الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مفاجأة.. "الأنصاري" يكشف أسرار "داعش" وتفاصيل لقائه بـ"البغدادي"

صدام عمر حسين الجمل
صدام عمر حسين الجمل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن 2018 لن يكون أفضل حالا بالنسبة لتنظيم داعش، بل قد يكون الأسوأ، في ظل اعتقال أبرز قياداته، وقيام بعضهم بكشف المستور حول لغز هذا التنظيم، ومصادر وتمويله، وآليات عمله.


ففي 13 يونيو، كشفت وسائل إعلام عراقية، اعترافات القيادي الداعشي البارز صدام عمر حسين الجمل، المكنى "أبو رقية الأنصاري"، والبالغ 40 عاما، أمام محكمة التحقيق المركزية في بغداد المختصة بنظر قضايا الإرهاب.
ورغم أن قيادات داعشية كثيرة سقطت في قبضة السلطات العراقية خلال الشهور الأخيرة، إلا أن الجمل، وهو سوري الجنسية، يعتبر الصيد الثمين الأكبر، لأنه كان واحدا من قيادات الصف الأول في التنظيم، ظهر في العديد من الإصدارات المصورة للتنظيم وهو ينفذ القتل في الأبرياء.
هذا بالإضافة إلى أن الجمل تنقل بين فصائل مسلحة كثيرة، قبل أن يستقر المطاف به بأحضان داعش، وبالتالي، يحمل في جعبته الكثير من الأسرار حول آليات عمل التنظيمات المتشددة في كل من سوريا والعراق.
وكان الجمل قاد في بداية الأزمة السورية، أولى الفصائل المسلحة، التي ظهرت في مدينة البو كمال في شرق البلاد، ومن ثم انتمى لما يعرف بـ"الجيش السوري الحر"، وعين قائدا للجبهة الشرقية في هيئة أركان الجيش الحر، قبل أن ينتهي به المطاف اسما مهما في تنظيم "داعش".
وحسب موقع "السومرية نيوز" العراقي، كشف الجمل أمام المحكمة المركزية في بغداد، أسرارا عديدة عن داعش، وعن التخبط والانقسامات الداخلية التي شهدها التنظيم وعن خلافات هذا التنظيم مع جبهة النصرة ومصادر تمويله، كما روى تفاصيل لقائه بزعيم داعش أبو بكر البغدادي في سوريا، وتلقيه هدية منه.
وفي بداية اعترافاته، روى الجمل كيفية انتمائه لداعش وكيفية تعيينه قائدا للجبهة الشرقية فيما يعرف بـ"الجيش الحر"، ولماذا كانت تخشاه جميع الفصائل المسلحة في دير الزور في شرق سوريا.
وقال الجمل:"كنت أسكن في البوكمال السورية وعملت في تهريب المخدرات من العراق وسوريا، حيث كنت أجني مالا كثيرا من هذا العمل منذ العام 1998 وحتى 2010 وقد تركت الدراسة في مراحلها المتوسطة".
وتابع "عند اندلاع التظاهرات في المدن السورية ضد النظام اشتركت بها حتى أصبحنا ملاحقين وتم اعتقالي لأكثر من مرة وبعد ذلك اتجهنا للعمل المسلح وقد أنشأت كتيبة (الله أكبر) والتي تم الإعلان عن تأسيسها في منطقة القورية بمدينة البوكمال مطلع العام 2011".
وأضاف أن "كتائب كثيرة قد أنشأت في هذه الأثناء حتى تم تأسيس لواء الله أكبر في البو كمال السورية، وخضنا العديد من العمليات العسكرية ضد الجيش السوري حتى تمت السيطرة على البوكمال بالكامل".
وتابع "تم إبلاغي عن طريق أحد الأشخاص بضرورة الانتقال إلى إحدى الدول المجاورة لسوريا للقاء إحدى الشخصيات، وبالفعل انتقلت عن طريق التهريب إلى هذه الدولة، وبقيت لمدة يومين، حتى حضرت اجتماعا ضمن 600 قائد كتيبة ولواء، وتم آنذاك الإعلان عن تشكيل هيئة أركان الجيش الحر".
واستطرد الجمل "تم تعييني قائدا للجبهة الشرقية وعضوا في هيئة أركان الجيش الحر وقد كنت قبل ذلك قائدا لتشكيل أحفاد الرسول وهو تشكيل مسلح يضم العديد من الكتائب والألوية".


وعن ظهور جبهة النصرة في المناطق التي كانت تحت سيطرته، قال الجمل:"إن أول ظهور لجبهة النصرة قبل انشقاقها عن تنظيم داعش كان في مناطق معينة من الحسكة في شمال شرق سوريا ودير الزور شرقا، وكان يقودهم شخص يدعى أبو ماريا الهراري ومعه عدد من القيادات، وكان أبو محمد الجولاني أمير الشام لجبهة النصرة آنذاك".
وتابع "جبهة النصرة بدأت تنشط بالخفاء في البوكمال، التي كانت تحت سيطرتي ونفوذي وإن جميع التشكيلات او المجاميع المسلحة كانت تخشاني في تلك المناطق لما أتمتع به من نفوذ وكثرة في الأتباع حتى أنشأوا محكمة شرعية وقمت بإغلاقها في وقت لاحق".
وعن أبرز الخلافات، التي أدت إلى انشقاق جبهة النصرة عن داعش، قال الجمل:"السبب الرئيسي هو بروز أبو محمد الجولاني، إذ اصبح اسما كبيرا، وعلم بأن هناك مخططا لتصفيته من قبل تنظيم داعش وصارت شعبيته كبيرة والقوة والسلاح كانتا بيده في ذلك الوقت ولم يكن لأبي بكر البغدادي ثقل كونه كان في العراق، وقد بعث بقياداته من العراق إلى الشام".
وأشار الجمل إلى أنه كان بين هذه القيادات "أبو علي الأنباري وعبد الناصر أبو أسامة العراقي وحجي بكر والبيلاوي، وجاءوا لإقناع الجولاني بالتوجه للعراق، واللقاء بالبغدادي، لكنه رفض، وكان الانشقاق سريا في بداية الأمر حتى تحول إلى علني".
واستطرد "بعد أن أصبحت جبهة النصرة تنشط وأخذت بالسيطرة على عدة مناطق عملوا على استهدافي كوني كنت صاحب النفوذ وأمتلك السلاح ويتبعني أشخاص كثيرون".
وتابع "جبهة النصرة قامت باستهدافي أكثر من مرة ومن خلال الانتحاريين وتمكنوا من قتل اثنين من اشقائي وخطف أحدهم وتم تفجير منزلي وقمت بإخلاء عائلتي إلى خارج البوكمال حتى أعلنت الحرب على النصرة".


وعن قصة انتمائه لداعش، قال الجمل:"طلبت من أحد أقاربي أن يجمعني بقيادات داعش الذي كان على تواصل معهم وبالفعل التقيت (عامر رفدان) الذي يشغل منصب والي ولاية في التنظيم "، مضيفا أنه "أعلن البيعة لأبي بكر البغدادي أمام رفدان، وأصبح واحدا من عناصر التنظيم".
وأضاف الجمل أن "جبهة النصرة قامت بشن هجوم واسع على تنظيم داعش وبمشاركة عدد من الفصائل المسلحة وتمكنوا من قتل الكثير من عناصر التنظيم والسيطرة على أراضيه حتى أخذ بالانحسار في مناطق عدة بسوريا، وتم قتل عدد من المهاجرين الذين كان التنظيم يقوى بهم".
وعن كيفية دخول التنظيم للعراق وإعلان سيطرته على الموصل والأنبار وكيف ساهم ذلك باستعادة قواه، قال الجمل إن "داعش جهز عناصره واستعد لشن هجوم على الموصل وعند دخولهم والسيطرة عليها استعاد التنظيم قواه وسيطر على الأنبار بعدها وأخذ بالتوسع والانتشار في سوريا أيضا".
وأشار إلى أن "التنظيم كان يقوى بكتيبة الشيشانيين والتي كان يقودها أبو عمر الشيشاني حيث خاضت العديد من المعارك الشرسة في العراق وسوريا".
وكشف الجمل أن "العراق بالنسبة لتنظيم داعش كان يشكل أهمية كبيرة أكثر من سوريا كونه يعد مركزا لثقله فضلا عن تواجد أغلب القيادات فيه، بالإضافة إلى انتقال البغدادي إلى الموصل".
وأضاف "التقيت بالبغدادي في إحدى المرات في سوريا وكان داخل عربة ترافقها عدد من العربات ذات الدفع الرباعي ذات الزجاج المضلل".
واستطرد "قيادات التنظيم كانت تحاول إبعادي عن البغدادي خشية من أن اشغل مناصب مهمة كونه كان مهتما بي ويسأل ويستفسر عني لأكثر من مرة".
وأشار الجمل إلى أنه "بعد سيطرة التنظيم على أراض واسعة في العراق وسوريا، قسمت إلى ولايات منها ولاية نينوى وتضم ولايتي الجزيرة ودجلة وولاية الفرات وولاية دير الزور وولاية الرقة وولاية الخير وغيرها من الولايات وعين وال للشام وآخر للعراق فضلا عن تشكيل لجنتين تدعى اللجنة المفوضة واحدة في العراق ومقرها الموصل وأخرى في سوريا".
وتابع " اللجنة المفوضة تتكون من أربعة أعضاء ويتولاهم أمير، كل عضو منهم يشغل منصب نائب البغدادي وتتولى هذه اللجان إدارة شئون تنظيم داعش وكل القرارات التي تتعلق بالحرب والأمور المالية والإصدارات وغيرها من الأمور وكانوا يتغيرون بين فترة وأسخرى".
وأضاف الجمل أنه تم إرساله إلى ولاية الفرات في العراق من قبل والي الشام كي يشرف على عملهم وقد عين بمنصب أمني الولاية، وحصلت بينه وبين والي الفرات أبو أنس السامرائي عدة خلافات كونه كتب تقارير عنهم وبعثها إلى اللجنة المفوضة، موضحا أن "هذه التقارير كانت تتعلق بممارسة أبو أنس للواط مع جنود في ولايته فضلا عن السرقة والاعتقالات العشوائية".
وتابع أن البغدادي بعث له بهدية خاصة وهي رسالة تتضمن تسميته من قبله بأبو رقية الأنصاري فضلا عن مبلغ مالي.


وبالنسبة لمصادر تمويل التنظيم، قال الجمل:"إن هناك مصادر خارجية أي أموال تأتي من عدة دول ومصادر داخلية مثل بيع النفط لتجار ومهربين وجباية الضرائب وخصوصا من المزارعين وأصحاب الأموال والتجار، فضلا عن المتاجرة بالزئبق والآثار، التي تم تهريبها".
وفيما يتعلق بأوضاع التنظيم حاليا، قال الجمل إن " التنظيم تلقى الضربات الموجعة وفقد السيطرة على جميع مناطقه باستثناء مناطق صغيرة في سوريا وهي الهجين وأبو الحسن والشعفة والسوسة، وأغلب من تبقى من عناصر التنظيم متواجدة هناك".
وكشف أيضا أن "عناصر التنظيم فقدت الإرادة على القتال وهم يعيشون حالة من التخبط والانقسامات والصراعات الداخلية، لذلك فقد هرب الكثير منهم".
وكان الجمل ظهر في العديد من الإصدارات المصورة للتنظيم الارهابي حيث ظهر في إحداها وهو يعلن مبايعته للتنظيم وظهر في آخر وهو يتوعد الفصائل المسلحة التي لم تبايعه، فضلا عن ظهوره في إصدار ومعه عدد من الجثث والرؤوس المقطوعة.
وتبدو اعترافات الجمل الأقوى من نوعها، لأنها تكشف أدق أسرار التنظيم، وتفك كثيرا من طلاسمه، التي طالما حيرت العالم، وحتى أجهزة الاستخبارات.

مخطط جهنمي جديد 
ولعل ما يزيد من أهمية الاعترافات السابقة، أنها قد تعجل بالتوصل إلى مكان اختباء البغدادي، وبالتالي إجهاض مخططاته الجديدة، خاصة أن صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ذكرت في 21 مايو الماضي أنه لا يزال على قيد الحياة، وأنه متواجد في سوريا، في إحدى المناطق المتبقية، التي ما زالت بحوزة داعش.
وأضافت الصحيفة حينها، استنادا إلى معلومات مخابراتية، وتحقيقات أجريت مع معتقلين من داعش، أن البغدادي يدبر مخططا إرهابيا جهنميا جديدا، حيث أنه في ذروة خسائره بالعراق وسوريا، كان منشغلا بمسألة "استقطاب الجيل الجديد وبث الأفكار المتشددة في عقولهم".
وأضافت الصحيفة أن البغدادي يعتزم الانتقال من حالة "الخلافة"، التي تبسط سيطرتها على أراض معروفة، إلى جماعات من المتشددين تنتشر في أماكن متفرقة، وتشن عمليات مباغتة، وتواصل نشاطها في استقطاب عناصر جديدة.
وتابعت"واشنطن بوست"، أن البغدادي وكبار معاونيه قرروا أيضا إعطاء الأولوية لغسيل دماغ الأطفال، سواء في العراق وسوريا أو في الخارج عن طريق الإنترنت، والتركيز على غرس الأفكار المتطرفة في عقول الجيل الجديد.
وأوضحت الصحيفة أن البغدادي وجه دعوة بشكل شخصي لعقد اجتماع بالقرب من مدينة دير الزور شرقي سوريا، لمناقشة إعادة كتابة المنهج التعليمي للتنظيم.
وأشارت إلى أن البغدادي وكبار القادة قرروا إعطاء الأولوية لتلقين الأطفال الأفكار المتطرفة عبر الإنترنت، مضيفة أن "قيادة داعش مقتنعة بأنه طالما في الإمكان التأثير على الجيل القادم من خلال التعليم، ستستمر فكرة الخلافة حتى لو اختفت دولة الخلافة".
وجاء تقرير "واشنطن بوست"، بعد أن كشفت الحكومة العراقية، الخميس الموافق 10 مايو الماضي، أسماء خمسة قيادات في تنظيم "داعش"، تم إلقاء القبض عليهم، منذ بداية 2018.
وجاء في بيان للحكومة العراقية، أن القيادات الداعشية الخمس، هم: إسماعيل علوان العيثاوي، أو "أبو زيد العراقي"، أحد مساعدي البغدادي، وصدام الجمل، وهو سوري، وكان يتولى منصب أمني ولاية شرق الفرات في التنظيم الإرهابي.
وإلى جانب العيثاوي والجمل، تم اعتقال ثلاثة قادة دواعش ميدانيين، هم السوري محمد حسين القدير والعراقيان عمر شهاب الكربولي وعصام عبد القادر الزوبعي.


وفيما يتعلق بتفاصيل الإيقاع بهذه القيادات الداعشية، قال المستشار الأمني للحكومة العراقية، هشام الهاشمي، في 10 مايو، إن ضباطًا في الاستخبارات العراقية، استخدموا تطبيقا على هاتف أحد مساعدي البغدادي، للإيقاع بأربعة آخرين من كبار قادة التنظيم.
وتابع "السلطات التركية ألقت القبض على إسماعيل العيثاوي المعروف كذلك بكنيته أبو زيد العراقي في فبراير الماضي، وسلمته إلى مسئولين في الاستخبارات العراقية".
وأضاف "العيثاوي مساعد مباشر للبغدادي، وكان مسئولا عن التحويلات المالية إلى الحسابات المصرفية لفروع التنظيم الإرهابي في عدة دول".
ونقلت "رويترز" حينها عن الهاشمي، قوله أيضا، إن "ضباط الاستخبارات العراقية استخدموا تطبيق تليجرام للرسائل على هاتف العيثاوي للإيقاع بقادة آخرين من التنظيم، واستدراجهم لعبور الحدود من سوريا إلى العراق، حيث ألقي القبض عليهم".
وتابع "العملية تمت بالتعاون مع الاستخبارات الأمريكية، والاستخبارات التركية"، في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش" على جانبي الحدود السورية العراقية.
وأشار المسئول العراقي، إلى أن "من بين المقبوض عليهم، صدام الجمل، وهو سوري كان والي منطقة شرق الفرات في التنظيم الإرهابي"، واصفا العيثاوي والجمل بأنهما أبرز شخصيتين يتم اعتقالهما من داعش.
وتابع أن ضباط الاستخبارات العراقية والأمريكية تمكنوا، بعد القبض على العيثاوي، من الكشف عن الحسابات المصرفية للتنظيم، وجميع الشفرات التي كان يستخدمها.
وبالإضافة إلى اعتقال القيادات الداعشية الخمس، أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أيضا في 19 إبريل الماضي عن تنفيذ سلاح الجو العراقي ضربات ضد مواقع تعود لتنظيم "داعش" في سوريا، قرب الحدود مع العراق.
وكشفت وزارة الداخلية العراقية، في 22 إبريل الماضي، أسماء بعض قيادات تنظيم "داعش"، الذين لقوا مصرعهم في الضربة الجوية داخل سوريا.
ونقل موقع "بغداد بوست" عن الوزارة، القول في بيان حينها، إن بين القتلى الدواعش الـ36 في الضربة الجوية، قياديون، هم "أبو إسلام – أبو طارق الحمداني – أبو مريم العكاوي – أبو حسين وهو مصاب مبتور الساق– أبو ياسر – أبو جعفر".
وأضافت الوزارة أن "القوة الجوية العراقية وجهت عبر طائرات إف - 16 ضربات ضد داعش داخل الأراضي السورية، أسفرت عن مقتل 36 إرهابيا".



من هو البغدادي؟
ورغم النجاحات السابقة، إلا أن بقاء زعيم داعش أبو بكر البغدادي طليقا، يعني استمرار هذا التنظيم الإرهابي لسنوات، وحتى عقود، بسبب دهائه وقدرته على الاختباء. 
وكانت وسائل الإعلام ذكرت على الأقل ست مرات منذ 2014 أن البغدادي قُتل أو أصيب إصابة خطيرة، فقد قيل ثلاث مرات إنه قُتل في غارات للطائرات الروسية أو الأمريكية، وروجت تقارير أخرى عديدة أنه اُعتقل في هجوم بالمدافع شنته القوات السورية، حيث أصيب ثم توفي مسموما.
وتسبب رفع الجائزة الأمريكية أواخر 2016 للقبض على البغدادي من عشرة ملايين دولار إلى 25 مليونا في ورود سيل من البلاغات المزعومة برؤيته.
ولد البغدادي، واسمه الحقيقي، عواد إبراهيم البدري، في مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين في شمال العراق عام 1971 لأسرة بسيطة وسنية، وعُرفت عائلته بتدينها، خاصة أنها تدعي أنها من نسل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
ودخل البغدادي جامعة بغداد ودرس العلوم الإسلامية، وحصل على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية من الجامعة عام 1996، ثم حصل علي شهادتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات القرآنية من جامعة صدام حسين للدراسات الإسلامية عام 1999، وقضى البغدادي سنوات دراساته العليا في حي الطوبجي المتواجد في بغداد، مع زوجتين له، وستة من الأبناء.
وعرف عنه أنه كان محبا للغاية لكرة القدم، إذ أصبح نجما لفريق مسجد مديمة الطوبجي المتواجد في منطقته، إلا أنه سرعان ما انجذب إلى الأشخاص المتشددين، الذين يتبنون نهج العنف والقتل والخراب، وانضم إلى جماعات السلفية الجهادية، وأصبح تحت وصايتهم.
وفي 2003، وبعد الغزو الأمريكي للعراق، ساعد البغدادي في تأسيس جماعة باسم "جيش أهل السنة والجماعة"، وفي فبراير 2004، ألقت القوات الأمريكية القبض عليه، في مدينة الفلوجة، وظل بالسجن عشرة أشهر.
وحسب رواية أحد رفاقه في السجن، كان البغدادي قليل الكلام، لكنه كان ماهرا جدا في التنقل بين الفصائل المتنافسة داخل السجن، الذي كان يضم مزيجا من عناصر سابقة مقربة من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وجهاديين.
واستغل البغدادي فترة سجنه في تحقيق أهدافه الإرهابية، إذ شكل تحالفات مع العديد من المعتقلين، وظل على اتصال بهم، حتى بعد الإفراج عنه.
واتصل البغدادي، بعد إطلاق سراحه، بأحد المتحدثين باسم تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق، الذي كان يقوده حينها الأردني أبومصعب الزرقاوي، وحينها انضم للقاعدة.
لكن سرعان ما تغيرت الأمور، إذ قتل الزرقاوي عام 2006 في غارة جوية أمريكية، وحينها، خلفه أبو أيوب المصري.
وفي أكتوبر من نفس العام، قرر أبو أيوب المصري حل تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق، وأسس تنظيما يُسمي بـ"الدولة الإسلامية "في العراق، وكان معهم في هذا التنظيم أبو بكر البغدادي وقام بالعديد من العمليات الإرهابية حينها، خاصة أنه كان لديه ميول إرهابية، كما تم تعيين البغدادي رئيسا للجنة الشريعة، وتم اختياره عضوا في مجلس الشورى للتنظيم، والذي كان يضم 11 عضوا.
وعام 2010، حدث تحول إرهابي كبير في تاريخ أبو بكر البغدادي، إذ تم تنصيبه قائدا لتنظيم القاعدة في العراق وأصبح أمير التنظيم، كما يقولون الإرهابيون، وحينها استطاع البغدادي بعقله الإرهابي أن يعيد بناء التنظيم.وعام 2011، استغل البغدادي الاضطرابات المتزايدة في سوريا، وأصدر أوامره لأحد النشطاء التابعين له بسوريا ليؤسس فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا، والذي عُرف بـ" جبهة النصرة"، وحينها حدثت خلافات كبيرة بينه، وبين أبو محمد الجولاني زعيم الجبهة.
وعام 2013، أعلن البغدادي أن جبهة النصرة هي جزء من تنظيم القاعدة في العراق، وحينها طلب أيمن الظواهري، زعيم التنظيم الأم، من البغدادي منح جبهة النصرة استقلالها وإعطائها الحرية الكاملة في قراراتها، لكن البغدادي رفض هذا الأمر، ودخل في صدام مع الظواهري، إذ أعلن انفصال تنظيمه عن التنظيم الأم.
وعقب ذلك، قام رجال البغدادي في العراق وسوريا بقتال عناصر جبهة النصرة، وحينها فرض البغدادي سيطرته وقبضته على شرق سوريا، ووضع مجموعة من القوانين والتشريعات الخاصة به.
وبعد أن عزز البغدادي مقاتليه في شرق سوريا، أمرهم بالتوسع في غرب البلاد، وفي يونيو 2014، أعلن البغدادي بشكل رسمي عن ولادة تنظيم "داعش" الإرهابي، وحينها سيطر بشكل كامل على مدينة الموصل في العراق، وعلى ما يقارب من ثلث مساحة بلاد الرافدين، كما أعلن سيطرته على أراض في سوريا، واتخذ الرقة معقلا له، إلا أنه في 2017، تعرض التنظيم لهزائم قاسية في العراق وسوريا، وقتل أيضا قادة كبار في صفوفه، بينهم الناطق باسمه، أبو محمد العدناني، الذي قتل في 30 أغسطس 2016 في حلب شمالي سوريا، وتضاربت الروايات حول كيفية مقتله، إذ أعلن التحالف الدولي لمحاربة داعش، مصرعه في غارة جوية، فيما زعمت وكالة أعماق التابعة للتنظيم، أنه قتل خلال متابعته لما سمتها العمليات العسكرية في حلب.