الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

لوكنت بطريركا.. حلم ورسائل للبابا تواضروس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حتى خيال الانسان يهرب من مجرد الحلم بهذه المسئولية الكبيرة والضخمة مسئولية ان تكون بطريركا. لكن الدكتور جرجس بشري اقتحم هذه المنطقة وتجرأ علي الحلم بهذا المنصب الحساس.ليحمل من خلاله رسائل الي البابا. والدكتور جرجس بشرى حنا ليس قبطيا عاديا فهو حاصل على دكتوراه في علم اللغة (في اللغات اليونانية والسريانية والقبطية) كلية الآداب، جامعة القاهرة، ويعمل حاليًا، في مركز الدراسات البردية والنقوش بجامعة عين شمس. قام بترجمة ومراجعة العديد من الدراسات الآبائية والتراث الكنسي، منها ترجمة رسالة دكتوراه المتنيح الأنبا غريغوريوس عن الكلمات اليونانية في اللغة القبطية. من أهم مؤلفاته: جبروت الحب، اللغة اليونانية في ليتورجية الكنيسة القبطية، قواعد اللغة اليونانية القديمة، يقوم بالتدريس في عديد من الجامعات والمراكز البحثية.واما تفاصيل الحلم فجاءت كالتالي يقول دكتور جرجس 
حلمتُ إنني كنتُ بطريركًا، وقد جلستُ وحدي بعد تسلمي لمهام البطريركية، أفكر في جسامة هذه المسؤلية الخطيرة، فإنني أريدُ أن أكون أمينًا على هذه المسئولية وأرضي الله، ولكنها مسئولية صعبة جدًا، ومن الصعب أن أرضي الجميع، وقد كان أهم النقاط التي فكرت فيها هي:
1- إنني أجلس على كرسي بطريركي قاد العالم يومًا ما، فقد جلس عليه من قبلي مارمرقس وثيؤدوسيوس وأثناسيوس وكيرلس وديسقوروس، هؤلاء العظماء الذين لا تزال كتاباتهم الكنز والمنجم الذي يغتني منه كل دارسي اللاهوت في العالم كله، والآن تقع عليَّ مسئولية جسيمة في أن أسير على نفس درب هؤلاء، وأحافظ على الاسم العظيم الذي نلته بعد أن صرت خليفة لهم.
2- إنني اليوم أصبحتُ أمثل ملايين المسيحيين الأقباط في مصر والعالم، بل وإنني أمام البعض أُمثل المسيحية ذاتها، وأي اتجاه أو رأي أو فكر أتبناه سوف يُنسب لهؤلاء الذين أمثِّلهم، فسوف يراهم العالم فيَّ، سوف يحبونهم أو يكرهونهم، يقبلونهم، أو يرفضونهم بناءًا على الآراء التي سيكوِّنونها عنهم من خلالي، بل وحتى لو أخطأت على المستوى العلمي الأكاديمي أو الروحي، فسوف يُنسب هذا الخطأ لأب هؤلاء، خاصةً أنه في هذه الأيام أصبح حتى مجرد النسمة التي أتنفسها يشاهدها كل العالم من خلال الكاميرات والعيون التي تراقبني في كل لحظة، وتنقل ما أنا فيه لكل العالم، وأصبح أيضًا كل شخص له الحق أن يعبر عن رأيه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إن كل هذا يجعلني أفكر ألف مرة قبل أي حرف أنطقه، أو حتى إيماءة صغيرة تُترجم لمعنى ما.
3- قررت ألَّا أكون مقلدًا، فلكل شخص موهبته الخاصة، فلن أقلد مواهب من سبقوني من البطاركة، سأكون ذاتي.
4- لكي يكون عصري متميزًّا، قررت أن أوقف الإعدامات والعذابات التي يقوم بها أرهبيّو اللاهوت، فباسم اللاهوت والعقيدة والدين والمسيح، يقومون بحرمان ومحاكمة وتشهير وتعذيب أدبي ونفسي لأبناء المسيح، مع إنني أعلم جيدًا أن العقيدة ثابتة وواضحة كما جاءت في تعاليم الآباء، ومن يختلف مع هذه التعاليم يمكن أن نحاوره ونقنعه بحب لأن هذا هو منهج المسيح الذي يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون، فلن أتنازل أبدًا عن تعاليم الآباء، والعقيدة التي سلَّموها لنا، وفي الوقت ذاته لن أبتر أعضاء المسيح من الكنيسة، ولن أحرمهم وأعذِّبهم لأغراض شخصية بحجة العقيدة والإيمان وحمايته، لن أضع قيودًا على الفكر، لأن الفكر هو أرقى ما يميز الإنسان، وذلك دون التنازل عن ثوابت الكنيسة.
5- ولأن المسئولية صعبة جدًا، وأنا إنسان ضعيف وإمكانياتي محدودة، خاصةً إننا في عصر أصبح التطور في البحث العلمي يتضاعف بسرعة، والباحث المتخصص يغرق وسط كثرة الأبحاث المتخصصة المنشورة في تخصصه في كل العالم، فماذا أفعل عندما أتحدث في موضوع خارج تخصصي، وكلامي سيمثل الكنيسة ورأيها، ليس أمامي إلا أن أستعين بهؤلاء المتخصصين، وسأبحث عنهم في كل مكان لآخذ رأيهم في كل شيء، لأن الخلاص بكثرة المشيرين. ولن أكتفي برأي المحيطين بي مهما كنت أثق فيهم، لأن معرفتهم وتخصصاتهم محدودة مثلي هم أيضًا.
6- لذلك قررت ألَّا أفعل كل شيء لوحدي بمفردي، وقررت أن أفوِّض مسئولياتي لأشخاص آخرين متخصصين أكثر مني فيما يقومون به، مثلما فعل موسى قديمًا، ويا حبذا لو كان هؤلاء الذين أفوِّضهم مسئولياتي من خارج دائرة الكهنة والأساقفة الذين لديهم مسئوليات جسيمة مثلي، سأفوض العلمانيين المتخصصين، أو الرهبان الذين ليست لديهم مسئولية رعوية إذا لم يكن ذلك عائقًا أمام خلوتهم الروحية.
7- سأهتم بأصحاب الفكر من أبناء الكنيسة، وسأستفيد منهم في خدمة الكنيسة، ولذلك سأقوم بعمل هيئة علمية تضم كل أبناء الكنيسة الذين لهم أبحاث علمية أكاديمية متميزة مثل أساتذة الجامعات داخل مصر وخارجها، خاصة في التخصصات المتعلقات بالدراسات الكنسية مثل: الكتاب المقدس والتاريخ والآباء واللغات واللاهوت والفن والعمارة والآثار والرعاية وعلم النفس والاجتماع والتنمية البشرية والمشورة... وسوف أتبنى ككنيسة هؤلاء، هؤلاء سيقومون بعمل الأبحاث أو المشروعات العلمية التي تحتاج إليها الكنيسة، وسترجع إليهم الكنيسة والمجمع المقدس ليأخذ برأيهم العلمي الأكاديمي للمساعدة في اتخاذ القرارات، وسوف أرجع إليهم أنا نفسي لآخذ برأيهم في بعض الأمور التي أضطر كبطريرك أن أتحدث فيها وتكون خارج تخصصي، فكوني بطريركًا هذا لا يُعني أنني أعرف كل شيء، خاصةً أن ما أقوله يعكس رأي ومستوى فكر كل الأقباط في العالم، فمن واجب كل علماء الأقباط أن يساعدوني فيما أقول، لن أجعل عليهم أي وصاية أو رقابة من أي جهة كهنوتية، سأتركهم يفكرون ويبحثون بكل حرية، وسيكون المنهج العلمي الأكاديمي هو الأساس الذي يحكمهم، لأن الكنيسة لا تعارض العلم بل تستفيد من العلماء.
8- سأعامل الجميع بمساواة، ولن أسمح بظلم أحد أبنائي سوف أسعى أن تكون لي علاقة طيبة مع السلطة الحاكمة في البلد، فهذا ما أوصانا به الإنجيل، وما أوصتنا به الكنيسة، أن نصلى لأجل جميع من هم في سلطة، وهذا تجسيد لروح المحبة التي تقوم عليها المسيحية، وهذه هي الوسيلة الأساسية لبناء وطننا الذي نعيش فيه جميعنًا، والعمل الدؤب لأجل خير وفرح وسلام جميع أبناء الوطن. ولكن سأفعل هذا دون دخول في لعبة السياسة، فقد عانت الكنيسة كثيرًا منذ عهد قسطنطين عندما أقحمت ذاتها في الشئون السياسية التي لا تخصها، كما إنني لن أظلم أبنائي، ولن أتنازل عن مبادئ الكنيسة إرضاءً للسلطة السياسية، أو السلطة الحاكمة، ولن أكون سلبيًا تجاه أي ظلم أو اضطهاد يقع على أبنائي، سأدافع عنهم بكل قوة مستخدمًا في ذلك سلاح الكلمة كما فعل قبلي آباء الكنيسة المدافعين مثل: أرستيدس وأثيناجوراس وتاتيانوس السرياني ويوستينوس الشهيد وثيؤفيلوس الأنطاكي وغيرهم... متخذًا في ذلك نصيحة يوحنا السينائي "لا يجب أن يكون الراعي ذئبًا ولا نعجة"
وبينما كل هذه الأفكار تتزاحم في ذهني، يبدو أن السماء شعرت بحيرتي وأرسلت لي ملاكًا، يساندني ويشجعني على ما أنا فيه، فقد أحسست بيد ملاك صغير تربت عليَّ بلطف، وصوتُ ملائكي يقول بعذوبة لا مثيل لها "بابا"، سعدتُ كثيرًا لوجود من يشاركني ما أشعر أنا به الآن، يساندني فيما أنا فيه... ولكن هذا الصوت العذب الذي ينادي: "بابا" استمر طويلًا، وهذه اليد الناعمة التي تربت عليَّ لا تزال ترافق هذا الصوت حتى أيقظتني فوجدتها يد ابنتي الصغير كاترين ذات العام والنصف تحاول أن تيقظني:"بابا" لكي ألعب معها، ففتحتُ عينيَّ على ابتسامتها الساحرة، وغمر الفرح قلبي لأنني عندما رأيتها أيقنتُ إنني لن أكون يومًا بطريركًا، ولا يزال أمامي الوقت لأستمتع باللعب معها، وبدراستي الآبائية واللغوية في أوقات فراغي.