية أو بهرجة.

■ كيف تقيس نجاح كتبك.. من الجوائز أو قوائم البيست سيلر؟

- الكتب طيور تحلق فى سماء أيامنا، ولست مهتمـًا بالزيف الحاصل حاليًا فى مجال توزيع الجوائز وقوائم «البيست سيلر»، لأنها للأسف الشديد خاضعة لأمراض الشللية والعلاقات الشخصية والدعاية الزائفة، التى تصعد بفلان دون غيره لأسباب لا تخفى على كل لبيب.
قيمة الكتاب تأتى من قارئ ربما لا تعرفه ولا يعرفك، راسلك ككاتب وأبدى إعجابه بمضمون كتابك أو روايتك، أو عثر على بريدك الإلكترونى فناقشك فى تفصيلة معينة من كتابك، أو حكى لك مشقة العثور على كتابك فى قريته أو محافظته النائية، هؤلاء هم الجوائز لأنهم القراء الحقيقيون.

■ ماذا عن النصيحة الأفضل التى تلقيتها؟

- النصائح الجيدة تأتى من القراء العاديين، وليس النقاد، لأنها تكون عفوية وتلقائية، وتنبهك إلى أمور وتفاصيل غابت عن ذهنك أو تدفعك لمراجعة طريقتك ولغتك واهتماماتك فى الكتابة، ملاحظات غير مقصودة أحيانـًا، لكنها تفتح عينيك على اتساعهما إلى الخطوة التالية فى رحلة الكتابة.

■ ما هى نصيحتك للروائيين الشباب؟

- فقط اقرأوا كثيرًا ومن مشارب وثقافات مختلفة، لأن القراءة أساس الكتابة، ولا كتابة جيدة بدون قراءات كثيرة وجيدة، من الضرورة بمكان إتقان أساسيات اللغة وتطوير أدوات الكتابة والسرد، والاستفادة من تجارب وتقنيات الآخرين، لا تكتب عما لا تعرفه جيدًا، حتى لا تكون روايتك ساذجة أو غير واقعية، اهتم بتكثيف الجملة والعبارة، لا تقلد من يستسهلون فيضيفون لعناوين رواياتهم وموضوعاتها أسماء ومصطلحات أجنبية كأنها اكتشاف ذاتي، وتذكر أن الكتابة عن مجتمعك وحياتك أفضل كثيرًا من كتابات المسوخ عن تجارب ومجتمعات يجهلونها. 

■ لماذا تحظى الروايات دون غيرها بالمكانة الأكبر لدى القارئ العربى حاليًا؟

- ربما كان هذا هو الاعتقاد السائد، أو «التصور الرائج»، لكنى لا أعتقد أنه صحيح بالضرورة، الروايات جزء أساسى من حركة الكتابة الإبداعية، لكن يجب ألا نهمل أشكال الكتابة الإبداعية الأخرى كالشعر والكتابة المسرحية وغيرهما، ربما الرواية جذابة بالنسبة لكثيرين، لأنها شبيهة بالأفلام، سواء أكانت أفلام رعب أم رومانسية أم زاخرة بالإثارة والتشويق، وهذا ما يرفع من أسهمها وشعبيتها، لكن علينا أن نغذى كل الورد فى البستان، حتى لا تفاجئنا الأيام باختفاء باقى الورد والألوان والروائح بدون سابق إنذار.

■ ما هو الكتاب الذى تعمل عليه حاليًا؟

- أعمل على كتابين، الأول هو نصوص بعنوان «عاصمة الحنان» وهى نصوص عابرة للتصنيف والأجناس الأدبية، تلامس تخوم الشعر وإن كانت نثرًا، أما الكتاب الثانى بعنوان «مراعى الذئاب»، وهو لون يجمع بين الأدب والرياضة، يجعلك تحوِّل الملعب إلى قصيدة، واللاعبين إلى استعارات، والأهداف إلى شهقات.