الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

أولويات متصاعدة.. عودة ملف الهجرة على أجندة القمم الأوروبية.. و32 ألف مهاجر يواجهون المجهول.. اليمين المتطرف يرفضون إدماجهم.. و"ميركل" تواجه ضغوطًا.. "أكواريوس" تثير الخلافات بين إيطاليا وفرنسا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الوقت الذى انطلقت فيه، الأحد، قمة مصغرة للاتحاد الأوروبى لمناقشة أزمة اللجوء والهجرة غير الشرعية، تواجه العواصم الأوروبية عددًا من التحديات والتهديدات المتلاحقة فى الآونة الأخيرة، جاء فى مقدمتها موجات الهجرة غير الشرعية ومآلاتها العكسية على الأمن القومى الأوروبى الأمر الذى دفع الساسة الأوروبيين لاتخاذ موقف متوافق حول التعامل مع هذا الملف بما يتناسب مع المصلحة الوطنية والأمنية للاتحاد الأوروبى. وذلك فى إطار تنامى عدد المهاجرين إلى أوروبا الذى وصل فى ٢٠١٨ إلى ما يقرب من ٣٢ ألفًا من المهاجرين. وفى ٢٠١٧ بلغ عدد طالبى اللجوء فى الاتحاد الأوروبى أكثر من ٧٢٨ ألفًا، فيما بلغ عددهم فى ٢٠١٦ نحو ١.٣ مليون شخص.
إلا أن الحكومات الأوروبية اعترضت على هذه السياسة نتيجة لما تواجهه من تحديات اقتصادية، فضلًا عن تنامى اليمين المتطرف والشعبويين الرافضين لإدماج المهاجرين داخل المجتمع الأوروبى خاصة داخل فرنسا وهولندا والدنمارك والسويد أو ألمانيا برغم من محاولة الحكومات معالجة هذه القضية. 

وتواجه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التى تعد من أهم المدافعين والمستقبلين للمهاجرين وساهمت فى تقنين أوضاعهم عبر التنسيق الداخلى والخارجى مع دول الاتحاد ضغوطًا داخلية من قبل أعضاء الحكومة اليمنيين، والبرلمان؛ حيث تقدم هورست زيهوفر، الوزير الألمانى، بخطة عمل تفرض قيودًا تجاه المهاجرين، بعيدًا عن سياسات الاتحاد الأوروبى أو التنسيق معه، الأمر الذى عارضته «ميركل» مبررةً أى خطوة أحادية الجانب فى هذا الشأن، مطالبة مهلة لبحث القضية، وكيفية التعاطى معها بشكل أكثر فعالية. ومن الواضح أن أزمة الهجرة أصبحت من أهم الملفات لدى الأحزاب الشعبوية لاستقطاب أكبر عدد من الداعمين والمساندين لهم. 

خلافات أوروبية 
أفرزت الأزمة عددًا من الخلافات الحادة بين الحكومات الأوروبية، نتيجة السياسات القاسية التى إتبعتها بعض الدول فى التعاطى معها تجلت بشكل كبير فى الحادثة الأخيرة فى إيطاليا، حيث امتنعت الموانئ الإيطالية عن استقبال سفينة «أكواريوس» التى تحتوى ما يقرب من ٦٠٠ مهاجر. وبعد انتظار دام لأيام تم نقل بعض المهاجرين إلى ميناء بلنسية الإسبانى. عبر سفينتين إيطاليتين تابعتين للبحرية وحرس السواحل. 
وبرر رئيس الوزراء الموقف الإيطالى، قائلًا: «إن روما لا يمكنها أن تقبل دروسًا مليئة بالنفاق من دول كانت تدير ظهرها لأزمة الهجرة»، فقد استقبلت روما أكثر من ٦٤٠ ألف مهاجر معظمهم أفارقة خلال السنوات الخمس الماضية، فى الوقت الذى تغافلت فيه بعض العواصم الأوروبية عن استقبالهم. 

كما أصر «ماتيو سالفيني»، وزير الداخلية الإيطالى، على «أن الموقف الإيطالى فى التعاطى مع حادث السفينة، مؤكدًا أن روما لن تتراجع عن موقفها من السفن التابعة لمنظمات غير حكومية، ولا يمكن للسفن التابعة لمنظمات أجنبية، وترفع أعلامًا أجنبية أن تملى سياسات الهجرة الإيطالية». 
تعتبر «أكواريوس» من بين أهم السفن الإنسانية التى تبحر فى البحر الأبيض المتوسط لإنقاذ كل من يمكن أن يتعرض للغرق، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للسفينة ٦٠٠ شخص.

أسفر الحادث عن أزمة دبلوماسية بين روما وباريس؛ حيث شجب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، القرار الإيطالى الخاصة بمنع استقبال سفينة «أكواريوس» التى تديرها منظمة (اس.أو.اس ميديتيران) الخيرية الفرنسية الألمانية، مشيرًا إلى أن «قواعد القانون الدولى تلزم روما باستقبال المهاجرين». 
جاء النهج الإيطالى المتشدد الذى تبنته الحكومة اليمينية الجديدة للضغط بشكل عملى على حكومات دول الاتحاد الأوروبى بضرورة إصلاح السياسات الخارجية الخاصة بالتعامل مع المهاجرين وسبل تقنين أوضاعهم، عبر إقامة الاتحاد مراكز استقبال فى دول المنشأ والعبور للتعامل معهم وإقناعهم بعدم الهجرة نحو أوروبا. 
انكشاف الأزمة 
عجز الاتحاد الأوروبى عن تجاوز السياسات أحادية الجانب التى تنامت من قبل بعض الحكومات الأوروبية لمواجهة الأزمة عبر مراقبة الحدود وبناء الحواجز، وتوقيفهم فى مخيمات على الحدود لحين تقنين أوضاعهم، لذا برزت قضية الهجرة بشدة على الأجندة السياسية الأوروبية خاصة مع اقتراب موعد القمة الأوروبية فى ٢٤ يونيو ٢٠١٨. 
تأتى القمة الأوروبية لمناقشة سبل إصلاح سياسات الاتحاد فى مجال الهجرة، للتصدى لموجات الهجرة، واتخاذ قرار لمنع تنقل الأشخاص، الذين قد حصلوا على حق اللجوء فى إحدى دول الاتحاد، وعليه فقد اقترحت المفوضية الأوروبية تخصيص نحو ٣٥ مليار يورو ضمن ميزانية الاتحاد الأوروبى للفترة ٢٠٢١ - ٢٠٢٧ لتطبيق السياسات فى مجال الهجرة، بما يعنى زيادة الميزانية لما يقرب من ثلاثة أضعاف المبلغ الخاص بالخطة الحالية للأعوام ٢٠١٤ - ٢٠٢٠.

التعاون الأوروبى المغربى نموذج لمنصات الإنزال الآمن
جاء التعاون الأوروبى مع المغرب لمنع استقبال المهاجرين، مع ترحيل الذين وصلوا إلى العواصم الأوروبية، من خلال توقيع إعلان مشترك مع المغرب فى يونيو ٢٠١٣ لتمهيد التعاون فى مجال الهجرة، وتنسيق فى التعامل مع نقل المهاجرين، لتكون أول دولة فى شمال أفريقيا تنخرط مع الاتحاد فى شراكة خاصة بالمهاجرين. فى مقابل التزام الاتحاد بتقديم الدعم على كافة الأصعدة بما فى ذلك تجنبًا الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الاتجار بالبشر، والتصدى لشبكات التهريب عبر نظام وطنى للجوء والحماية الدولية. 
وعليه؛ فقد توج التعاون بإبرام اتفاقية للتعاون فى ١٩ ديسمبر ٢٠١٧، ضمن برنامج متكامل تكلفته ٣٩٠ مليون درهم، على مدار ٤ سنوات يساهم فى جعل المغرب دولة مقر للمهاجرين بدلًا عن كونها معبرًا لهم نحو أوروبا، وذلك من خلال تعزيز الإطار التشريعى والمؤسسى لحماية المهاجرين، وتسهيل عملية الإدماج السوسيواقتصادى، علاوة على تسوية أوضاعهم فى سوق العمل، وأخيرًا توسيع برامج العودة الطواعية للمهاجرين من المغرب إلى بلدانهم الأصلية.