الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"المونديال".. قوة "بوتين" الناعمة

الرئيس الروسي فلاديمير
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تستضيف روسيا كأس العالم لكرة القدم فى الرابع عشر من الشهر الجارى وحتى ١٥ يوليو المقبل، بمشاركة ٣٢ منتخبًا من أرجاء المعمورة، فى حدث دولى ينتظره الملايين من كل أنحاء العالم، وأنفقت من أجله المليارات كى تكون فى أبهى صورة، والإصرار على تقديم صورة مشرفة عن القيصر الروسي، الذى أصبح فى شبه عزلة نتيجة اتحاد المصالح الأمريكية الأوروبية.


طموح القيصر
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يهمه أن تظهر بلاده فى صورة الدولة القوية التى لا تتأثر بأى مشاغبات من أى طرف، ولا تستسلم لمحاولات العزلة الجبرية التى تود الدول الغربية أن تفرضها على موسكو، والخطابات السياسية الأخيرة تدل على أنه ماض فى طريقه نحو استعادة مجد الإمبراطورية الروسية، وأنه لن يرضى بسياسة القطب الأوحد التى تفرضها واشنطن فى السنوات الأخيرة.
الدور الروسى لم يتوقف فى العقد الأخير عند مرحلة تخفيض الديون لبعض الدول، ولم تهتم موسكو بالمضايقات الغربية وحلف الناتو بعد ضم شبه جزيرة القرم فى ٢٠١٤، ودورة الألعاب الشتوية سوتشى ٢٠١٤، التى حرص بوتين على أن تكون فى أقوى صورة كى تلفت الأنظار إليها، رغم المشكلات السياسية التى كانت تعانى منها وقتها بسبب الأزمة الأوكرانية، وإنما أظهرت قوتها فى التواجد الفعال على المستوى الدولي، وتغيير مسار الأزمة السورية بعد الضربات الجوية التى شاركت بها منذ أكتوبر ٢٠١٥، وما تبعه من تدخل على مستوى التحرك البري.
كدليل على الرغبة الروسية فى فرض سطوتها وهيمنتها على أرجاء المعمورة، أنفقت حوالى ١٣ مليار دولار لاستضافة المونديال، لتأهيل المدن الـ ١١ المضيفة، من خلال بناء ملاعب جديدة، وتطوير ما هو ممكن منها، بناء الكثير من الفنادق وملاعب التدريب، إلى جانب تطوير المطارات، وتحديث البنية التحتية التى لم تطل أيادى التطوير لها منذ عقود، وربما تنظر روسيا للمستقبل بشأن كيفية استغلال هذه المرافق التى تم تطويرها بعد المونديال، بعد أن عانت مدينة سوتشى من الركود بعد دورة الألعاب الشتوية، فى ظل وجود مرافق وبنى تحتية وفنادق بلا رواد.
القوة الناعمة
فى ٢٠١٦ تمكنت روسيا من الصعود لأول مرة فى ترتيب الدول الأكثر امتلاكا للقوة الناعمة، وصولا إلى قائمة الدول الـ٣٠ الأقوى، وفقا للترتيب السنوى الذى تقوم به وكالة «Portland» البريطانية للعلاقات العامة، والتى تعتمد على مقياس قدرة دول مختلفة على التأثير على البلدان الأخرى عن طريق قيمها الاجتماعية بدلا من الأموال أو الأسلحة. وحسب هذا التقييم احتلت روسيا المركز الـ٢٧، بعد أن كانت فى ٢٠١٥ فى قائمة الدول الـ٥٠ الأكثر نفوذا من حيث «القوة الناعمة».
المقاطعة الغربية 
حاولت بعض الدول فرض عزلة على موسكو، على خلفية أزمة الجاسوس الروسى المزدوج سيرجى سكريبال وابنته، الذى تعرض لعملية تسمم فى بريطانيا، وهو ما ظهر فى القرار الإنجليزى بحظر سفر أى مسئول بريطانى لروسيا على هامش كأس العالم، وعملية طرد الدبلوماسيين المتبادلة بين البلدين، وما ترتب على ذلك من قيام عدد من الدول الأوروبية بطرد عدد من الدبلوماسيين الروس، فى عودة إلى أجواء الحرب الباردة، فى الوقت الذى تتباين فيه المواقف الأمريكية تجاه موسكو، ما بين عداء شديد من أطراف بإدارة الأمريكية، ومحاولات ودية أخرى لمنع قطع خطوط التواصل، حفاظا على المصالح المشتركة بينهم وبخاصة فى سوريا، ومنع وصول الأمر إلى حد العداوة الشديدة. 
ورغم أن ألمانيا لم تتخذ المواقف الحادة التى سارت عليها دول أخري؛ فإن هناك توجسا غير مكتوم نتيجة التوغل الروسى فى مختلف القضايا الدولية، واستغلال واشنطن للمشاكل الداخلية فى ألمانيا لتقوية الحليف الفرنسى الجديد، ومحاولة تقديم إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسى الشاب قائدا جديدا للقارة العجوز، ومحاولة جذبه فى عدد من الملفات للانضمام للوصاية الأمريكية، وهو ما ظهر فى التعاون الثلاثى بين واشنطن وباريس ولندن فى ضرب دمشق منذ شهور، كبداية على أن هناك تحالفات جديدة قد تظهر على الساحة لمواجهة المطامع الروسية ومحاولة إذلال بوتين ودولته.
استعداد عالمى
كل المؤشرات تشير إلى أن روسيا سوف تنظم حدثا عالميا فريدا رغم المقاطعة الغربية لبعض الدول، والتهديدات الإرهابية التى أعلنت عنها الجماعات الإرهابية، وبخاصة تنظيم داعش، والذى أصدر عددا من التحذيرات للمنتخبات المشاركة والجماهير متوعدا بعمليات استشهادية.