الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

التفاصيل الكاملة لأزمة مصنع سماد طلخا بالدقهلية.. مخاطر التلوث تهدد حياة المواطنين وتقضي على الزراعات.. ورئيس الشركة يتهم المحافظ بالوقوف خلف القرار لمصالح شخصية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حلقت أزمة مصنع سماد طلخا بمحافظة الدقهلية فى الأفق عقب إعلان مجلس الوزراء، برئاسة المهندس شريف إسماعيل، قارا إغلاق شركة الدلتا للأسمدة والصناعات الكيماوية "سماد طلخا"، بعد الشكاوى المتكررة من المواطنين بانبعاث كثيف للنشادر وتعرض المواطنين للاختناق مما دفع مجلس الوزراء إلى اتخاذ قرار بغلق مصادر التلوث في المصنع ووقف انبعاث غاز "الأمونيا"، ومنح إدارة المصنع شهرين فقط لاتخاذ الإجراءات العاجلة لإصلاح صمامات وحدة حامض النيتريك.

بدأت ازمة شركة الدلتا للأسمدة حينما قررت الحكومة في الستينيات من القرن الماضي إقامة شركة الدلتا للأسمدة الكيماوية داخل الكتلة السكنية بمحافظة الدقهلية بدلا من مكانه القديم بمحافظة السويس في قرية ميت عنتر التابعة لمدينة طلخا، بعد أن تخوفت الحكومة من استهدافة من العدو في ذلك الوقت.
وانطلق المصنع عام 1975 ليتحول إلى قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار فى أي وقت نظرا لاحتوائه على مواد خطرة قابلة للانفجار فى أي وقت نتيجة احتوائها على خزانات أرضية، فضلا عن أضراره على الزراعات وبناءة على مساحة 400 فدان من أجود الأراضي الزراعية، وصولا إلى مرحلة الانهيار التى لحقت به مؤخرا وسط احتجاجات عمالية متتالية.

ويعد "سماد طلخا " أحد المصانع المملوكة للدولة المتخصصة فى إنتاج أسمدة اليوريا ليتحول الى كارثة بيئية، وتوقعات بانفجار قادم لا محالة بعد وقع عدة حرائق متتالية، وتوقف لعدد من الوحدات واتهام العمال رئيس مجلس الإدارة الحالية بالتخريب المتعمد للشركة مما تسبب في خسارة يومية بالملايين.
واتفق جميع المعنيين بشئون ألبية والزراعة على التأثر الشديد الناجم عن مصنع سماد طلخا نظرا لتواجده وسط الكلتة السكنية وانبعاث رائحة النشادر من حين إلى آخر بالهواء وتأثيرها الشديد على المواطنين فضلا عن الأثر البالغ على المزروعات نتيجة إلقاء مخلفات الصرف الصناعى بمصرف ميت والذي ينتهي في النيل بمركز شربين ووجود ارتفاع لنسبة النترات بواقع 140 مليجرام بمخرج الصرف الصناعي بطلخا ( 1) وتزايد إلي 160 مليجرام بمخرج الصرف بطلخا (2) رغم أن الحد المسموح لا يتعدى 40 مليجرام فقط.

وكشفت عدة مذكرات صادرة لإدارة البحوث الزراعية عن مدى تأثر المزروعات بسبب زيادة نسبة الحامض بوحدات المصنع وبثه يوميًا في الهواء الجوي 8 آلاف و832 مترًا مكعبًا من الأكاسيد النيتروجينية عالية السمية مما يؤدي الى سحب الأكسجين من الجو المحيط مما يؤثر على سائر العمليات الحيوية داخل أجساد البشر والحيوانات ويقود لقصور في الوظائف الحيوية.
وكشف مصدر بجهاز شئون البيئة بإقليم شرق الدلتا، أن إنشاء مصانع البتروكيماويات وسط الكتل السكانية يجب أن يتم بمزيد من الدراسة والنظر إلى مستقبل أجيالنا ومراعاة أهمية السعى إلى التنمية الاقتصادية، وخاصة أنها من المصانع المربحة جدا لأى دولة، مؤكدا بلادا كثيرة مثل الهند وباكستان لا يتم فيها إنشاء أى مصانع أسمدة إلا على بعد لا يقل عن 80 كم من المناطق السكنية، ونحن لسنا أقل من هذه الدول فى الحفاظ على حق أجيالنا والتخطيط لمستقبلنا. 

وأشار إلى أنه يجب أن يتم التخطيط العلمى الدقيق لموقع تلك الصناعات، حيث إنها حسب التصنيف العالمى للبيئة من ضمن القائمة السوداء بسبب عوامل كثيرة كمخلفاتها ونفاياتها الصناعية أو بسبب خطورة تخزين آلاف الأطنان من الأمونيا أو النترات القابلة للانفجار.
لم يختلف حال المزارعين عن الرأي البيئي والعلمي من خطورة المصنع فيقول عبدالعزيز محمد، من أهالي قرية ميت عنتر القريبة من المصنع أن وحود المصنع أصبح خطر داهم يراودنا في الصباح والمساء بعد ان تسببت ملوثاته في تلف المزروعات وسقوط المطر الحمضي في الشتاء الذي تسبب في بوار بعض الأراضي بالقرية.
أما على السعيد، من سكان القرية، فأكد أن بعض الأهالى عند إنشاء المصنع فرحوا بتواجده بعد وعود مسئولي الشركة في ذلك الوقت بتعيين أبناء القرية، إلا أنه بعد الإنشاء ومرور الوقت فوجئنا بملوثاته التى تسببت في إصابة العديد من الأهالي بالأمراض الرئوية نتيجة الغازات الضارة المنبعثة مما جعل بعض الأهالى يتقدمون بدعاوى قضائية ضد المصنع طالبوا فيها بصرف تعويضات لهم، إلا أن شركة الدلتا استعانت ببعض التقارير لتؤكد أكد أن المصنع ليس مسئولا عن مرضهم.

عادت الأزمة من جديد بعد حضور الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة، السبت الماضي إلى محافظة الدقهلية، وعقده عدة اجتماعات مع الدكتور أحمد الشعراوي، محافظ الدقهلية وعدد من أعضاء مجلس النواب، وقيادات شركة سماد طلخا، لمناقشة تقارير الانبعاثات عن 8 شهور ماضية، تبدأ من سبتمبر 2017 وحتى الآن، وبعدها تم عقد اجتماع بحضور اللجنة المشكلة من البيئة والصحة والمصنع والمحافظة لدراسة التقارير ليخرج الوزير مسرعا نحول رئاسة مجلس الوزراء ويجتمع بالمهندس شريف إسماعيل لشرح الأزمة كاملة والأضرار التي يتسبب بها المصنع وحاجاته لأكثر من 120 مليون يورو لإعادة إحلاله وتجديده.
فور إعلان قرار الإغلاق سادت أزمة غير متوقعة وصلت إلى حد الصدام بين محافظ الدقهلية الدكتور أحمد الشعراوي، والمهندس نبيل مكاوي، رئيس مجلس إدارة الشركة، والذي اتهم محافظ الدقهلية، بأنه وراء الضغط على وزير البيئة ورئيس مجلس الوزراء لإغلاق المصنع من أجل مصالح شخصية قائلا" طلب مني حاجات شخصية.. وعاوز عربية وأنا منفذتش طلباته".
وأضاف مكاوي، أن قرار رئيس الوزراء بإغلاق المصنع سيسبب كارثة لم يتخيلها أحد، مشيرا الى انه فى حال توقف المصنع لن يعود للعمل مطلقا مرة أخرى لأسباب فنية.
وأوضح رئيس مجلس إدارة الشركة، أن قرار رئيس الوزراء مغاير لما جرى خلال لقاء الدكتور خالد فهمي، وزير الييئة، وممثلي جهاز شئون البيئة والصحة، السبت الماضي بديوان عام المحافظة، مشيرا الى ان كافة المؤشرات أثبتت عدم وجود ضرر على صحة الإنسان، وان ما حدث فى الآونة الأخيرة زيادة فى مؤشرات القياس وجرى التعامل معها وتداركها.
على جانب آخر أعلن محافظ الدقهلية فى بيان له، مساء اليوم، الإيقاف الإداري والكلى لوحدة إنتاج اليوريا بمصنع سماد طلخا لتجاوز الانبعاثات الحدود المسموح بها قانونا مع عدم المساس بأجور العاملين بالمصنع.
وقال الشعراوي، في بيانه، إن أصدر القرار رقم 308 لسنة 2018 والذي تضمن الوقف الإداري لوحدة إنتاج اليوريا بشركة الأسمدة للصناعات الكيماوية بطلخا إيقافا كليا دون المساس بأجور العاملين بها وذلك لحين اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتوفيق الانبعاثات الغازية لغاز الأمونيا الصادرة عنه للحدود المسموح بها قانونا.
ووجه محافظ الدقهلية، جميع الأجهزة والجهات المختصة تنفيذ القرار المشار إليه كل فيما يخصه وأن يتم العمل به اعتبارا من تاريخ صدوره إلا أن لجنة من مجلس مركز ومدينة طلخا بقيادة المحاسب عثمان السيد، رئيس المدينة، وهاني سليمان، نائب رئيس المدينة ومسئولي جهاز شئون البيئة قد انتقلوا إلى مقر الشركة لتنفيذ قرار الغلق الإداري إلا أن العشرات من عمال الشركة قد منعوا دخولهم، ورفضوا تنفيذ القرار، ونظموا احتجاجية كبرى داخل الشركة، مطالبين بإقالة رئيس مجلس الإدارة وسرعة التدخل لإنقاذ المصنع من أزماته المتكررة وإعادة تشغيله باعتباره أحد الأصول المملوكة للدولة.