الدراما القوية تقوم على الصراع، وكلما كان الطرفان متكافئين كانت الدراما أكثر قوة، واعتبار العدو «أحمق وأبله» لا يعنى سوى شيء واحد، أن انتصاراتنا لا تستحق التمجيد ولا الفخر، ومن أبرز عوامل تقديم عمل ناجح عن الجاسوسية، إتقان مرحلة التنفيذ بالعناية الكاملة بالتفاصيل.
وبدأت الدراما مع قصص المخابرات بمسلسل «دموع فى عيون وقحة» سنة ١٩٨٠ للمخرج يحيى العلمي، والذى حصل على جماهيرية كبيرة ونجاح عظيم، ويرجع ذلك إلى السيناريو الواقعى بقلم صالح مرسي.
وتخصص صالح مرسي، فى كتابة روايات مستوحاة من ملفات المخابرات، تحولت إلى أعمال سينمائية وتليفزيونية ناجحة، كان أولها فيلم «الصعود إلى الهاوية» إخراج كمال الشيخ، ١٩٧٨، ثم مسلسل «دموع فى عيون وقحة»، ١٩٨٠، ثم مسلسل «رأفت الهجان» الذى قدم فى ثلاثة أجزاء من ١٩٨٧ إلى ١٩٩١، وكلها أعمال مجدت وتغنت ببطولات المخابرات المصرية فى حربها ضد الكيان الصهيونى، خاصة فيما يعرف بحرب الجواسيس.
«دموع فى عيون وقحة» يروى قصة شاب مصرى اسمه جمعة الشوان، حاول جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» تجنيده، ولكنه يلجأ للمخابرات المصرية لإخبارهم بما حدث، فيطلبون منه الاستجابة للعدو، من أجل الحصول على معلومات منهم وتسريب أخبار خاطئة لهم.
ويتناول المسلسل القصة الحقيقية لأحمد الهوان، ويقال إن شخصية الضابط المصرى المسئول عنه، الذى حمل اسم «الريس زكريا» فى المسلسل ولعب دوره صلاح قابيل، هو اللواء عبد السلام المحجوب محافظ الإسكندرية الأسبق، وأن الضابط الإسرائيلى المخدوع، أبو داود، الذى لعب دوره مصطفى فهمى، هو شيمون بيريز، رئيس إسرائيل الحالي.
ويلعب دور جمعة الشوان نجم الكوميديا الأول عادل إمام، وهو اختيار مدهش أن يقوم ممثل لم يكن يعرف حتى ذلك الوقت سوى فى أدوار الكوميديا بدور جاد يحتاج إلى مهارات تمثيلية وبدنية خاصة، ومع ذلك فقد نجح عادل إمام نجاحًا مبهرًا فى هذا الدور، واستطاع أن يثبت أنه ممثل كبير قادر على أداء أنماط وأنواع مختلفة من الشخصيات والأجناس الفنية، إضافة إلى قدرته على تلوين أى شخصية، مهما كانت جادة، بخفة دمه وقبوله الاستثنائى وهو ما أهله فيما بعد للكثير من الأدوار الجادة وأفلام الحركة.
بجانب عادل إمام توفر للعمل فريق متميز من الممثلين، برز منهم صلاح قابيل فى دور الريس زكريا، ومصطفى فهمى وأسامة عباس فى دور ضابطى الموساد، ومعالى زايد فى دور زوجة الشوان الكفيفة ومحمود الجندى فى دور أخيه وفاروق فلوكس فى دور بحار يوناني.
واستطاع عمار الشريعى أن يعزف عدة مقطوعات بين الحماسى والمثير والتراجيدي، ليعبر عن ملحمة بطولية ظُلِم صاحبها الأصلى ولم ينصفها سوى ذلك العمل الفنى لصالح مرسى وتكون الجملة الموجودة فى الحلقة الأخيرة هى ختام الملحمة.
«من المخابرات المصرية إلى المخابرات الإسرائيلية: نشكركم على تعاونكم معنا طوال الست سنوات المثمرة، وقد توجتم هذا التعاون بإمدادنا بجهازكم الإنذارى الخطير مع رجلنا جمعة الشوان، نكرر الشكر إلى اللقاء فى عمليات أخرى».
