الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

تراث الأجداد.. "الشفتشي".. كردان جدتي وأقراط أمي بـ"شكمجية الزمن"

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أنا كنت صياد، وصيد السمك غية، نزلت بحر السمك اصطاد ليّ بنية، وعجبني شكل السمك في البحر حواليه، واحدة بياض شفتشي، والثانية بلطية، والثالثة من بدعها سحرت مراكبية.. واحدة بياض شفتشي والثانية بلطية، والثالثة من بدعها غرقتنا في الميه.. «موال شعبي». 
في رحلة جديدة بين طيات الماضي في قاهرة المعز نبحث عما تخفيه الأيام والسنوات الماضية من الفنون الجميلة التراثية التي اندثرت أو على شفى الاندثار، لتفتح أمامنا شكمجية الجدات وتظهر لنا أبدع الصناعات والفنون التراثية القديمة، فهي كنز يتلألأ بين أيدينا، ليظهر مدى دقة ومهارة الصناع ويكشف عن عالم المقتنيات المليء بالأسرار إنه فن «الشفتشي»، فكانت معظم الأسر قديمًا لا تخلو من كردان أو قرط إلا وعليه بصمة فن الشفتشي. 
وكلمة «الشفتشي» كانت تطلق على أنواع من القماش ذات النسيج الرقيق الذى يكشف عما ما تحته، وكان المصري القديم أول من أبدعها قبل العثمانيين وقد أخذت الفكرة من هذه الأقمشة والتي سميت فيما بعد بـ«الشفتشي» مستخدمين قطع من أسلاك الذهب والفضة والنحاس لينسجوا منها أجمل وأدق المشغولات ذات التقنية المعقدة. 
وتعتمد تقنية «الشفتشي» كليا على عملية برم الخيوط المعدنية من الفضة والذهب بدقة شديدة لتكوين أشكال تشبه الدانتيل، ونظرًا لما تتطلبه هذه التقنية من وقت ودقة، من الصعب أن تتم إلا يدويًا، وهو ما جعل صناعة هذا النوع من المجوهرات تختفي تقريبًا، باستثناء بعض الورش في حي الحسين والأزهر، التي ما زالت تحاول المحافظة عليها منذ أكثر من قرن من الزمان، وبالتالي لا تزال اليد المحترفة هي التي تنسج خيوطها وتصوغها في أشكال أقرب إلى الدانتيل. 
كما أضاف المصريون المهرة إلى هذه المهنة الكثير من التقنيات التي صبغت عليها الروح المصرية القديمة ويأتي السياح من جميع أنحاء العالم ليحصلوا على قطعة فنية جميلة ولا مثيل لها وتعود كلمة «الشفتشي» إلى كلمة تركية أصلها (شفت إشي) ومعناها مكشوف لأن الأشكال التي يتم تصنيعها تكون مفرغة، وكان فن الشفتشي مرتبط بالصاغة بشكل كبير ويتم تصنيع الحُلى والمجوهرات من الذهب والفضة مثل الكردان والأقراط وغيرها من الإكسسوارات التى تتزين بها النساء وفي متحف الفن الإسلامى ستجد قطعًا من الحلي المصنوعة بطريقة فن الشفتشي والتي لا يوجد مثيل لها، ولا يُعرف على وجه التحديد صاحبة هذا الكردان، وقبل عشرات السنوات كانت ورش الشفتشي منتشرة في مصر بشكل كبير، ولكن الآن أوشكت على الاندثار وهذا بسبب ما تطلبه المهنة من صبر وقدرة على التحمل فالأجيال الجديدة ومنهم وللأسف لا يتمتعون بتلك الصفة ولذلك انصرفوا عن تلك المهنة لما تحتاجه من دقة وصبر وخيال خصب للإبداع والابتكار، بل أصبح عدد الفنانين والمحترفين في صناعة الحلي بطريقة الشفتشي يتعدون على أصابع اليد الواحدة، على الرغم من المحاولات التي تحاولها بعض الجهات الحكومية وغيرها من إحياء فنون التراث والتي تتميز بالدقة الشديدة والثراء بالتفاصيل، ويظهر فيها تأثير البيئة والحضارة المصرية، فالتصميمات تشبه أوراق الشجر والمياه الجارية ومجموعة من الأشكال الهندسية الرائعة وبالغة الدقة.