الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"أردوغان" الكابوس الآخر لأوروبا.. المؤشرات تدفع الاتحاد الأوروبي إلى مزيد من الحسم مع السلطان التركي.. "لوموند": وظف القوى الناعمة والحقبة العثمانية لتوسيع دعايته.. و"لونوفال أوبسرفاتور": ديكتاتور

«أردوغان»
«أردوغان»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«وفى نهاية المطاف ينتصر أردوغان».. هكذا استهلت الصحفية هالا كودمانى، مبعوثة صحيفة «ليبراسيون» إلى أنقرة، رسالتها الصحفية حول انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسا لتركيا لمدة جديدة، وكأنها تلفت الانتباه إلى كل المشقة التى تكبدتها معظم الصحف الأوروبية، وعلى وجه الخصوص الفرنسية لدعم تقدم المعارضة السياسية فى تركيا فى المشهد السياسى للبلد أو على الأقل تقليص حظوظ أردوغان فى كسب رهاناته الانتخابية، وذلك بالتركيز على الأزمة الاقتصادية الحالية التى تمس تركيا التى يتحمل مسئوليتها الرئيس التركى وحزبه، بل وعملت الصحف جاهدة على الاهتمام بعرض صورة الديكتاتور المتورط فى قضايا انتهاك حرية الرأى والتعبير وتطبيق سياسة تكميم أفواه المعارضين وزجهم فى السجون التركية.. «حملة» أثارت غضب أنصار أردوغان فى فرنسا أدت إلى الهجوم على كشك، احتجاجا على تعليق أفيش الصفحة الأولى لصحيفة «لوبوان» التى كرست عددا خاصا للرئيس التركى، واصفة إياه بالديكتاتور.

توغل أو حضور أنصار أردوغان المفرط فى أوروبا هو ربما ما يثير كثيرا قلق وحيرة الرأى العام، حيث حصل الزعيم التركى حسب تقرير نشرته صحيفة «لوبوان» على نسبة ٦٥٪ من الأصوات فى ألمانيا، و٦٣٪ فى فرنسا، ناهيك بأن نتائج الاقتراع كانت لصالحه فى كل من النمسا وبلجيكا. مؤشر يدفع الاتحاد الأوروبى نحو مزيد من الحزم فيما يخص التعامل مع الرئيس التركى الحالى بالحديث عن «حملة انتخابية غير عادلة» على لسان وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موجرينى، وكذلك التمسك بقرار تعليق عضوية تركيا ورفض انضمامها إلى منطقة شينجن.

هكذا اتفقت معظم الصحف الفرنسية على أن أردوغان بات يشكل تهديدا صريحا على أوروبا، حيث أعدت صحيفة «لونوفال أوبسرفاتور» الفرنسية عددا خاصا بدورها وفى الصفحة الأولى بعنوان «خطر أردوغان».
وكتب الصحفى جيوم بيرييه أن إحدى صفات هذا «الديكتاتور الإسلامى المتسلط» هو «الانتهازية»، التى سمحت له بالصمود لمدة خمس عشرة سنة من الحكم كسب فيها جميع الانتخابات لصالحه. 
وأكد بيرييه مع انتخاب جديد لأردوغان يضمن له حياة سياسية طويلة الأمد سيعزز نهجه الاستبدادى فى السلطة بعد أن كان متخوفا من سقوطه وإعلانه لانتخابات مسبقة. 
وركزت «لونوفال أوبسرفاتور» على عدة محاور ستكون بمثابة الأوراق التى سيلعب عليها الرئيس التركى لفرض هيمنته فى أوروبا لعل أهمها الجالية التركية، والشبكات الإسلامية، إلى جانب ملف انتهاكاته لحقوق الإنسان.. «هو لا يكتفى بدحر معارضيه وابتزاز حلفائه، بل يسعى ليصبح الزعيم الجديد للإسلام السنى». واعتبرت صحيفة «ماريان» من جهتها أن الانتخابات الرئاسية كانت الفرصة الأخيرة «من أجل التخلص من أردوغان»، حيث ركزت على الحراك الذى شهدته المعارضة التركية من تحالفات وحسابات، لكن الحملة الانتخابية عرفت طعم التشاؤم وعدم الإيمان بقدرة المعارضة على إزاحة «السلطان». 

السلطان أردوغان:
عبارة طالما تكررت فى الفترة الأخيرة على صفحات الصحف والمواقع الفرنسية، لوصف الرجل الذى لا يكف عن التذكير بأمجاد الدولة العثمانية، وفى تقرير لافت للصحفية مارى جيغو فى «لوموند» شرحت فيه كيف وظف أردوغان رمز الإسلام السياسى فى تركيا، بالقوى الناعمة ونوستالجيا الحقبة العثمانية، لتوسيع دعايته الإعلامية، وذلك من خلال كم هائل من الأعمال الدرامية التى تحاكى تلك الفترة، بل وتم الترويج لذلك على نطاق واسع، لا سيما فى مجال السياحة. بل وفى تحليل للخطاب الذى ألقاه من شرفته لم يتردد أردوغان فى اعتبار فترة الرئيس كمال أتاتورك مجرد خطأ تاريخى يجب غلق قوسه للعودة إلى هذه الفترة العثمانية المجيدة «حين كانت الإمبراطورية ممتدة من الشرق الأوسط إلى البلقان».

وتشير هالا كودمانى فى «ليبراسيون» إلى أن أردوغان يتمتع الآن بالأدوات اللازمة لتحقيق مشروعه، تمكنه من الحكم فى ظل نظام فصل على مقاسه، بعد أن نجح فى إرسائه الحكم الرئاسى فى التعديل الدستور الذى قام به فى ٢٠١٧، وهو ما يلغى دور المعارضة البرلمانية التى تشكلت مؤخرا، ولن يكون حضورها إلا رمزيا. ويذكر صحفى تركى فى «لوفيجارو» أن الفترة المقبلة لأردوغان فترة «حكم رجل واحد» التى كانت تخشاها المعارضة والتى ستمنحه هامشا كبيرا من التلاعبات و«تأسيس كل التجاوزات التى ارتكبها خلال السنوات الأخيرة».