السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

السياسة الإسرائيلية بعد الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي.. الفشل يلاحق جولة نتنياهو الأوروبية.. والمئات يتظاهرون في فرنسا وألمانيا وبريطانيا للتنديد بالزيارة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووى الإيراني، على إثر ضغوط من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للدفع بهذا الاتجاه، أثير الجدل مؤخرًا حول احتمالية عودة الصراعات أكثر مما هى عليه فى منطقة الشرق الأوسط. 


بالنظر إلى العلاقات الإيرانية الإسرائيلية، نجد أن إسرائيل خشت كثيرًا من خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وتأثير ذلك على توتر جديد على حدودها مع سوريا ولبنان؛ وذلك بسبب نشاط القوات الإيرانية، أو الموالية لها، فى هذه المناطق. وهو الأمر الذى دفع نتنياهو لزيارة روسيا مؤخرًا.
بشكل عام، يسعى نتنياهو بعد التطورات المتلاحقة فى قضية الملف النوى الإيرانى إلى محاولة حشد الدول الأوروبية ضد البرنامج والاتفاق النووى الإيراني؛ وذلك بغية ضرب أى محاولة من إيران لخلق مزيد من التوترات على الحدود الإسرائيلية بعد خروج واشنطن من الاتفاق وعودة المشهد الراديكالى فى العلاقات الأمريكية الإيرانية. 
■ ماذا وراء زيارة نتنياهو للدول الأوروبية؟
منذ قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة، وعلى رأسها الرئيس دونالد ترامب، تبلورت سياسة جديدة لدى إسرائيل تجاه إيران وملفها النووى واتفاقيتها النووية التى تم التوصل إليها فى صيف ٢٠١٥، وهذه السياسة الإسرائيلية تعتمد فى أساسياتها على: 
- إنهاء الاتفاق النووى الإيرانى عبر إثبات انتهاك إيران له، وهو ما دعا نتنياهو منذ عدة أسابيع إلى عرض الانتهاكات المتكررة من جانب إيران للاتفاق النووى باستمرارها فى مثل هذه الأنشطة. 
- التعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة، التى يتألفها معادون لإيران ومنتقدون بشدة لسياساتها، فى محاولة تحجيم ومحاصرة الدور الإيرانى فى الشرق الأوسط.
- محاولة كسب واستعداء الدول الأوروبية فى مجملها ضد السياسات الإيرانية الإقليمية والدولية.
- تحجيم وإنهاء الدور الإيرانى العسكرى على الأراضى السورية، بشكل عام، وعلى حدود الجولان المحتلة من قِبل إسرائيل بوجه خاص. وهذه النقطة على وجه التحديد تثير قلقًا إسرائيليًا من نوع خاص؛ إذ أن إسرائيل لا ترغب فى أن تنشط قوات إيرانية فعلية، إلى جانب القوات الموالية لها والمدعومة منها مثل حزب الله اللبناني، بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
وانطلاقًا من هذه النقاط، جاءت زيارة نتنياهو إلى الدول الأوروبية الكبرى الثلاث، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا؛ محاولًا كسب أصوات جديدة فى سعيه لحشد القوى الدولية ضد إيران.
■ هل فشلت زيارة نتنياهو للدول الأوروبية؟ 
بدأت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى الدول الأوروبية فى الرابع من يونيو الجاري. ويهدف نتنياهو من وراء هذه الزيارة إلى الالتقاء بالمستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون وكذلك برئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي. 
ويُعد الاتفاق النووى الإيرانى ودور إيران فى الاضطرابات المختلفة فى منطقة الشرق الأوسط إحدى أهم نقاط الاجتماعات ما بين نتنياهو وقادة الدول الأوروبية.
وكان نتنياهو قد قال مسبقًا قبيل بدء هذه الزيارات «غدًا أسافر أوروبا للقاء انجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون وتريزا ماي، وسأناقش معهم التطورات الإقليمية إلا أننى سأؤكد خلال هذه اللقاءات على ضرورة وقف الإجراءات التى تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي».

وأورد نتنياهو أن ثانى الموضوعات التى تأتى على رأس محادثاته مع الدول الأوروبية هى وقف الدور الإيرانى المسبب للقلاقل والاضطرابات فى منطقة الشرق الأوسط، وخاصة فى سوريا. إلا أن نتنياهو أكد على أن فى اجتماعاته على أن مفاوضاته مع الزعماء الأوروبيين ستركز على «إيران وإيران»، وخاصة مسألة الضغط على إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي. 
ومن ناحية أخرى، لم تلق زيارات نتنياهو إلى الدول الأوروبية الثلاث قبولًا داخليًا أو نجاحًا كما كان يتوقعه نتنياهو، ويتضح ذلك من خلال: 
أولًا: قوبلت زيارة نتنياهو إلى الدول الأوروبية باعتراض واحتجاجات من قِبل بعض المواطنين الأوروبيين فى الدول التى قام نتنياهو بزيارتها. فعلى سبيل المثال، تظاهر عددٌ من الأشخاص أمام مقر البرلمان الألمانى منددين بزيارة نتنياهو. كما تظاهر آخرون فى مناطق مختلفة بفرنسا، مثل ساحة الانفاليد التى تجمّع فيها حوالى ٣٠٠ فرد منددين بزيارة نتنياهو، وكذلك تجمع آخرون فى مدينة مارسيليا وفى مدينة سانت إتيان التى احتج فيها نحو ٢٠٠ شخص إلى جانب مدن أخرى داخل فرنسا. وندد كثيرٌ من هؤلاء المتظاهرون بسياسات الاحتلال الإسرائيلى داخل الأراضى الفلسطينية.
ثانيًا: على الرغم من أن الأطراف والدول الأوروبية الثلاث اتفقت مع نتنياهو على أن خطورة أنشطة إيران داخل المنطقة، وكذلك على خطورة البرنامج النووى الإيرانى والملفات المماثلة له، إلا أن جميع هذه الأطراف اتفقت من ناحية أخرى على الاستمرار فى الاتفاقية النووية الإيرانية.
فقد أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال لقائها مع نتنياهو على أن أنشطة إيران فى منطقة الشرق الأوسط مصدر توتر إلا أنها قالت من ناحية أخرى إن بلادها ستحترم الاتفاق النووى مع إيران. 

ومن جانبه، أكد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على تمسك الأوروبيين بالاتفاق النووي، محذرًا فى الوقت نفسه من التصعيد الإيرانى الإسرائيلى فى المنطقة. وفى الوقت نفسه، دعا إيمانويل ماكرون إلى الحوار مع إيران حول أنشطتها الباليستية والإقليمية. ولم تختلف رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى عن ميركل وماكرون فى التأكيد من جانبها على الالتزام بالاتفاق النووى الإيراني.

أسباب بقاء الدول الأوروبية الكبرى فى الاتفاق النووى الإيراني:
منذ مجيء إدارة الرئيس الأمريكى الجديد، دونالد ترامب، العام الماضي، وبدء حديثه حول رغبته فى الخروج من الاتفاق النووى الإيراني، الذى وصفه فى أكتوبر الماضى بأنه أسوأ اتفاق وقعت عليه الولايات المتحدة فى التاريخ، تعالت واتضحت شيئًا فشيئًا الأصواتُ الأوروبية الداعية إلى الحفاظ على الاتفاق النووى وعدم الخروج منه. 
أسباب تمسك الدول الأوروبية بالاتفاق النووى مع إيران
يرتبط فشل زيارة نتنياهو إلى الدول الأوروبية بشكل كبير برغبة هذه الدول فى الحفاظ مصالحها الاقتصادية فى الشرق الأوسط بوجه عام وفى إيران بوجه خاص، وذلك على النحو التالي: 
ترغب الدول الأوروبية فى حفظ عملية الاستقرار بالمنطقة إلى حد كبير؛ وذلك لاستمرار الحفاظ على مصالحها الاقتصادية داخل هذه المنطقة. تلك المصالح التى تأخذ شكل استثمارات بمبالغ كبيرة وضخ أموال لشركات أوروبية ألمانية وبريطانية وفرنسية وغيرهم فى هذه المنطقة. لذا، فإذا كانت الدول الأوروبية ترغب فى الحفاظ على استمرار عمل هذه الشركات وجريان تلك الاستثمارات، فمن الضرورى لها أن تدفع باتجاه الحفاظ على استقرار هذه المنطقة.
أما بالنسبة لإيران، فقد تدفقت العديد والعديد من الشركات الأوروبية للعمل والاستثمار بشكل عام فى إيران بعد التوصل للاتفاق النووى عام ٢٠١٥. فقد كانت تلك الدول، وهذه الشركات، تتوقع، على ما يبدو، استقرارًا كبيرًا فى المشهد الداخلى والإقليمى وكذلك العلاقات الأمريكية الإيرانية بعد سريان هذه الاتفاقية. 
ومن الشركات التى تحتفظ باستثمارات داخلية بإيران شركة إيرباص وبوينج وتوتال الفرنسية، أليانز الألمانية، ودانييلى تشينا الإيطالية، وغيرهم من الشركات التى اضطرت بعضها بالفعل إلى اتخاذ قرار بمغادرة السوق الإيرانى مثل شركة توتال وبوينج مؤخرًا، وذلك بعد توتر المشهد الإيرانى الأمريكى وبدء فرض عقوبات جديدة على إيران تخشى هذه الشركات أن يطالها منها شيء.