الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

قمة إسطنبول بعد شهر.. "ضجيج بلا طحين"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مر نحو شهر على القمة الاستثنائية التى دعا إليها الرئيس التركى رجيب طيب أردوغان لمناقشة تداعيات أزمة افتتاح السفارة الأمريكية فى القدس، وقضايا أخرى بشأن ضحايا الشعب الفلسطينى فى مسيرات العودة.. وها هو شهر يمر دون أى رد فعل لقرارات القمة وكأنها «ضجيج بلا صحين» فماذا حدث؟
لم تُسفِر القمة عن أى جديد فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، خاصة فى ضوء الانقسام العربى الحاد، والتنافس التركى السعودى على قيادة العالم الإسلامي، بالإضافة إلى الخلاف العربى الإيرانى فى ضوء تنامى الدور العدائى لإيران فى المنطقة العربية خاصة لبنان، وسوريا، واليمن.
وبرزت العديد من الأسئلة المتعلقة بجدوى انعقاد القمة الاستثنائية الخاصة بالقدس، لاسيما أن المنظمة دعت لقمة استثنائية فى الربع الأخير من عام ٢٠١٧ لمناقشة قرار الرئيس الأمريكى بنقل السفارة دون أن تفضى إلى نتائج ملموسة.
وتعالت العديد من الأصوات السياسية المتسائلة عن جدوى انعقاد القمة الاستثنائية السابعة بإسطنبول، خاصة عند النظر للبيان الختامى الذى خرجت به القمة، والذى جاء إنشائيًا، ومحدود التأثير؛ إذ اقتصر على دعوات الشجب والإدانة والتأكيد على هوية القدس، وبذلك لم يختلف كثيرًا عن البيانات السابقة التى أخرجتها المنظمة.
وتجدر الإشارة إلى أن كثرة دعوات الانعقاد الاستثنائى للقمم يفقدها قيمتها أمام الرأى العام والجمهور، خاصة إذا لم يتمخض عنها قرارات حاسمة من شأنها تغيير الوضع القائم، كما حدث فى قمتى إسطنبول الخاصتين بالقدس.

من ناحية أخرى، يسعى الرئيس التركي، الذى يسعى لاستعادة أمجاد أجداده العثمانيين، بدعواته المتكررة للقمم الاستثنائية، إلى اللعب بمشاعر الرأى العام العربى والإسلامي، لما للقدس والقضية الفلسطينية من أهمية وقدسية فى نفوسهم، ويعود ذلك لاعتبارات تتعلق بحالة الفراغ العربى التى نتجت عن أحداث ٢٠١١. وجدير بالذكر أن الرئيس الإيرانى حسن روحاني، حضر قمتى إسطنبول حول القدس سواء السابقة أواخر ٢٠١٧ أو الحالية، ويمكن اعتبار حضوره محاولة لكسب ثقة الرأى العام الإسلامى على حساب المملكة العربية السعودية التى شاركت بتمثيل منخفض فى القمتين، وبالتالى يحاول «روحاني» إبراز أن طهران أكثر التزامًا بقضايا الأمة الإسلامية من الرياض.

غياب عربى واضح
وألقت الخلافات السياسية بين كل من تركيا، ومصر والسعودية والإمارات، بظلالها على القمم الخاصة بالقدس؛ حيث غاب زعماء مصر والمملكة العربية السعودية عن قمتى القدس بإسطنبول، واكتفوا بالمشاركة على مستوى وزراء الخارجية. 
ويعتبر العديد من المحللين السياسيين أن القضية الفلسطينية والقدس، باتت وسيلة للمزايدات السياسية، وهو ما يبرر مقاطعة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز، للقمم الإسلامية الاستثنائية الخاصة بقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وفى هذا الإطار، يحاول الرئيس التركى المزايدة على مصر والسعودية فيما يتعلق بالقدس والقضية الفلسطينية لكسب ثقة الرأى العام، فرغم تصريحات أردوغان الحادة تجاه إسرائيل وطرده للسفير الإسرائيلي، فإنه ما زال يمتلك علاقات اقتصادية وتجارية قوية مع كيان الاحتلال.

قمة الخطب والشعارات
وهيمنت دعوات الشجب والإدانة على كلمات المشاركين فى القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامى المنعقدة فى إسطنبول ١٨ مايو ٢٠١٨، وبالتالى لم تختلف القمة فى مخرجاتها عن سابقاتها فى شيء، بل إنها عززت من حالة الاستقطاب على حساب «القدس» التى يجب ألا تكون محلًا لأى خلاف أو تصفية حسابات.
واعتبر الرئيس التركى فى كلمته أن القدس تمثل إرثًا لجميع المسلمين، ومكانًا مقدسًا لجميع الديانات السماوية، ورأى أن ما تقوم به إسرائيل بحق الفلسطينيين هو «إرهاب دولة» منتقدًا فى الوقت ذاته الحماية السياسية التى تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني، من خلال حق النقد «الفيتو» فى مجلس الأمن لمنع إصدار أى قرارات تدينها. وفى سياق كسب التعاطف الإسلامي، دعا الرئيس الإيرانى إلى قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني. وقال أمير الكويت إن بلاده ستواصل دعم القضية الفلسطينية فى مجلس الأمن باعتبارها ممثل العرب، وتعهد الشيح جابر الصباح، بمواصلة الجهود للخروج بقرارٍ أممى لحماية الشعب الفلسطينى من الممارسات القمعية التى يمارسها الكيان الصهيوني. 
وأكد العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس يعمق اليأس الذى يؤدى إلى العنف، ودعا ملك الأردن الدول العربية والإسلامية لدعم صمود الشعب الفلسطيني، وتوفير سبل التمكين الاقتصادى له. وأكد رئيس وزراء فلسطين، رامى الحمد الله، أنه لا سلام ولا استقرار بدون حرية القدس وأهلها، وشدد على عدم قانونية القرار الأمريكى باعتباره يمثل تعديًا على حقوق فلسطين التاريخية. ولم تختلف مخرجات البيان الختامى لقمة إسطنبول الأخيرة عن سابقتها فى سبتمبر من عام ٢٠١٧، إذ اقتصرت على الدعوة، والتأكيد، والشجب دون أن تقدم خطوات فعلية وحقيقية لمواجهة غطرسة الكيان الصهيوني، وأدى ذلك إلى التساؤل عن جدوى الدعوة لها من الأساس.

وفى هذا السياق، اعتبرت صحيفة الخليج الإماراتية: أن كلامًا كثيرًا قيل فى القمة، بعضه كان مستهلكًا، ولم يعد يصلح لمعالجة قضية بحجم قضية فلسطين، ورأت «الخليج» أن القمة كانت للشو الإعلامى والتقاط الصور التذكارية لإبراء الذمة أمام التاريخ وذلك بالنظر للقرارات التى اتخذتها القمة.
ولم تختلف فى جوهرها عن قمة سبتمبر التى انعقدت قبل ستة أشهر، ومن القرارات التى خرجت بها القمة:
١- مطالبة المؤسسات الدولية باتخاذ الخطوات اللازمة لتشكيل لجنة تحقيق دولية حول الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على حدود غزة، وإرسال قوة دولية لحماية الفلسطينيين.
٢- دعوة مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، للاضطلاع بمسؤولياتهم لحماية الشعب الفلسطيني.
٣- جددت القمة رفضها للقرار غير المشروع للرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل المحتلة، واعتبرته باطلًا.
٤- دعا البيان الختامى للقمة، الولايات المتحدة الأمريكية إلى الوقوف على الحياد، الذى يكفل تأسيس سلام شامل يقوم على مبدأ حل الدولتين.

الخلاف العربى التركى
وشهد التمثيل العربي، والخليجى ضعفًا فى المشاركة بقمتى القدس بإسطنبول، ويعود ذلك إلى فتور العلاقة بين تركيا وعددٍ من الدول العربية بسبب اختلاف الرؤى فى السياسة الخارجية. وكانت العلاقات العربية التركية شهدت فى الفترات الأخيرة توترات كبيرة وذلك للخلافات الشديدة فى عدد من القضايا أهمها: دعم أنقرة لجماعة الإخوان الإرهابية، وكذلك علاقتها مع دولة قطر، إضافة إلى التنافس السعودى التركى على زعامة العالم الإسلامي.
من ناحيةٍ أخرى، شهدت العلاقات المصرية التركية حالة من الجمود والتوتر بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى فى ٣ يوليو ٢٠١٣، وتعزز الخلاف مع تركيا بعد قرار الرباعى العربى (مصر، والسعودية، والإمارات، والبحرين) بمقاطعة دولة قطر وما ترتب عليه من تقارب تركى قطرى على كل المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

العلاقات السعودية الإيرانية
أدرك «الخميني» منذ قيام الثورة الإيرانية ١٩٧٩ أهمية القضية الفلسطينية كمدخل لكسب التأييد لثورته، لذلك عمل على إظهار دعمه للقضية، على مدى عقود، وخدمت القضية الفلسطينية طموحات إيران الإقليمية؛ فمنذ عام ١٩٧٩ خصصت إيران يومًا سنويًا للقدس، وأسست قوة خاصة من النخبة أُطلق عليها «فيلق القدس» تابعة للحرس الثورى الإيراني، كما وسَّعت نفوذها بالعالم العربى من خلال دعم وتسليح حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بالإضافة إلى حزب الله اللبناني. وتعد مخرجات القمة الإسلامية فى إسطنبول عادية، ولا ترتقى للظرف الذى عُقدت له؛ حيث لم تخرج قراراتها عن الإدانة بأشد العبارات للأفعال الإسرائيلية، والتأكيد على رفض القرار الأمريكى بنقل سفارتها إلى القدس، إضافة إلى دعوة مجلس الأمن والمنظمات الدولية لحماية حقوق الشعب الفلسطيني. وبالتالى هى لم تختلف كثيرًا عن مخرجات قمة إسطنبول فى سبتمبر ٢٠١٧ التى شجبت قرار نقل السفارة، ودعت العالم لحماية الحق الفلسطينى دون أن تقدم خطة عمل لذلك.