الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أمل دنقل.. أمير شعراء الرفض

أمل دنقل.
أمل دنقل.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"المجد للشيطان.. معبود الرياح
من قال لا في وجه من قالوا نعم
من علم الإنسان تمزيق العدم
من قال لا.. فلم يمت
وظل روحا أبدية الألم"..
هكذا يعلن الشاعر أمل دنقل الذي تمر اليوم 21 مايو ذكرى وفاته، رفضه الشعارات المزيفة التي انجذب لها الكثيرون في ثورة يوليو 1952، فقد كانت الثورة أمل جموع الشعب الكادح الفقير، فقد كان أمل منتبها لتلك الأخطاء التي وقعت فيها الثورة وكان يبحث عن الحرية الحية لا شعاراتها فرفض الحرية المزعومة وفتح أبواب السجون. 
استوحى أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربي، مخالفا لمعظم المدارس الشعرية في خمسينيات القرن الماضي، وقد كان السائد في هذا الوقت التأثر بالميثولوجيا الغربية عامة واليونانية خاصة. عاصر أمل دنقل عصر أحلام العروبة والثورة المصرية مما أسهم في تشكيل نفسيته وقد صدم ككل المصريين بانكسار مصر في عام 1967 وعبر عن صدمته في رائعته "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" ومجموعته "تعليق على ما حدث"، فيقول:
قلت لكم مرارا 
إن الطوابير التي تمر.. 
في استعراض عيد الفطر والجلاء 
(فتهتف النساء في النوافذ انبهارا)
لا تصنع انتصارا. 
إن المدافع التي تصطف على الحدود، في الصحارى 
لا تطلق النيران.. إلا حين تستدير للوراء. 
إن الرصاصة التي ندفع فيها.. ثمن الكسرة والدواء: 
لا تقتل الأعداء 
لكنها تقتلنا.. إذا رفعنا صوتنا جهارا 
تقتلنا، وتقتل الصغارا !
واستمرارا للرفض الذي صار منهج حياة بالنسبة لأمل دنقل فقد رفض معاهدة السلام، ووقتها أطلق رائعته "لا تصالح" والتي عبر فيها عن كل ما جال بخاطر كل المصريين فقال: 
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
واستمر تأثير تلك المعاهدة وأحداث شهر يناير عام 1977م واضحًا في مجموعته "العهد الآتي". 
كان موقف أمل دنقل من عملية السلام سببًا في اصطدامه في الكثير من المرات بالسلطات المصرية وخاصة أن أشعاره كانت تقال في المظاهرات على ألسن الآلاف.
أصيب امل دنقل بالسرطان وعانى منه لمدة تقرب من ثلاث سنوات وتتضح معاناته مع المرض في مجموعته "أوراق الغرفة 8" وهو رقم غرفته في المعهد القومي للأورام والذي قضى فيه ما يقارب الأربع سنوات، وقد عبرت قصيدته السرير عن آخر لحظاته ومعاناته، وهناك أيضًا قصيدته "ضد من" والذي قال فيها:
ضِدُّ منْ.. ؟
ومتى القلبُ - في الخَفَقَانِ – اطْمأَنْ؟!
بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء..
الذينَ يرون سريريَ قبرا
وحياتيَ.. دهرا
وأرى في العيونِ العَميقةِ
لونَ الحقيقةِ
لونَ تُرابِ الوطنْ!
رحل أمل دنقل يوم السبت الموافق 21 مايو عام 1983م لتنتهي معاناته مع كل شيء.