الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

الشيخ حسنين مخلوف.. الفقيه الحجة

الشيخ حسنين مخلوف..
الشيخ حسنين مخلوف.. الفقيه الحجة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعد المفتي الأسبق الشيخ حسنين محمد مخلوف، من أعلام هذا اليوم، حيث ولد الراحل بحي باب الفتوح بالقاهرة في 16 رمضان 1307 هـ الموافق 6 مايو 1890م، لأسرة تنتمي إلى محافظة أسيوط، تعهده أبوه بالتربية والتعليم، فما إن بلغ السادسة حتى دفع به إلى من يحفّظه القرآن الكريم، وأتمه وهو في العاشرة على يد الشيخ محمد علي خلف الحسيني شيخ المقارئ المصرية، وهيأه أبوه للالتحاق بالأزهر فحفّظه متون التجويد والقراءات والنحو، ثم التحق بالأزهر وهو في الحادية عشرة من عمره، وتلقى العلم على كبار شيوخ الأزهر، أمثال الشيخ عبد الله دراز، ويوسف الدجوي، ومحمد بخيت المطيعي، وعلي إدريس، والبيجرمي، فضلًا عن والده الشيخ محمد حسنين مخلوف. لما فتحت مدرسة القضاء الشرعي أبوابها لطلاب الأزهر، تقدم للالتحاق بها، وكانت تصطفي النابغين من المتقدمين بعد امتحان عسير لا يجتازه إلا الأكفاء المتقنون.
تخرج بعد أربع سنوات حائزًا على عالمية مدرسة القضاء سنة 1332 هـ / 1914م، وبعد أن خاض امتحانًا قاسيًا أمام لجنة كان من بينها الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر، والشيخ بكري الصفدي مفتي الديار المصرية. كان الاختبار الشفوي النهائي يحضره شيخ الأزهر مع أربعة من كبار العلماء، وقد يمتد إلى ست ساعات للطالب الواحد، وقد تُرفع الجلسة بعد عناء لتستكمل عملها في الغد، ومن ثم كان لا يجتاز هذا الاختبار إلا الأذكياء من الطلبة القادرين على إقناع هذه اللجنة العظيمة بسعة تحصيلهم وغزارة علمهم في فنون مختلفة من العلم.
كان السكرتير الشخصي للرئيس أنور السادات فوزي عبد الحافظ متزوجًا من السيدة كوثر مخلوف أخت الشيخ حسنين مخلوف، وفي ذات الوقت يعد والد الشيخ مخلوف خال السيد فوزي عبد الحافظ، كما أن السيدة كوثر مخلوف تعتبر خالة الدكتور كمال أبو المجد.
التحق بالأزهر طالبًا وهو في الحادية عشرة من عمره، وتلقى دروسه في مختلف العلوم على كبار الشيوخ، وكان منهم والده الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي ومحمد الطوخي ويوسف الدجوي ومحمد بخيت المطيعي وغيرهم، ثم حصل على شهادة العالمية بتفوق في يونيه سنة 1914م ولم يجاوز الرابعة والعشرين من عمره.
في الأزهر سمت به همته إلى طلب العلم ومصاحبة العلماء وثابر على القراءة والتحصيل حتى استوى عالمًا يشار إليه، ومصلحًا يُعهد إليه بجلائل الأعمال، فتولى إنشاء المكتبة الأزهرية، وجمع لها الكتب المبعثرة في المساجد، وصنفها وفهرسها، وكان أول مفتش للعلوم بالأزهر والمعاهد الدينية، وأصغر الأعضاء في المجلس الأعلى للأزهر الذي يشرف على أعمال الأزهر ويتولى توجيهه ووضع سياساته، واختير وكيلًا للجامع الأزهر.
عين الشيخ بعد تخرجه عُين قاضيًا بالمحاكم الشرعية سنة 1916م، ثم انتدب للتدريس في قسم التخصص بمدرسة القضاء الشرعي لمدة ثلاث سنوات، ثم عُين نائبًا للمحكمة العليا الشرعية، وعُين عضوًا بجماعة كبار العلماء بالأزهر سنة 1948م.
كما عين مخلوف مفتيا للديار المصرية مرتين، الأولى في الفترة من من 3 ربيع الأول سنة 1365 هـ الموافق 5 يناير سنة 1946م وحتى 20 رجب سنة 1369 هـ الموافق 7 مايو سنة 1950م والثانية في مارس سنة 1952م وحتى ديسمبر سنة 1954م.
وبعد خروجه من منصب الإفتاء عمل رئيسًا للجنة الفتوى بالأزهر الشريف مدة طويلة.
وفي سنة 1915 اختلف مع السلطان حسين كامل في بعض الشؤون الأزهرية وأصر على رأيه فيها فعز ذلك على السلطة فأقصي عن وظائفه الإدارية، فسري عنه كثيرًا وأقبل على التدريس فكانت دروسه كل يوم بمسجد محمد بك أبي الذهب حافلة جامعة عظيمة يحضرها العلماء وكبار الطلاب من الأزهر وغيره، في حين كان يقدمه الخديوي عباس حلمي الثاني ويأخذ برأيه.
للشيخ الراحل عدد من المؤلفات منها "آداب تلاوة القرآن وسماعه، المواريث في الشريعة الإسلامية، وشرح البيقونية في مصطلح الحديث".
كما كان له دور في تحقيق بعض الكتب، مثل" الحديقة الأنيقة في شرح العروة الوثقى في علم الشريعة والطريقة والحقيقة لمحمد بن عمر الحريري، شرح الشفا في شمائل صاحب الاصطفا للملا علي القاري، وهداية الراغب بشرح عمدة الطالب لعثمان بن أحمد النجدي".
كان الشيخ محل تقدير واحترام لسعة علمه وشدته في الحق، وعلى الرغم مما ألمّ به في مصر من بعض التضييق، فإن الدولة قبل الثورة وبعدها نظرت إليه بعين التقدير لجلائل أعماله في الدعوة والقضاء والإفتاء، فمُنح كسوة التشريفة العلمية مرتين: الأولى وهو رئيس لمحكمة طنطا، والأخرى وهو في منصب الإفتاء، كما نال جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية سنة 1402 هـ / 1982م، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وامتد تكريمه إلى خارج البلاد، فنال جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام سنة 1403هـ / 1983م.
طالت الحياة بالشيخ حتى تجاوز المائة عام، قضاها في خدمة دينه داخل مصر وخارجها، حيث امتدت رحلاته إلى كثير من البلاد العربية ليؤدي رسالة العلم، ويلقي دروسه، أو يفتي في مسائل دقيقة تُعرض عليه، أو يناقش بعض الأطروحات العلمية في الجامعات، وظل على هذا النحو حتى لقي ربه في 19 رمضان 1410 هـ الموافق 15 إبريل 1990م.