الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إبداعنا مرآة واقعنا!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتهى منذ أيام قليلة رمضان الكريم شهر الرحمة والمغفرة، والذى يفترض أن يكون شهرا للعبادات والدعاء لطبيعته الدينية، ومع ذلك يعتبره أهل الفن والإبداع مهرجانا سنويا يتبارون فيه كل عام لتقديم أفضل ما لديهم، سواء على مستوى الإنتاج الدرامى أو البرامجى أو حتى الإعلانات.. لذلك دائما ما تعبر الأعمال التى تعرض فى رمضان عن المستوى العام الذى وصل إليه الفن والإبداع.. ولأننا أصبحنا نفتقر آليات التقييم الحقيقى والنقد المبنى على أسس علمية إلا فيما ندر، لذلك فالاستسهال أصبح سيد الموقف، سواء فى استنساخ الأفكار من الأعمال العالمية على مستوى الدراما، أو حتى على مستوى الموسيقى والكلمات، فأصبحنا لا نرى أفكارا إبداعية إلا فيما ندر.
ورغم سيطرة الدولة بشكل أو آخر على بعض شركات الإنتاج والقنوات، والتى كنا ننتظر أن نرى من خلالها نقلة نوعية فى مستوى الأعمال المقدمة، إلا أننا افتقدنا تمامًا البرامج الهادفة، واعتمدت الدراما على وجوه مكررة، وشاهدنا الكثير من الأعمال الدرامية التى تبث بين طياتها السم فى العسل، إلى جانب الكثير من المضامين التى يتم بثها بين السطور، والتى تفتقر القيم الإنسانية التى من المفترض أن نحاول أن نتمسك بها.. أما الظاهرة التى تزداد سوءًا عامًا بعد عام، فهى تحكم رأس المال فى المنتج الإبداعى، والذى يصبح خاضعًا لرؤى من يتحكمون فى السوق، فيكون الهم الأول لهم كيفية استقطاب كم أكبر من الإعلانات، والتى بكل أسف أصبحت تستحوذ على الوقت الأكبر من توقيتات العرض، فالمسلسل الذى يستغرق حوالى أربعين دقيقة يتم عرضه فيما يقرب الساعتين، مما يفقد المشاهد القدرة على المتابعة أو ربط الأحداث، أو القدرة على استخلاص القيم الجمالية من العمل الفنى، حيث أصبحت الإعلانات وكأنها الأساس الذى يتخلله مشاهد درامية أو برامجية، وهو ما يمثل انتهاكا سافرا لحقوق المشاهدين طبقا لما أكده خبير الإعلام الأستاذ الدكتور حسن عماد مكاوى عميد كلية الإعلام السابق بجامعة القاهرة، والذى قال إن المعايير السائدة فى دول العالم لا تسمح بأن يتجاوز زمن الإعلانات ست دقائق فى الساعة، وقد تصل إلى عشر دقائق فى بعض القنوات التجارية!!.. فأين نحن من ذلك؟!.. وأين الهيئة الوطنية للإعلام التى يجب أن تكون أول من يتصدر للحفاظ على المعايير العالمية التى تحكم العمل الإعلامى؟!.. فنحن لا نحتاج منهم فرض الوصاية على المبدعين، والتحكم فيما يقدموه، وفرض موضوعات محددة عليهم، حتى إذا كنا نعترض على بعض المضامين التى تقدم، ولكن نحتاج أن نشعر بأنهم يحافظوا على أبسط القواعد المهنية التى تحترم حقوق المشاهدين، وإذا أرادوا بالفعل النهوض بمستوى الأعمال المقدمة فلن يكون بالمنع والمصادرة بل بصناعة البديل القوى، والذى يدفع المشاهد تلقائيا إلى البحث عنه ومشاهدته، وعليهم ألا يكتفوا بالأسماء المطروحة التى تسيطر على الأعمال الفنية منذ سنوات فنحن نحتاج فتح آفاق وأبواب جديدة أمام المبدعين، فللأسف مازالت الشللية تتحكم فيما نراه على شاشاتنا، وهناك أسماء محدودة هى التى تستحوذ على الفرص المتاحة، فيجب أن نطالب المعنيين بأن تكون هناك آليات واضحة تمكن كل مبدع من الوصول بإبداعه إلى الناس، وكفانا الوجوه المكررة والقنوات التى أصبحت كعزب خاصة لبعض الفنانين، وكلى يقين أننا نملك فى هذا الوطن الكثير من المبدعين الذين لم ينالوا فرصتهم بعد.. لذلك كفانا مجالس النميمة والمعارف والشلل، وعلى من يتحكمون فى القنوات والإنتاج الدرامى، وخاصة الذين يتبعون الدولة بشكل أو آخر، أن يبحثوا عن هؤلاء المبدعين ويفتحوا لهم الأبواب، فعادة المبدع الحقيقية لا يجيد جلسات الأنس التى أصبحت تتحكم فيمن يتواجدون على الساحة الفنية أو غيرها!!